خطاب البحر الميت

في كلام فخامة الرئيس عواطف صادقة، أداءه في الآونة الأخيرة يَنِمُ عن أبوةٍ راعية، قد يحلو للبعض القول لقد فرضتها عليه سنين العمر الثلاثة والثمانون الماضية.

فخامته إستطاع في خطاب القمة أن يخاطب قادة العرب و شعوبهم (ممن تسمر منهم صدفة أمام شاشات التلفاز) و يتميز، فهو رئيس جمهورية عانت الأمرين من تناحر أبنائها ومازالت تعاني من إقتتال وتقاتل جيرانها وأشقائها.

سيادته عن قصد أو من دون قصد، حيّد الدولة ونأى بها عن التجاذبات والتفاهمات والتحالفات الداخلية والإقليمية والدولية، في وقتٍ إنخرط بها( أي لهذه التجاذبات والتحالفات) عن قصد أو من دون قصد أيضاً الرؤساء الخمسة السابقين.

إقرأ أيضاً: لبنان يحضر القمة العربية ومساعٍ لتطويق «رسالة الرؤساء الخمسة»

مفردات خطاب البحر الميت لن يرضى عنها التابعين و يقيناً هي ستغضب قادة المحاور الموالين، لكنها عند كثيرين كلمات رئيسة تثلج قلوب العديدين ممن سئموا لعبة تسجيل النقاط التي يبرع بها بعض كثير من ساسة البلد المحنكين وتشتد عندهم في الإستحقاقات ويمارسونها دجلاً على الناس الطيبين.

إقرأ أيضاً: القمة العربية اختتمت ولبنان نجا من قطوع احراج حزب الله

هذا ما يسجل للرئيس عون، أما ما يسجل عليه فهو خطابه العرب بلغتهم، هو على ما يبدو أخطأ عندما خطى كلماته بأبجديتهم وإنتهى منها بتحيتهم، كان عليه أن يقول ما قاله باللغة الإنجليزية أو الفرنسية، كان عليه أن يستخدم ما اعتادوا على سماعه منذ عهود، كان عليه أن يستعين بأدوات النهي والطلب و أساليب الأمر الدولية الشمالية، وهو أمر أثبتت فعاليته بالتجربة، كان عليه أن لا يختم كلامه إليهم بالسلام عليهم لأنه لن يأتي إلا إذا إستبدلهم الله بآخرين خير منهم، عليه وهو :المسيحي أن يخاطبهم بدينه وتعاليمه، عليه أن يتلوا عليهم رسالة بولس الرسول إلى اهل كولوسي:

” وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وكونوا شاكرين. يا ليته ذكرهم بكلام العهد القديم الآية 8 من المزمور الخامس والثمانون و فيها ” إِنِّي أَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ اللهُ الرَّبُّ، لأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ لِشَعْبِهِ وَلأَتْقِيَائِهِ، فَلاَ يَرْجِعُنَّ إِلَى الْحَمَاقَةِ. و ليختم اللقول ب “وَليَكُونُ صُنْعُ الْعَدْلِ سَلاَمًا، وَعَمَلُ الْعَدْلِ سُكُونًا وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ.”اش17:32”

السابق
اندلاع حريق كبير في مبنى في الأشرفية وإخلاء السكان
التالي
القضاء اللبناني يغرّم زياد الرحباني.. والسبب جعجع!