تكيّف الطبقة الوسطى الإيرانية: إنذار خطير للسلطة في طهران

تقول الباحثة الإيرانية أميرة مسناوي أن المجتمع الإيراني لن يستكين لواقعه الذي فرض عليه بعد الثورة الإيرانية الخمينية، ودائماً ما يعود لتحرير نفسه بالإستناد إلى وسائل خاصة تناهض السلطة.

تقول الباحثة الإيرانية أميرة مسناوي أن الثورة الإيرانية التي قادها روح الله الخميني كانت نتيجة اشتباكات صامتة داخل المجتمع الإيراني، بين التقليد والمعاصرة، وتيارات دينية وعلمانية وسلطة الإستبداد وديناميكية الإيرانيين الساعيين إلى الديمقراطية.

في قراءة حول الصراع الصامت المستجد في المجتمع الإيراني والذي إنفجر جزء منه عام 2009 تحت لواء “الثورة الخضراء”، تقول مسناوي في دراستها المقدمة في مركز “middle east eye”، ان الحراكات الإجتماعية في إيران تأتي نتيجة لتراكم الإنتهاكات الفظيعة التي قام بها الشاه رضا بهلوي وقواته الأمنية.

حلم الشعب بتحقيق الحرية والمساواة والعدالة خفت بعد صعود الأصولية الإسلامية إلى السلطة، ولكن المجتمع الإيراني رغم تسويته مع السلطة الحاكمة غير انه لم ينكفء بحسب الباحثة عن تصوير حقيقة قدرته على التكيّف مع الظروف والإلتفاف حولها.

تتناول الباحثة الإيرانية، النتائج السلبية للعقوبات التي فرضتها اميركا وعدد من الدول الأوروبية على إيران، بحيث أنها كانت تؤثر سلباً على المجتمع الإيراني، ومن بين تلك العقوبات، فرض حظر على شراء النفط الإيراني، ما ادى إلى تراجع شراء المنتوجات الإيرانية.

وأنتجت هذه العقوبات نتائج سلبية بعيدة المدى، كإرتفاع تكلفة الطبابة، وتراجع الصناعات، وإجبار الإيرانيين على ركوب الطائرات المدنية الإيرانية غير المجهزة بالوسائل الحديثة والمهددة بالسقوط. وفقد جزء كبير من الإيرانيين ثرواتهم نتيجة ثورة الخميني، وإستمرت آلية إنحسار الطبقات الوسطى إلى ما بعد الثورة، وإستفاد الثيوقراطيون أصحاب الخطاب العدائي ضد الغرب من تلك القيود التي سمحت لهم بإنتهاك حقوق الإنسان وممارسة عنف الدولة المنظم وخفض الاجور وغتباع سياسات التقشف بحجة العقوبات.

إقرأ أيضاً: استياء شديد في إيران بعد نشر صور الفقر

تقول اميرة مسناوي أن الطبقات الوسطى في إيران تمكنت من التكيف، رغم إنعدام فرص تعاملها مع البنوك الاجنبية، فإستفادوا من الخدمات المقدمة لهم من قبل البنوك الإماراتية والتركية لإجراء معاملاتهم التجارية، وتعلموا سبل إقتصادية جديدة، وقد إنتعشت السوق السوداء في إيران، وتفاقم تدهور العملة الإيرانية، فكان الإيرانيون يلجأون إلى إستبدال مجموع ما يجنوه من عملة إيرانية إلى أحجار كريمة وذهب.

تعيش الطبقة الوسطى الإيرانية على الاثار المترتبة عن الحرب والعقوبات والتلويح بالمزيد من الصراعات، وفشلت شرائح إجتماعية ضخمة في المشاركة بالإصلاح، ولكن “إيران وضعها يشبه بقية دول الشرق الأوسط” التي تعاني من عدم إستقرار إقتصادي وإجتماعي وسياسي.

ولم يتوانى الإيرانيون عن المراوغة السياسية رغم القيود المفروضة على حياتهم، وتضيف الكاتبة، خلال فترة صراع السلطة الايرانية مع أميركا إستطاعت مجموعة من النساء إنجاز حراكهن عبر رفض الحجاب الإسلامي التقليدي المتمثل بالـ”شادور”، وظهرت المناديل كبديل عن اللباس الإسلامي التقليدي، وتسعى مجموعة من الإيرانيات إلى تعميم تجربتهن عبر مواقع التواصل الإجتماعي من خلال تداول صور لهن وهن ينزعن المنديل، وبحسب الدراسات فان اللواتي تمكنْ من نزع حجابهن رغم القيود الدينية، ينتسبن إلى الطبقة الوسطى.

إقرأ أيضاً: إيران وروسيا يمدان حزب الله بالصواريخ و#إسرائيل_خائفة

وتبدي الطبقات الوسطى في إيران ميولاً للتعبير عن ظروفهم الإجتماعية والإقتصادية والإفصاح عن اراءهم السياسية عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتحاول الحكومة الإيرانية تشديد عقوباتها على تلك الوسائل التي تتيح للإيرانيون التواصل مع بعضهم البعض وتوسيع مشاركتهم الثقافية وتقليص عزلتهم عن الخارج.

تقول الباحثة أن الطبقة الوسطى في إيران تميل إلى تكوين حركات ثقافية التي تشكل اخطر حلقة بوجه السلطة الدينية في إيران، بحيث لم يتمكن رجال الدين كسر “تعلق الإيراني بأصوله” الزاخر بالفن والعمارة والموسيقى والشعراء. لذلك تقول الكاتبة إن افراد الطبقة الوسطى يميلون للموسقى والفن والكتابة والتدوين كفعل “مقاوم لظروفهم”.

السابق
من هو قاسم تاج الدين؟
التالي
بالفيديو: هكذا اعتدى عناصر سرايا المقاومة على قواتي