الصوم بين المسيحية والإسلام في المجمع الثقافي الجعفري

هل يشترك المسيحيون والمسلمون في مسألة الصيام؟ كيف شرح كل من المونسنيور سعيد سعيد والعلامة محمد حسين الحاج الفروقات؟

اتفق المسلمون والمسيحيون على وجوب الصوم الذي فرضته الأديان كافة، والذي يهدف الى تهذيب النفس، والابتعاد عن شهوة الجسد، والتعاطف مع الفقراء.

هذا هي خلاصة ما أكده كل من المونسينيور سعيد سعيد، والعلامة محمد حسين الحاج  في الندوة التي دعا اليها المجمع الثقافي الجعفري، للحديث عن الصوم عند المسيحيين، حيث قدّم المحاضرين الإعلامي نسيب شمس. ولكون الصوم واجب عند اتباع الديانتين السماويتين، ولمناسبة صوم المسيحيين، واقتراب شهر رمضان عند المسلمين، ارتأى المجمع الثقافي الجعفري ان يُطلق برنامجه الثقافي لهذا الموسم بهذه الندوة التقريبية الحوارية.

إقرأ أيضا: «الحركات الإسلامية والوجود التكفيريّ» في المجمع الثقافيّ الجعفريّ

فقد اعتبر المونسنيور سعيد سعيد رئيس المركز الماروني للابحاث والتوثيق سابقا، ان “الصيام في الكنيسة الكاثوليكية، وفي الكنيسة المارونية التي انتمي اليها بالاخص، هو من الناحية التاريخية يعود الى تقليد جاء في القرنين الرابع في القرن والخامس الميلاديين، فينسبون الى الرسل الصيام الأربعيني الذي يسبق عيد قيامة الرب من بين الأموات، اوالعيد الكبير او الفصح بينما ينفي البعض الآخر من المؤرخين ان يكون الصيام الكبير قد سرى قبل القرن الرابع في البداية كان الصوم إسبوع الآلام، اوالاسبوع الذي يسبق الجمعة العظيمة لآلام الرب يسوع وقيامته، متواصلا لتتميم كلمة الرب بحسب انجيل لوقا”.

وتابع سعادة المونسنيور بالقول “في الكنائس الآتية من الوثنية كان الصوم أصله 40 ساعة من مساء الجمعة العظمية الى صباح أحد القيامة. ولا تزال تسميه الكنائس الشرقية “الطواء”، فالصائم يطوي كل الفترة الممتدة من موت الرب على الصليب، ومن ثم دفنه الثلاثي الأيام التي فيها احتجب عن البشر حتى صباح يوم ظهوره على النسوة قائما من القبر”.

“اما في الكنائس الآتية من اليهود، فالصوم ينطلق مع نهار الاثنين المقدس على اعتباره يوم تآمر الفرّيسين لقتل يسوع، خاصة ان العهد القديم كان يأمر اليهود طيلة الاسبوع السابق لفصحهم بأكل خبز “الضيق”.

وأكد سعيد “يبدأ الصوم في اليوم الخمسين قبل أحد الفصح أي في الكنيسة المارونية يوم إثنين الرماد بينما يبدأ في الكنيسة اللاتينية يوم الأربعاء الذي يليه. ولما كانت الآحاد معفيّة من الصوم كان الصوم اللاتيني لأربعين يوما”.

و”اما غاية الصوم كما يقول القديس اوغسطين ان تصعد صلاتنا الى السماء، اذ نمنحها جناحين هما الصوم والصدقة. ولمفهوم الصوم نواحي أربعة أولها جسدية، وثانيها روحية اذ الصوم هو قوت النفس وغذاء الروح ويعطي الخلاص والتكفيرعن الخطايا، فيصبح مع الصلاة والاماتات الطريق المختصر للوصول الى السماء”.

“اما الناحية الاجتماعية فهوالتصدّق على كل المحتاجين، الى الانسان الجديد، فبالصوم نعد الذات للعبور مع المسيح الرب في فصحه من حالة الخطيئة الى حالة النعمة، من الانسان العتيق الى الانسان الجديد”.

بالمقابل، قال العلامة الشيخ محمد حسين الحاج، رئيس المجمع الثقافي الجعفري، ان “الصوم انواع، وهو واجب في جميع الأديان منذ بدء الخليقة، ولم يعفِ الله المسلمين من الصوم، وتحدّث للقرآن الكريم عن الفرحة التي يشعر بها الصائم، علما انيّ كمسلم صائم لا افرح عندما أفطر. وللتوضيح اعتقد ان مغزى الآية هو ان أكون مع الآخر لأجل نفسي، ولأجل الله تبارك وتعالى حيث أربيّ نفسي، ولأن يعيش الأنسان، من خلال الصوم، الفرحة مع الآخر”.

واعتبر العلامة الحاج ان “الصوم له فرحته، وهو لأني وان تبت عن الكذب والافتراء، الا ان فرحة الشعور بالآخر وفقره، هو معنى الصوم الحقيقي. وللصيام شروط هو صوم السمع والأبصار والفرج عن الحرام، وليس الصوم عن الطعام. وليس الصوم عن الطعام هو المقصود فعلا، فعندما يقوم الصائم بالعمل الحلال ويمتنع عن الحرام، هذا هو الصوم الحقيقي، لان الصوم هو امتناع عن الحرام”.

إقرأ أيضا: الشيخ علي قدور والمسلمون العلويون في المجمع الثقافي الجعفري

وأضاف سماحته، “الفرحة مقصود بها العمل الحلال والابتعاد عن الحرام، وليس الصوم عن الطعام الذي يصبح حلالا عند الافطار. اذن الصوم هو الصوم عن الفعل الحرام في الوقت الذي يمكنني ان اقوم به ساعة أشاء، لولا الخوف من عقاب الله. وكل طقس نقوم به هو في أساسه الدعوة الى الاخلاق الحسنة التي تربطنا بالله تعالى”.

واختتمت الندوة بسلسلة مداخلات واستيضاحات حول الصوم المسيحي، وجهها الحضور الى المونسنيور سعيد.

السابق
«حزب الله» والزواج المبكر
التالي
ديما صادق تناهض نصرالله وتنتقد الخامنئي: لا لزواج القاصرات