الأمُ.. رحمٌ ومنزلٌ وأطفالٌ لا يُغادرون

لم تكن المرأة سوى الجامع، والجَمعة، والمجموع. هي الرحم الخارجي بعد الولادة حيث تلّم فلذاتها في منزلها البرانيّ.

اليوم هو يوم فرح للامهات، لكن أية أمهات؟ سؤال قد يؤرق العديدات والعديدين منّا. فالجميع اليوم في معمعة الاحتفال والتسوّق وابتياع الهدايا، والتعليق على الفايسبوك والتويتر.

الجميع منهمك بالرسائل الصوتيّة والخطيّة الى أمّ ما تخصّه. الا ان ثمة مجموعة كبيرة من الحُزناء الذين لا يعني لهم هذا اليوم، أي الواحد والعشرين من آذار، سوى يوماً للتعاسة والبكاء.

إقرأ أيضا: الصورة الأكثر إنتشاراً – عيد الأم: حذاء ابنها الشهيد ..مزهرية

لن اسرد فئات الفرحين والسعداء، لأنهم ملأوا الشاشات وعبّروا عن فرحهم في احتلال الشوارع، والمحال التجارية، ومحال الزهور.

لكن سأعبّر عن فئة المُغيبّين والمُغيّبات عن فرح هو حق لهم. إنهم كثر، وأولهم الايتام والنساء من غير الامهات، والعازبات الوحيدات، وأمهات الشهداء، وما أكثرهن. اضافة الى امهات الاسرى والغائبين والمهاجرين.

وأقسى من يمكن ان يعيش هذه المعاناة هن من أعرف جيدا معاناتهن، إنهن النساء اللواتي تزوّجن وحُرمن معنى الأمومة. بالطبع، لست أبخّس بمعاناة أمهات الأسرى، والشهداء، والجرحى، والمعوّقين، والغائبين، لأنهن بالنهاية أمهات عشنّ لحظة الولادة، وعاطفة الأمومة، ولو لأيام أو ساعات.

أما اللواتي لم يَحظين بنعمة الإنجاب والولادة فلا بأس أكبر من بأسهن. فحتى امهات المُجرمين بالنسبة لهن محسودات. والامهات المتروكات في مآوي العجزة لسن بأسوأ منهن.

المرأة الأنثى، والتي لم تلد طفلها، هي شجرة تحمل ثمرا للزينة، هي وردة تذبل مع الخريف دون ان تُعطي وتمنح قلبها العطوف لمن يجلس تحت أوراقها ويتفيأ بظلها.

هي شجرة بريّة جميلة يركن إليها العابرون الى الطرق البعيدة، يتظللون بها، لكنهم ما يلبثون ان يرحلوا عنها الى منازلهم الآمنة. إنها التي تُنادي على المارّين أنْ تعالوا الى حضنيّ أنا أفيّأكم. تستجدي حبّا وحنانا من الآخرين، من أطفال يلعبون الى جنبها، لكنهم لا ينامون في حضنها، وليسوا بأطفالها.

إقرأ ايضا: من قصص الملحمة السورية: أيّهما أحبّ إليكِ جنينك أم بصرك؟

إنها الملعب، والمأكل، والملهى، لكنها ليست المنزل.. لانهم لم يخرجوا من رحمها الذي هو أقرب ما يوصف بالمنزل والمأوى.. إليك يا سيدتي الحزينة أهدي سلاميّ، لأنك المحرومة، ولأنك الشجرة التي قٌطع جذرها، قد يكون فلاحاً أرعنا لم يراع ألمها. وقد يكون القدر الآثم بحقها، وقد يكون العقاب الذي لا عقاب فوقه.

السابق
إسرائيل: معلوماتنا أن حزب الله إغتال بدرالدين
التالي
أحزاب لم تقرأ الطائف