أحزاب لم تقرأ الطائف

يبدو أن الأحزاب اللبنانية خصوصاً السلطوية منها، والتي تعلن صباحاً ومساء التزامها اتفاق الطائف وتدعو إلى تنفيذ جميع بنوده بالكامل، لكنها لم تقرأ جيداً ما نصت عليه بنوده بما خص قانون الانتخاب وما يستدعي من إجراءات وخطوات.

لقد نص اتفاق الطائف على ضرورة تشريع قانون انتخابي حديث خارج القيد الطائفي وبدوائر واسعة، وربط ذلك بإنشاء مجلس للشيوخ يضم ممثلي الطوائف اللبنانية، إلا أن معظم مشاريع الأنظمة الانتخابية المقدمة من معظم الأحزاب يتناقض مع نصوص اتفاق الطائف. وأن مشاريعهم تأخذ بعين الاعتبار المصالح الضيقة لكل حزب من الأحزاب السلطوية.

اقرأ أيضاً: من أجل ديمقراطية العملية الانتخابية: المطلوب هيئة مستقلة

النظام المختلط
شكل النظام الانتخابي المقترح من “تيار المستقبل”، و”حزب القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” مختلط ويشير إلى 26 دائرة تعتمد النظام الأكثري وحسب قانون الستين وست دوائر على أساس النظام النسبي أي المحافظات التقليدية مع تقسيم جبل لبنان إلى دائرتين، على أن ينتخب 68 نائباً وفقاً النظام الأكثري و60 نائباً وفق النظام النسبي، على أن يتراوح عدد مقاعد الدائرة التي يجري الانتخاب فيها على أساس نسبي ما بين 7 و11 نائباً، ويلحظ المشروع وجود كوتا نسائية 20% في اللوائح الخاضعة للنظام النسبي فقط.
ويتقاطع هذا الاقتراح مع الاقتراح المقدم من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يقترح 64 نائباً للنظام الأكثري و64 نائباً وفق النظام النسبي، لكن اقتراح برّي لا يتضمن كوتا للنساء.
وتعلق “الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات” على هذه المشاريع بأن المقترح من قبل الأحزاب الثلاثة الأولى ومن الرئيس بري لا يؤمن دقّة وعدالة التمثيل ولا يؤمن دينامية التغيير بحدها الأدنى ولا يساهم في الإضعاف من حدة الزبائنية السياسية ولا يساهم في تحويل الانتخابات من تصويت للأشخاص إلى تصويت للأفكار وللبرامج السياسية. ولا يؤمن المساواة بين الناخبين (مساواة في حجم الدوائر وبقيمة المقعد) ولا يحدّ من الخطاب السياسي المتعصب.

اتفاق الطائف
النظام الأكثري
وهو النظام الذي نص عليه قانون 25/2008 المعروف بقانون الستين. وهو النظام الذي يقسم لبنان إلى 26 دائرة انتخابية ومن ضمنها بيروت 3 دوائر. وهذا القانون المعمول به حتى الآن تغيب عنه الكوتا النسائية، ويؤمن كوتا طائفية ومناطقية.
واللوائح في الدوائر المقترحة هي عبارة عن تحالفات سياسية والترشح فيها إفرادي. وهذا القانون الذي ما زال نافذاً، لا يؤمن دقة وعدالة التمثيل ولا يفسح في المجال لأي دينامية للتغيير ولا يساهم في الإضعاف من حدة الزبائنية السياسية والتصويت من خلاله للأشخاص وليس للبرامج ولا يؤمن المساواة بين المواطنين ولا يحد من الخطاب السياسي التعصبي.
من جهة أخرى اقترح حزب الكتائب اللبنانية نظاماً انتخابياً أكثرياً يلحظ الإبقاء على 128 مقعداً ويتضمن 102 دائرة فردية و11 دائرة في المدن اللبنانية الكبرى بيروت (18 مقعداً)، وطرابلس (7 مقاعد) وصيدا (مقعدان). ويقترح حزب الكتائب أن للناخب من أي مذهب كان الاقتراع للمرشح في دائرته سواء من مذهبه أم لا، وعلى كل ناخب في كل دائرة أن يصوت لمرشح واحد لملء مقعد واحد.
وترى الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات أن هذا النظام المقترح يؤمن دقة وعدالة التمثيل، ويفسح في المجال أمام دينامية التغيير بحدها الأدنى، لكنه لا يساهم في الإضعاف من حدة الزبائنية السياسية ولا يحول الانتخابات من تصويت للأشخاص إلى تصويت للبرامج، ولا يؤمن المساواة بين الناخبين ولا يحد من الخطاب السياسي التعصبي.

اقرأ أيضاً: سريّة الاقتراع تضمن حريّة التّعبير الانتخابي «لا تحدق بورقتي!»

النظام النسبي
ويبرر التيار الوطني الحر اقتراحه النسبية كنظام انتخابي لأن نسبة المشاركة في الانتخابات متدنية، وأن النسبية تشجع على المشاركة ولا يلغي أحداً. واقترح التيار أن يتم تكبير الدوائر الانتخابية ولحظ كوتا نسائية واشترط تشكيل الهيئة الدائمة للإشراف على الانتخابات ومراقبة الإنفاق الانتخابي.
وتضمن اقتراح الحزب الشيوعي اللبناني أن يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة وأن يتم الاقتراع خارج القيد الطائفي وأن النسبية هي النظام المقترح. ويقول الحزب إن هذا الاقتراح يخرج البلد من المناطقية ويدفع المواطنين لكسر العلاقة مع الطوائف وأن النسبية تتيح للجميع الوصول إلى مجلس النواب وأن اتفاق الطائف أعطى للطوائف الحق بالتمثيل عبر مجلس الشيوخ.
ويلتقي اقتراح الحزب الشيوعي اللبناني مع اقتراح الكتلة القومية الاجتماعية الذي وصف اللوائح الانتخابية بالمقفلة. ويقترح منع تأليف اللوائح من لون ديني أو طائفي واحد، وأن لا يتعاقب فيها مباشرة أسماء مرشحين من دين واحد أو طائفة واحدة، لكن هذا الاقتراح لا يتضمن كوتا نسائية.
وترى الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات أن اقتراحيّ الكتلة القومية الاجتماعية والحزب الشيوعي اللبناني يؤمنان دقة وعدالة التمثيل ويفتحان الباب أمام دينامية التغيير ويساهمان في إضعاف الزبائنية السياسية ويجعلان من الانتخابات تصويتاً للأفكار والبرامج السياسية وليس للأشخاص ويؤمنان المساواة بين الناخبين لكنهما لا يحدان من الخطاب السياسي المتعصب.

السابق
الأمُ.. رحمٌ ومنزلٌ وأطفالٌ لا يُغادرون
التالي
وبئس الناطور