من أجل ديمقراطية العملية الانتخابية: المطلوب هيئة مستقلة

في البلدان الديمقراطية تشرف هيئة مستقلة على إجراء الانتخابات وتضم في عضويتها أفراد لا علاقة لهم بالمواقع السلطوية، وليسوا مرشحين لأي مقعد من المقاعد النيابية، في حين جرت العادة في لبنان بأن تشرف وزارة الداخلية على الانتخابات ويمكن أن يكون على رأسها أحد المرشحين للمجلس النيابي، وهذا ما يؤشر إلى تضارب المصالح بين ترشحه وبين ضرورة أن يكون حيادياً في العملية الانتخابية.

من اجل تأمين حيادية واستقلال اقترحت الجهة المدنية للإصلاح الانتخابي ومعظم الهيئات والجمعيات الناشطة من أجل ديمقراطية العملية الانتخابية، إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات يكون من أهدافها:
تأمين حياد وإستقلالية منظمّي العمليّة الإنتخابية. وبناء ثقة الناخبين بنتائج العمليّة الإنتخابية. والمساهمة في تأمين تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين. وإيجاد جهاز دائم ومحترف يتخصّص في إدارة العمليّة الإنتخابية. لأن الإنتخابات لا تتحضّر في أيام وأشهر بل هي عمليّة مستمرّة ومتكاملة. ومن أجل ترسيخ تقليد من حياد وإستقلالية إدارة العمليّة الإنتخابية في لبنان.
من أجل كل ذلك من الضروري وجود جهاز مستقل (هيئة مستقلة) يقوم بـتنظيم وإدارة الإنتخابات والإشراف عليها ويعمل كمؤسسة منفصلة كلياً عن السلطة التنفيذيّة تحديداً وبقيّة السلطات ويتمتّع بإستقلال مالي وإداري (ذات شخصيّة معنويّة).

اقرأ أيضاً: الكوتا النسائية: لتضييق الفجوة بين الرجل والمرأة

تكوين الهيئة
* وقد اقترحت المنظمات المعنية أن تتكّون الهيئة المستقلة من 9 أعضاء، وتكون دائمة ومدة ولاية أعضائها 4 سنوات حيث يتم إعادة إنتخاب بعض أعضائها كل سنتين.
* أما الأعضاء فترشّحهم الأطراف التالية:
– يرشّح مجلس القضاء الأعلى ثلاثة رؤساء غرف سابقين في محكمة التمييز (ليكون واحدهم رئيس الهيئة)
– يرشح مجلس شورى الدولة ثلاثة رؤساء غرف سابقين في مجلس شورى الدولة (ليكون واحدهم نائب الرئيس)
– يرشح مجلس ديوان المحاسبة ثلاثة رؤساء غرف سابقين في ديوان المحاسبة (ليكون واحدهم عضواً في الهيئة)
– يرشح مجلس نقابة محامي بيروت ثلاثة أسماء لأعضاء سابقين في مجلس نقابة المحامين (ليكون واحدهم عضواً في الهيئة)
– يرشح مجلس نقابة محامي طرابلس ثلاثة أسماء لأعضاء سابقين في مجلس نقابة المحامين (ليكون واحدهم عضواً في الهيئة)
– ترشح نقابة الصحافة ثلاثة من أعضائها (ليكون واحدهم عضواً في الهيئة)
– ثلاثة اعضاء من المجتمع المدني ممّن لديهم خبرة في الشأن الإنتخابي
آلية عملها
وتم اقتراح آلية لإختيار أعضاء الهيئة وقُدم:
الخيار الأول:
ينتخب النواب بالإقتراع السرّي وبغالبية الثلثين على طريقة اللائحة الناقصة 6 من أعضاء الهيئة التسعة في الدورة الأولى ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الإقتراع التي تلي . بعد سنتين على تأسيسها يتم إعادة إنتخاب 4 أعضاء جددٍ يحلّون مكان الأعضاء الذين تم سحب أسمائهم بالقرعة، وأيضاً على طريقة اللائحة الناقصة 3 اعضاء من أصل 4، وبعدها بسنتين ينتخب النواب 5 أعضاء جدداً يحلّون مكان الأعضاء الخمسة المتبقين من الإنتخاب الأول، وبطريقة اللائحة الناقصة 3 أعضاء كحد أقصى من أصل 5. وهكذا دواليك تستمرّ عمليّة الإنتخاب كلّ سنتين لتغيير أعضاء الهيئة.
الخيار الثاني:
فينتخب مجلس النواب بالإقتراع السري وبأكثرية الثلثين في الدورة الأولى ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الإقتراع التي تلي، 5 أعضاء من “الهيئة” ضمن العدد المطلوب إنتخابه من قبل المجلس النيابي شرط أن يتم
إعادة عملية الإنتخاب لحين إكتمال العدد المنتخب من قبل المجلس على أن يكون التصويت محدوداً بثلاثة أصوات على الأكثر لكل نائب مقترع، وفي حال تعادل الأصوات بين المرشحين من كل فئة، يتم اللجوء إلى القرعة، أما عدد أعضاء “الهيئة” المتوجب إنتخابه من قبل المجلس النيابي:
– مجلس شورى الدولة (نائب الرئيس)
– ديوان المحاسبة
– 3 اعضاء من مرشحين المجتمع المدني.
ب- يختار مجلس الوزراء بأغلبية الثلثين رئيس “الهيئة” من مرشحي مجلس القضاء الأعلى بالإضافة إلى عضو من مرشحي نقابة الصحافة ونقابة محامي بيروت ونقابة محامي طرابلس ويكون تعيين أعضاء “الهيئة” من قبل الحكومة بالتصويت حكماً. بعد سنتين من إنشاء “الهيئة” يقوم المجلس النيابي بإنتخاب 3 أعضاء جدد إلى جانب العدد المتبقي والمنتخب من المجلس و تقوم الحكومة بتعيين عضوين جديدين الى جانب العدد المتبقي المنتخب من قبلها (على أن لا يكون إسم رئيس “الهيئة” ضمن القرعة ويقوم بالعملية العضو الأكبر سناً) تتبع هذه الطريقة في المرة الأولى فقط على أن يصبح الإنتخاب/التعيين مداورةً بعد ذلك.
* يضع مرشّحو المجتمع المدني طلبات الترشّح والسير الذاتية لدى لجنة مكّونة من رئيس المجلس الدستوري وعضوين آخرين من أعضائه (وهما الأكبر والأصغرسنّاً) وتقوم اللجنة بغربلة الأسماء بناءاً على معايير محددة وواضحة كخطوة أولى ومن ثم القيام بالمقابلات الشخصيّة مع المتبقّين، ومن ثم إرسال 9 أسماء الى البرلمان.
* تمتد ولاية رئيس الهيئة لأربع سنوات غير قابلة للتجديد الفوري منذ الإنتخاب الأول على أن ينتخب رئيساً جديداً (حكماً ومن خارج القرعة) كل أربع سنوات.
* يستمرّ أعضاء الهيئة في ممارسة مهامهم برغم إنقضاء الولاية إلى حين تعيين بدلاء عنهم وأدائهم اليمين القانونية.
* مدة ولاية عضو الهيئة 4 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، ولا يجوز إعادة إنتخابه مرة ثالثة إلا بشرط مضي ولاية واحدة بين إنتهاء عضويّته الثانية وعمليّة الترشّح.
* يقوم أعضاء الهيئة، بعد تعيينهم، بإنتخاب أمين السرّ وأمين الصندوق فيما بينهم، حسب الأصول المحدّدة في النظام الداخلي التي تضعه الهيئة بمهلة شهر من بعد قسم اليمين و نشر النظام في الجريدة الرسمي.
* تعيّن الهيئة بالأكثريّة العاديّة ( 5 أعضاء ) المدير التنفيذي للهيئة. تحدّد الهيئة أصول تعيين المدير ومهامه وأصول تنظيم وتعيين الجهاز الإداري ومهامه وفق النظام الداخلي. كما يخضع المدير التنفيذي وأعضاء الجهاز الإداري إلى قانون العمل في تعاونهم مع الهيئة في حقوقهم و واجباتهم.
* تعتبر الهيئة في حالة إنعقاد دائم منذ لحظة إعلانها عن الدعوة الى الإنتخابات.
* يراعى في إختيار أعضاء الهيئة التوازن بين الجنسين.
أقسام الهيئة
تضم الهيئة الأقسام الآتية:
– المكتب الرئيسي للهيئة.
– المكاتب الإنتخابية المناطقية التابعة للهيئة (تبعاً لتقسيم الدوائر الإنتخابية).
– مكتب تنظيم اللوائح الإنتخابية.
– مكتب الإشراف المالي.
– مكتب تنظيم الإعلام والإعلان الإنتخابيين.
– مكتب التدريب والتأهيل.
-مكتب تثقيف الناخبين.
المهام المقترحة للهيئة
أما المهام التي يمكن أن تقوم بها الهيئة فهي:
تنظيم الإنتخابات النيابية العامّة والفرعية والإنتخابات البلدية والإختيارية والدعوة إليها. وإعداد تصوّر عام عن مراحل العمليّات الإنتخابيّة وكيفية إدارتها والإشراف على الحملات الإنتخابية، وإعداد الخطط اللازمة لتنفيذها. إلى جانب المراجعة الدورية لقوانين وإجراءات الإنتخاب وإعداد خرائط الدوائر الإنتخابيّة وتقديم توصيات إلى الحكومة تتعلق بالتشريعات الإنتخابية أوالتعديلات على قوانين الإنتخاب. بالإضافة إلى العمل على نشر الثقافة الإنتخابيّة لدى المواطنين والتأكّد من قدرة جميع الناخبين على التواصل مع الهيئة المستقلّة، للإستفسار عن أيّ موضوع يرتبط بالعملية الإنتخابية، أو للحصول على أيّة إيضاحات حول الهيئة المستقلّة وعملها.
كما تقوم الهيئة بإعداد اللوائح الإنتخابية النهائيّة أو ما يعرف بلوائح الشطب، والعمل على تحديثها بإستمرار. واستقبال وإعتماد طلبات الترشيح للإنتخابات. وإعداد وطبع قسائم الإقتراع الرسمية. كذلك تعيين مراكز الإقتراع والتأكّد من سهولة وصول جميع الناخبين إليها، بما في ذلك ذوي الإحتياجات الإضافية.
كما على الهيئة الإشراف على تدريب جميع موظفي الإنتخابات في مختلف مراحل العملية الإنتخابية. وتعيين رؤساء وهيئات أعضاء القلم في جميع أقلام الإقتراع. والتأكّد من تأمين كلّ الموادّ التي تحتاجها أقلام الإقتراع طوال يوم الإقتراع. بعدّ وفرز الأصوات وإعلان النتائج الرسمية. وإعتماد المراقبين المحليين والدوليين. ومراقبة الإعلام والإعلان الإنتخابيين.
كذلك مراقبة ونشر جدول بالهبات والتبرّعات الرئيسيّة التي يحصل عليها كلّ مرشّح/ة أو اللائحة ومراقبة الإنفاق الانتخابي للمرشحين واللوائح على الحملات الإنتخابية. ووضع تقارير دوريّة حول كيفيّة سير العملية الإنتخابية. وتلقّي الشكاوى الناتجة عن العملية الإنتخابية وإحالتها الى المرجع القضائي المختصّ. وتكوين غرفة عمليّات مشتركة مع القوى الأمنية المسؤولة عن أمن عمليّات الإنتخاب.

اقرأ أيضاً: سريّة الاقتراع تضمن حريّة التّعبير الانتخابي «لا تحدق بورقتي!»

وتنشر الهيئة تقاريرها وجميع التقارير التي تتلقّاها من قبل المرشّحين أو اللوائح أو الهيئات ورفع تقاريرها الى رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النوّاب والوزراء وأيضا الى المجلس الدستوري.وتدقق بعملياتها وتقيم عملها. وتعمد إلى أرشفة كل ما يتعلّق بإدارة وتنظيم العملية الإنتخابية لحفظ الذاكرة الإنتخابية، والقيام بأبحاث متخصّصة في هذا المجال وحضور الندوات والمؤتمرات الدوليّة المتعلّقة بالشؤون الإنتخابية.
إن هذا المطلب الإصلاحي يمكن تحقيقه في مهلة زمنية قصيرة. فهل تقوم السلطات المعنية على أخذ القرار بذلك، أم أن الإرادة السياسية ما زالت غائبة؟

السابق
الطفلة السورية «شام» وحقيقة الخطأ الطبي الذي أطفأ عينها
التالي
السفارة العمانية توضح أسباب عدم استقبال سوّاح لبنانيين وإيقاف رحلاتها إلى بيروت