«حزب الله» يُواجه رهان التمديد لسنة

كما خطّط البعض، فإنّ النقاش حول سلسلة الرتب والرواتب سيتحوّل مواجهات بين النقابات والهيئات الاقتصادية، وسيشغل كلّ الأوساط كونها تمسّ معظم شرائح المجتمع، خصوصاً لناحية الضرائب المقترحة. وهذه المواجهات ستتصَدّر الاهتمامات الداخلية وستحجب الرؤية عمّا عَداها من ملفات، بما فيها ملف إقرار قانون جديد للانتخابات، طوال الأسابيع المقبلة.بعد أن تهدأ عاصفة السلسلة، ستسمح الظروف عندها بالدخول مجدداً في نقاش القانون الانتخابي الجديد. سيكون الوقت قد شارفَ على شهر أيار، ما يَعني البدء في طرح المفاضلة بين الفراغ أو التمديد المحدود لمجلس النواب تحت عنوان رفض القانون المعمول به حالياً.

وبعد القيام ببعض المبادرات الاعلامية، سيُعتمد مبدأ التمديد لستة أشهر للمجلس النيابي الحالي بحيث يُحّدد تشرين الثاني وكانون الاول المقبلين موعداً لإجراء الانتخابات وفق قانون جديد سيرى النور لا محالة.

لكنّ إجراء الانتخابات في هذا الموعد سيكون شبه مستحيل بسبب ظروف الطقس وأوضاع الطرق، خصوصاً في الجبال، ما سيدفع الى تمديد رابع لستة أشهر إضافية تجعل من أيار 2018 موعداً نهائياً لإجراء الانتخابات النيابية.

كلّ هذا السيناريو، حقيقة كاملة، يجري تداوله في الكواليس السياسية. وهذا التمديد لسنة إضافية لمجلس انتخابات 2009 المشؤومة لم يعد سراً، إنما الرئيس سعد الحريري كان قد طلبه بنداً أساسياً خلال المفاوضات التي قادها مدير مكتبه نادر الحريري مع الوزير جبران باسيل تمهيداً لتسوية وصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا. ما يعني أنّ النزاع حول سلسلة الرتب والرواتب هو جزء من سيناريو التمديد للمجلس النيابي و«دَفش» الانتخابات النيابية عاماً إضافياً.

قد يكون لذلك علاقة برفض الحريري أن يترأس حكومة لبضعة اشهر، فهو يريد وقتاً كافياً ووافياً لاستثمار عودته الى السلطة في الشارع السنّي، خصوصاً أنّ الظروف تغيّرت والأوضاع الاقتصادية صعبة، ما فتحَ شهيّة بعض الوجوه السنيّة للسعي الى امتلاك عَصب الشارع وتحدّي زعامة الحريري.

وقد يكون لذلك حسابات أبعد من الارقام الداخلية لتصل الى الواقع الاقليمي. وها هو وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يلتقي الرئيس الاميركي دونالد ترامب في البيت الابيض حيث استقبل بحفاوة وخرج متحدثاً عن سروره العميق وعن مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين وعن ضرورة رَدع ايران.

كذلك، هناك مشروع ما يُحاك على مستوى الملف الاسرائيلي – الفلسطيني، لمّحَ إليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد محادثته الهاتفية مع ترامب، وهو الذي يستعد لزيارة واشنطن الشهر المقبل للقاء الرئيس الاميركي.

إقرأ ايضًا: هل أطاح «حزب الله» بقانون باسيل؟

في وقت يدور الحديث في الكواليس الديبلوماسية عن قمة ستعقد، إمّا في مصر او الاردن، وفي حضور الرئيس الاميركي لرعاية تسوية سلام نهائية فلسطينية – إسرائيلية، فيما يجري العمل على سحب حركة «حماس» بكاملها من التأثير الايراني، حيث عُهد هذا الدور الى أوروبا.

كل ذلك سيعني توجيه ضربات الى ايران، ما سينعكس مباشرة على الواقع اللبناني. لكنّ «حزب الله» الذي يتحسّب لمواجهة كل الاحتمالات، بما فيها تلك التي تبدو مستبعدة، قد يكون واكبَ خطوط التواصل المفتوحة بين طهران وموسكو، والتي جدّدت خلالها القيادة الروسية التزامها التفاهم الاستراتيجي المعقود مع ايران.

أيّاً تكن تلك الحسابات، إلّا أنّ «حزب الله» يبني حساباته على انتخابات نيابية في موعدها وأنّ التأجيل الوحيد الذي سيسمح به هو لبضعة أسابيع يُلبّي المتطلبات الادارية. لذلك، هو وضع معياراً واضحاً لأيّ قانون جديد كان قد اتفق عليه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أي انتخابات وفق النسبية أكان لبنان دائرة انتخابية واحدة او 13 او 15.

لكنّ عدم الاتفاق على هذا المعيار لا يجب أن يؤدي الى تأجيل الانتخابات مرة جديدة، خصوصاً أنّ «التيار الوطني الحر» كان قد تقدّم بشكوى لم تبتّ أمام المجلس الدستوري بسبب التمديد للمجلس النيابي الحالي، مطالباً بإجراء الانتخابات حتى ولو وفق القانون المعمول به، لأنّ إجراء الانتخابات أهمّ من القانون. وهذا ما دفع عون الى اعتبار المجلس النيابي غير شرعي طوال جلسات التمديد.

ويوم السبت المقبل، سيتحدث الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله متطرّقاً بالتفصيل الى الملف الانتخابي. وقد يكون أحد أهداف إطلالة نصرالله إبقاء النقاش حول قانون الانتخاب في الصدارة الإعلامية وعدم تغييبه موقتاً ووَضعه خلف ملف السلسلة.

وقد يكون من أهداف إطلالته ايضاً إعادة تحديد موقف «حزب الله» من القانون المُرتجى، والأهمّ التمسّك بإجراء الانتخابات في موعدها، حتى لو تعذّر التوافق على قانون انتخابات على أساس النسبية. وقد لا تكون هذه الخطوة هي الحركة الوحيدة التي ستُعيد وضع هذا الملف في الواجهة.

ويوم الاحد المقبل ينظّم الحزب التقدمي الاشتراكي احتفالاً حاشداً في ذكرى اغتيال كمال جنبلاط، وتعمل قيادة الحزب على تنظيم حشد شعبي كبير وتغطية إعلامية شاملة ومميزة، حيث سيتحدث النائب وليد جنبلاط بنبرة تبدو أعلى من السقف المهادن الذي انتهجه أخيراً.

وسيتناول الملف الانتخابي والخلفيات التي يعتقد أنها تتحكّم به في ظلّ احتقان بات يسود القواعد الدرزية في الجبل، في اعتبار أنّ ما يجري هدفه «ضَرب الدروز وحضورهم السياسي».

السابق
أي تسوية أدخلت «حزب الله» من الباب العريض إلى المجلس الشيعي؟
التالي
الحريري يعيّن أولينا الحاج ناطقة باسمه