الصحف الورقية تنهار والصحافيون يدفعون الثمن!

اسرار الصحف
الصحف الورقية في لبنان لم تكن يوما بعيدة عن دعم الانظمة العربية، سواء المسماة منها رجعية او تلك المسماة تقدميّة. فما قصة انهيارها اليوم؟

تعيش الصحافة اللبنانية أزمة عميقة تمتد طويلا، وان كانت تتخللها انفراجات محدودة بفعل بعض التغييرات السياسية في المنطقة العربية كالانقلابات او الثورات أو ما شابه، فالصحف اللبنانية كانت منقسمة خلال الستينيات والسبعينيات الى مؤيد للبعث او مناهض له، وبين مدعوم من الجماهيرية الليبية او من الانظمة التي سميت بالرجعية، وقد عرفت حينها أوج ازدهارها.
ولم تكن نسنمر الصحف تلك التي تحاول السير بخط متواز، لان السلطة اللبنانية، وان كانت تطلق على نفسها صفات الحرية والديموقراطية، الا انها لم تدعم يوما صحافتها التي لجأت الى البحث عن تمويل خارجي.

اقرأ أيضاً: صحيفة السفير سوف تقفل نهاية العام

من هنا، يلاحظ فورة صحف في زمن، وانطفائها في زمن آخر، وآخر عملية إعدام شهدناها كانت لجريدة “السفير” التي أطلقها الصحافي الكبير طلال سلمان في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ومرّت عليها اسماء كبار الصحفيين، وللمفارقة غابت بُعيد غياب أول داعم لها وهو معمر القذافي. ورغم صعود نجم إيران في دعمها لبعض الصحف الا ان صحفها ووسائل اعلامها تعاني كما تعاني الصحف النقيضة لها في الخط السياسي العام. فـ”النهار” مثلا، والتي كان اشترى الرئيس الشهيد رفيق الحريري اسهما فيها تصل الى 48% ، توقف ابنه سعد الحريري عن مدّها بالمال بعد ازمته المالية المعروفة، مع توقف الممولين الرأسماليين الارثوذكس أيضا عن مساندتها بسبب تراجع خطها التحريري بُعيد رحيل رئيسها وصاحبها غسان تويني، وهي تعيش اليوم أزمة كبرى آخرها طرد الكتّاب والصحفيين منها، ومنعهم من دخول المبنى الشهير، الذي نادى من على منبره الصحافي الشهيد جبران تويني أبرز نداءاته، واغتيل بسب مقالاته لا لشيء آخر.
كل صحيفة في لبنان لها أزمتها، وابرز ازمات صحافتنا هو الخط التحريري الذي تقرر الصحيفة السير فيه، اضافة الى ازمتها المالية. فـ”الديار” مثلا كصحيفة لبنانية أسسها ضابط متقاعد احترف الصحافة وهو شارل أيوب، ولكنها تغيّر جلدها ولونها السياسي كل فترة بحسب الممّول.

في هذا الاطار ونتيجة لتلك الأزمة في الصحافة الورقية، تبرز كل يوم الى السطح معاناة العديد من الزملاء الصحافيين والمحررين اللبنانيين المطرودين او المقالين قسرا، والذين لا يمكن ردّ عرفان جميلهم في ظل انتشار ما يُعرف بالمواقع الإلكترونية.

الصحافة اللبنانية
ويؤكد الصحافي عباس صالح، صاحب الخبرة الطويلة في العمل الاعلامي، امتدت لثلاثة عقود من الجهد والتعب في حديثه لموقع “جنوبية ان “الازمة هذه متعددة الأوجه ومتشعبة، مما ادى الى الانهيار، ومن العوامل هذه وابرزها الـ”سوشل ميديا”. اضافة الى أزمة احتكار الصحافة بين يدي عشر عائلات في لبنان يملكون فيها حرية النشر”.


و”انا كصحفيّ لست منتميّا لا الى خط بقايا 14 آذار، ولا الى خط 8 آذار،، لكني داعيّة حرية، واؤيد سياسة حزب الله فيما يخص مواجهة داعش وقوى الظلام المدعومة من اسرائيل في سوريا وفي كل مكان”. وبرأييّ أن مشكلة الصحافة مشكلة بنيوية جوهرية بالعمق، تمتد من موضوع الانتماء السياسي الى حجم الدور، وحدود التعبير، والحريات وصولا الى انتشار السوشل ميديا”.
ويتابع صالح “كل الصحافات – واقول الصحافات قاصدا هذا التعبير – العربية واللبنانية هي عدة ألوان، سواء المكتوبة منها او المرئية او المسموعة تتبنى وجهات نظر، وكانت ولا تزال أبواقا لجهات سياسية متعددة، وهي بعد ان تتصارع تصبح على وئام بعد تصالح القوى السياسية”.
ويؤكد صالح أن “أبرز داعم للصحافة اللبنانية كان الملوك السعوديون، ولكن بعد تسلّم الملك سلمان الزعامة، تبيّن انه أبخل زعيم عربي على الصحافة، ولم يتبرع بقرش واحد لأية صحيفة، حتى “الحياة” السعودية. ولم يسجل للملك الجديد سوى خوضه الحرب في اليمن وشراء الدبابات والصواريخ، بدل خوضها اعلاميا. فغيره كان يشعل حربا عبر الاعلام دون ان يبذل ثمن خرطوشة واحدة”.

اقرأ أيضاً: أزمة الصحافة اللبنانية هي أزمة سرد وخيال وبريد

وختم الصحافي عباس صالح ان “الصحافيين السعوديين والعرب يعيشون اليوم حالا من الشّح المالي. والاعلام عبر العالم العربي، سواء في الداخل او المتمركز في الخارج، لا يؤمن أصلا بالاستراتيجيات”.

من جهة ثانية، قالت الصحافية، رئيسة معهد “مهارات”، رلى مخايل: “ان الأزمة الاقتصادية والصرف الجماعي للصحافيين سيوثّق في كتاب يصدر قريبا، ويحصي جميع الحالات”.

السابق
حين تحاضر «الثنائية الشيعية» في عفّة الإنتخابات النيابية وتلغيها في المجلس الشيعي
التالي
الثورة في عيدها السادس وسوريا ..على وعد الياسمين