من هو الاسطورة «كارلوس» الذي يحاكم في فرنسا؟

لكي نتعرف على الثائر اللاتيني كارلوس الذي تحول في سبعينات القرن الماضي الى اشهر مطلوب عالمي بتهمة الارهاب، لا بد من الحديث مع أنيس نقاش، رفيق درب الاسطورة كارلوس في عملية فيينا الشهيرة ضد "منظمة أوبك"، ماذا قال عن محاكمة كارلوس اليوم في فرنسا؟ وكيف وصف تخلي لبنان عن جورج عبدالله؟

نقلت (وكالة الصحافة الفرنسية) تقريرا مفصّلا عن الاعمال التي قام بها كارلوس، وهو (إيليش راميريز سانشيز)، المتهم بمجموعة أعمال ضد عدد من الدول الاوروبية، والتي سيُحاكم عنها اليوم الإثنين أمام محكمة فرنسية، والتي تُعد أول محاكمة له في فرنسا بعد مرور أكثر من أربعة عقود على صدور هذه الاتهامات. ويقضيّ كارلوس حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة قيامه بأعمال ارهابية تمت في ما بين العام1975 و1983 و1982.

وكارلوس، وهو اليوم في العقد السابع من العمر، مسجون في السجون الفرنسية منذ1994، بعد ان سلمته السلطات السودانية في 14 آب 1994. قام بعدة أعمال انتقامية ضد الدول الغربية، والتي تتعارض في سياستها مع سياسة الإتحاد السوفياتي السابق، وهو اليساري الأمميّ الذي نشأ في عائلة فنزولية ثرية، يسارية التوجه.

“كارلوس” الذي أسلم في سجنه، لا يوجد في حقه أدلة على الجريمة المتهم بها بالاعتداء على (دراغستورسان جرمان) عام1974 في فرنسا، والتي على أساسها يُحاكم اليوم، كان قد أسفر الهجوم، المتهم به، عن سقوط قتيلين

ويلقب كارلوس بـ”ابن آوى” نظرا لنجاحه في التخفيّ لسنوات، وقد اعتبر لفترات طويلة رمزا من رموز النضال في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وعاش حياة متخفيّة حتى زمن اعتقاله. وقد انتشرت اخبار عن صفقة سورية- اميركية أخرجته بعدها سوريا من اراضيها، وتم القاء القبض عليه بعد ضغوطات فرنسية على السودان قبض ثمنها النظام السوداني الحالي عمر البشير، كما قيل حينها.

اقرأ ايضا: جورج عبدالله 30 عاماً من الأسر في فرنسا.. وعامان إضافيان

وقد اشتهر كارلوس عندما قام باحتجازه وزراء نفط بلدان منظمة “أوبك” في فيينا عام 1975، وتعد هذه الحادثة هي الاشهر والتي اطلقت شهرة (كارلوس) في شتى انحاء العالم.

وهو المولود في العام 1949 في العاصمة الفنزولية كراكاس لعائلة غنية. تعرّف على القضية الفلسطينية عندما التقى بجورج حبش أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في موسكو، فتحوّل بعدها الثوري الأممي الى خدمة القضية الفلسطينية. وبسبب الخلافات الداخلية في الجبهة الشعبية لتحريرفلسطين، استقال منها في العام 1976.

واقام منذ عام 1983 حتى عام 1993 في دمشق، حيث سافر الى السودان التي اعتقل فيها على يد شرطيين فرنسيين من مديرية مكافحة التجسس. وحكم عليه عام 1997 بالسجن مدى الحياة.

وابرز أعماله تلك التي وقعت في العام 1975 هي خطف 70 شخصا كرهائن، ابرزهم 11 وزيرا في منظمة أوبك في فيينا. علما ان الاعمال التي اتهم بها كثيرة جدا، وأكثر من أن تُعد وتحصى.

وبحسب رفيقه في عملية “منظمة أوبك” في فيينا المناضل اللبناني أنيس نقاش فان ” كارلوس المسجون منذ العام 1994 لأكثر من قضية لا تزال عالقة، لن يكون هناك عدالة ابدا، خاصة ان القضية قديمة جدا فالمعلومات الواردة في الاتهام كلها معلومات صحفية”.

وأضاف نقاش لـ”جنوبية”: “يمكن لهذه الدعوى ان يخرج منها بريئا، لكنه سيظل في السجن نظرا للحكم المؤبد الصادر بحقه. والمؤبد الفرنسي يصل الى24 سنة، مما يعني انه قد يخرج بهذه القضية قريبا”.

ولكن الى اي مدى ثمة ترابط مع قضية اللبناني جورج عبدالله المسجون في فرنسا والذي انتهت مدة محكوميته بسنوات؟وهل ان العالم يحاكم الثائرين الامميين على ادوارهم في زمن تغيرت فيه كل القضايا؟. قال نقاش: “كان عمل المجموعات الداعمة للقضية الأممية قويا، لكن بيئة هؤلاء لم تكن بالمستوى نفسه، وبالعودة الى قضية جورج عبدالله فان قضيته مختلفة تماما كونه ضرب الموساد في جميع عملياته، وارى ان عدم تبنيّ قضية جورج عبدالله لبنانيا هو نوع من افلاس سياسي، حيث نسيّ البعض ممن يتبنّى القضايا السابقة واجبه تجاه قضية جورج عبدالله، والبعض الآخر ليس لديه القدرة أصلا على المطالبة به”.

وعن سبب عدم انتهاء القضية مع مرور الزمن، ومع تبدل الأحداث في العالم في ظل ارهاب داعشي غير محدد الاهداف الوطنية؟ يرى نقّاش رئيس “مركز أمان” أن: “كان يجب ان يتم اطلاق سراحه من خلال شروط اتفاقية اوسلو وضمن صفقة. ولكن هناك ثأر فرنسي خاص وفشلهم في قضية الإعتقال”.

إقرأ أيضا: جورج عبدالله 30 عاماً من الأسر في فرنسا.. وعامان إضافيان

وحول ذكرياته عن عملية (أوبك) الشهيرة والتي راح ضحيتها ثلاثة قتلى، قال نقاش: “لا اذكر هذه العملية بشرف عظيم، فقد كان يمكن ان تجري بشكل أفضل”. ويصف الواقع السياسي العالمي في فترة السبعينيات بالقول “المرحلة السابقة كانت حربا مفتوحة، حيث كنا نعتبر ان العالم ساحة واحدة وهذه كانت طبيعة الامور”.

ويلفت نقاش الى ان “القوانين الأميركية تسمح بالقيام بعمليات أمنيّة في كل ميادين العالم لصالحها، فاذا طبقنا هذه القوانين الاميركية تلاحقنا للمحاسبة”.

ولكن هل يتبرأ نقاش من عملية أوبك الشهيرة؟ يجيب أنيس نقاش، الذي كان له مساهمات كثيرة في عمليات المقاومة اللبنانية في الجنوب منتصف السبعينيات: “أتبرأ من بعض تبعاتها حيث كانت مهمتنا في عملية فيينا مراقبة البعض حتى لا يخطئوا مما سيضرّ العملية، منها محاولة قتل وزيريّ النفط الايراني والسعودي. وهو نوع من تبرير وليس تبرّؤ، مما كان سيخرّب العلاقات الدبلوماسية بين بعض الدول”. ختم أنيس نقاش كلامه.

 

السابق
الوظائف طائفية مع جبران باسيل و #المعيار_طايفتك
التالي
«تحقيق» عن الأزهر في مجدل عنجر: حقيقة أم تجنٍّ ؟