الكوتا النسائية: لتضييق الفجوة بين الرجل والمرأة

الكوتا النسائية
على الرغم من قناعة معظم المواطنين والمواطنات بضرورة المشاركة النسائية في مختلف الميادين، إلا أن تفاوتاً يمكن ملاحظته في الآراء حول الكوتا النسائية المقترحة لتكون مطلباً إصلاحياً في قانون الانتخابات.

ما هي الكوتا النسائية؟
إقرار الكوتا النسائية يعني إلزام اللوائح بكوتا للنساء في الترشح لا تقل عن الثلث كحد أدنى. واعتماد اللوائح الإنتخابية المقفلة بدون صوت ترجيحي كي لا تتم تصفية المرأة إنتخابياً وحرمانها من التمثيل.
وتحدد آلية الكوتا مواقع النساء على أي لائحة :إمرأة واحدة على الأقل ضمن كل مجموعة من ثلاثة مرشحين.
ويمكن النظر إلى الكوتا النسائية بمثابة تدبير إيجابي مؤقت لتفعيل المشاركة السياسية للنساء وأن تعتمد مؤقتاً لمدة أربع دورات انتخابية.
إذ إن النساء يشكّلن الجزء الأكبر ولو بقليل من الناخبين المسجلين على لوائح الشطب والناخبين المدلين بأصواتهن، لكن حصتهن بالمقاعد البرلمانية ما زالت متدنية ،إذ بلغت 3,12% من المقاعد البرلمانية الأخيرة المنتخبة عام 2009.

اقرأ أيضاً: سريّة الاقتراع تضمن حريّة التّعبير الانتخابي «لا تحدق بورقتي!»

خلفية
وكان لبنان قد أبرم اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1997، ولكن حتى الآن لم توضع الإتفاقية حيّز التنفيذ والتي من شأنها أن تسهم في تفعيل المشاركة السياسية للنساء والإسراع في ردم هوة اللامساواة بين الجنسين. وقد نصّت الإتفاقية على مبدأ التمييز الإيجابي في المادة 4: “لا يعتبر إتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه الإتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة”.
أن اعتماد الكوتا النسائية من شأنه أن يسهم في تغيير قسمة الأدوار النمطية والبنى الذهنية الثقافية السائدة في المجتمع ما يسهم في تغيير النظرة السائدة الى النساء والسلوك الإنتخابي حيالهنّ، بما يؤدي إستراتيجياً الى تحقيق المساواة بين الجنسين، وذلك كما ورد في المادة 5 من الإتفاقية المذكورة أعلاه: “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق تغيير الأنماط الإجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الإعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أوعلى أدوار نمطية للرجل والمرأة”.
كما طوّر المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي إنعقد في بكين عام 1995 مفهوم التمييز الإيجابي أو التدابير المؤقتة، في حين ألزمت مقرراته الدول بإعتماد الكوتا لتفعيل مشاركة المرأة السياسية: “حشد جهود المرأة والرجل بالتساوي على مستوى صنع القرار والسياسات لتحقيق برامج العمل الخاصة بالمجالات التالية: وضع حد لللامساواة في مواقع السلطة وصنع القرار. تخصيص حصص كسقف أدنى لمشاركة النساء بنسبة 30% حتى العام 2005”.

مجلس النواب اللبناني

آراء متفاوتة

يؤكد شربل خواجا (موظف) على حق المرأة بالمشاركة في مواقع القرار على جميع المستويات، لكنه يشترط “أن تكون المرأة قادرة على تحقيق ذاتها وتطوير إمكاناتها. “لذلك أنا مع الكوتا النسائية كتدبير مؤقت يفسح في المجال أمام المرأة لاقتحام مواقع القرار وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها تحت سلطة الثقافة الذكورية الموروثة”.
وتصف صباح يونس (معلمة) مشاركة المرأة في الحياة السياسية بالحق الذي يجب أن يعترف به الجميع “لذلك أنا مع الكوتا النسائية لأنها تدفع بالمرأة إلى الأمام”.
وتقف كرستين العرية (ست بيت) إلى جانب الكوتا “لأنني مع مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وإجراء إصلاح يفسح في المجال أمامها للمشاركة وهذا ما أعنيه بإدخال الكوتا إلى الأنظمة الانتخابية”.
بدون الكوتا النسائية لا تمثيل فعلياً للمرأة في الانتخابات النيابية “هكذا تقول سمر سعادة (موظفة) في محاولة لتأكيد موقفها الإيجابي من الكوتا.
لكن البعض الآخر يقدم مبرراته لرفض الكوتا النسائية، فالمحامي توفيق نجم مع المشاركة النسائية في الشأن العام “ولكن إذا كانت ذات كفاءة، فأنا ضد الكوتا التي تعني صفة الإلزام بترشيح نسبة معينة من النساء، لا ويمكن أن لا تكون من ذوات الكفاءة لذلك أنا لا أؤيد هذه النظرية”.
وتشاركه الدكتورة هند صعيب التي تقول: “أنا مع مشاركة المرأة في مختلف الميادين، لكني لست مع أي إطار يحجم المرأة أي أن لي موقفاً سلبياً من الكوتا النسائية”. وتضيف: “أعرف أن هناك قلة ثقة بالنفس عند معظم النساء وخصوصاً في ظل الثقافة الذكورية التي تطبع المجتمع، بالإضافة إلى الصورة النمطية للمرأة في ذهنية المواطنين. أنا مع اقتحام أسوار الرجل من خلال اندفاع وتشجيع، وعلى المرأة أن تبني قدراتها وتعزز الثقة بنفسها كي تخترق الحصون والأسوار المشيدة حول مواقع القرار، ولا خيار أمام المرأة غير اكتساب المهارات، والكفاءة والنشاطية ورفع المستوى التعليمي والثقافي كي تتسلح بكل ذلك للوصول إلى موقع القرار”.
أما مصطفى السعودي (تاجر) فهو ضد الكوتا النسائية، وضد وصول المرأة إلى موقع القرار ويعيد موقفه هذا إلى العقيدة التي يؤمن بها، “لا يمكن للمرأة أن تُوَلَّى مسؤولية وتدير أوضاع عامة رفيعة المستوى، كما أنها لا يمكن أن تئم المصلين، أو تصل إلى موقع قيادي تقود من خلاله رجالاً آخرين”.

رأي ناشطات
وتقول مديرة مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية لينا علم الدين: أنا مع الكوتا على الرغم من أنها تشعرني بالدونية، وأني لست مواطنة كاملة أسوة بالرجل، لكني أعتقد أنها مفتاح لتغيير الذهنية السائدة. نحن في نظام أبوي، أي نحن أمام حائط مسدود ولا يوجد أمامنا ممر سوى الكوتا لأحداث فجوة في هذا الحائط المسدود.
وتضيف علم الدين: ما أعنيه بالكوتا ليست على المستوى السياسي فحسب بل على كل المستويات حتى في المواقع الوظيفية، على الرغم من وجود أعداد غفيرة من النساء في سوق العمل لكن النظام السائد يوصل الرجال إلى مواقع القرار وهي مواقع ممنوع على المرأة الوصول إليها ليبقى عالمهم قائم كما هو، عالم الذكورة.
وتتوافق معها مديرة المعهد العربي لحقوق الإنسان في لبنان جمانة مرعي التي توضح رأيها قائلة: أن الكوتا النسائية ممر إجباري حتى يتقبل المجتمع فكرة وجود النساء في موقع القرار، والمجتمع غير جاهز لتقبل أهمية هذه الفكرة. وهي تدبير مؤقت لتردم هوة اللامساواة بين الرجل والمرأة، ولبنان ملزم بتنفيذها لصدورها كتوصية من لجنة سيداو التي أبرمها لبنان عام 1997، ولم يتحفظ على بند مشاركة المرأة في الحياة السياسية ولم يتخذ التدابير اللازمة لإقرارها.
وتضيف مرعي: لكن هناك مسألة يجب تسليط الضوء عليها، وهي أن الحديث يدور حول كوتا في المجال التشريعي (مجلس النواب – بلديات…) ما نطرحه هو كوتا تشمل كل الميادين: الأحزاب، النقابات، وكل الهيئات المنتخبة. النظرة الآن على المجال التشريعي، ولكن يمكن للأحزاب أن لا ترشح نساء وتضطر النساء للترشح كمستقلات، وبالتالي لا تصل النساء إلى أي من مواقع القرار.

اقرأ أيضاً: خفض سن الاقتراع حق طبيعي للشباب

وتعيد مرعي ذلك إلى ذهنية الطبقة السياسية الحاكمة قائلة: “إن ممثلي هذه الطبقة يهربون من الالتزام بتحقيق الكوتا على أرض الواقع، كانوا يقولون أن حزب القوات اللبنانية مع المرأة ومع وصولها إلى مواقع القرار وأن الأمينة العامة في الحزب امرأة، وعند تشكيل الحكومة لم يقترح حزب القوات أي امرأة لتكون وزيرة، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي يعلن أنه مع مشاركة المرأة، لكن في الواقع لم يرشح أي امرأة لأي موقع وزاري في حكومته التي أعلن عنها”. وتختم مرعي: لا إرادة سياسية عند كل الطبقة الحاكمة لإقرار الكوتا النسائية”.

السابق
الوزير زعيتر وغلوريا أو زيد: من صفقة عقارية الى مزايدات طائفية
التالي
اشتباكات مسلحة بين آل جعفر وآل القفاص في مخيم برج البراجنة