مسلسل جنيف وصعوبة المفاوضات

ما أشبه مسلسل جنيف بمسلسل باب الحارة!

لايخف على أحد من المهتمين بالشأن السوري تحول مفاوضات جنيف الى مسلسل شبيه بمسلسل (باب الحارة) السوري الشهير بلهجته الشامية المحببة إلا أن مسلسل جنيف يفتقر لهذه النكهة السورية التي ما إن أضيفت على شيء إلا زانته وأعطته جمالاً من عاصمة الأمويين ، مسلسل جنيف مدبلج عن اللهجة السورية مع وجود مخرج خبيث ومنتج لا يهمه سوى المنفعة ، وهو كما غيره بعيد كل البعد عن فهم التراجيديا السورية .
ولكي لا أتهم بالتجني على هذه الإستعراض السخيف ، سأتحدث بحدود معرفتي العلمية و متابعتي المباشرة لحلقات هذا المسلسل و ما يتخلله من فواصل إعلانية ،مثل لقاء الآستانة للدعاية والإعلام .

بداية المفاوضات بين طرفين مباشرة قد تصل إلى حل يرضي الطرفين ،
في حال وجود تناقض كبير يتم التفاوض عبر وسيط قد يكون دولة أو منظمة أو حتى شخصية دولية من ذوي الخبرة .
طبعاً هذا إذا كان كل من وفدي التفاوض متماسك متجانس تكون نسبة نجاح المفاوضات كبيرة تصل إلى نسبة ٩٠ ٪‏.

المفاوضات متعددة الأطراف لاتنجح بدون وسيط أو رعاية من دولة أو دول أو منظمة دولية مثل الأمم المتحدة .
يسبق ذلك إعلان مبادئ أو خريطة عمل أو برنامج مرحلي.
ولابد من وجود نفوذ فعلي من قبل الأطراف الوسيطة أو الراعية .
شرط نجاح هذه المفاوضات من حيث بنية الوفود أن يكون الوفد ممثلاً حقيقياً و منسجماً مع القضية ضمن مرجعية وطنية ذات قوة فعلية قادرة على تهديد الخصم مع إمكانية تحقيق ما يمكن إنتزاعه بالقوة يساوي مايمكن أخذه بالمفاوضات .

إقرأ أيضاً: التنازلات لم تنقذ «جنيف»

* في الحالة السورية
طرف النظام وفد واحد مرجعيته سلطة مركزية ذات طابع أمني متماسك يستند إلى دعم دولي غير محدود جعله يفلت من عقوبة إستخدام (القوة المفرطة ) وإستخدام الأسلحة المحرمة دولياً بما في ذلك السلاح الكيماوي .

طرف المعارضة
عدة مرجعيات معينة من الدول ذوات المصالح المتناقضة في سوريا ، فالوفد أصبح وفود غير متجانسة وبل متناقضة حتى بين. أعضاء الوفد الواحد مختلفين على السقف وعلى الحد الأدنى
فهو أقرب الى أطراف أكثر منه إلى طرف واحد ، و لايملك أي من هذه الوفود فاعلية قوية عالارض تجعله يحقق الحد الكافي من القدرة التفاوضية على الرغم من توحش الطرف الآخر ، وإنسانية مطالب الثورة .
وهذا يدل على إتساع الهوة و إرتفاع حدة التناقضات بين الدول المعنية بالشأن السوري مع وجود نية ورغبة إما بإطالة الأمد أو إفشال التغيير السياسي من قبل بعض الدول التي تدعي دعمها للشعب السوري أو لنقل للثورة السورية والمعارضة .

إقرأ أيضاً: فشل جنيف 4 .. روسيا ستضغط أكثر على النظام السوري

النتيجة : لايوجد نية جدية من قبل مايسمى بالمجتمع الدولي لإيقاف المذبحة السورية ،
الأطراف الدولية لاتزال تشترك في رؤية واحدة وهي إما تحقيق مصالحها أو ليس لديها مايدفعها للحل ولتذهب سوريا إلى الجحيم دون أي إعتبار إنساني أو أخلاقي ولاحتى مايمكن أن يترتب على هذا التخاذل الدولي من إنهيار النظام الدولي القائم .
الذي على مايبدو هو في مراحله الأخيرة ، إن لم يتدخل المخرج العالمي و يرمم النهاية بالبدء بجزء آخر من مسلسل الصراع الدولي في سوريا يعيد بعض التوازن لمنظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن .

بشار علي الحاج علي
دبلوماسي سوري سابق
متخصص بالدراسات السياسية وإدارة الأزمات

السابق
ابنة رفسنجاني تشكك في أسباب وفاته
التالي
سامي الجميل: حزب الكتائب يتحفظ على الضرائب وسيصوت ضدها