سريّة الاقتراع تضمن حريّة التّعبير الانتخابي «لا تحدق بورقتي!»

الانتخابات النيابية
سرية الاقتراع في الانتخابات في لبنان منتهكة في أكثر من جانب، وهذا ما يفسّر التبعية المطلقة للزعيم الذي يحرص مراقبة اتباعه، والتأكد من ولائهم الذي يشريه منهم عن طريق تأمين المنافع ومعاقبة العاصين منهم.

النائب سامي الجميل: “أطالب بستارة”. رئيس مجلس النواب نبيه بري: “ليش؟”. الجميل: “لضمان سرية الاقتراع”. نبيه بري: “قدم اقتراح بتعديل النظام الداخلي”!
هذا حوار مصغر جرى أثناء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (في 31 ت1 2016)، والتي على أثرها تم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبلاد. طرح النائب الجميل فكرة الستارة لضمان سير عملية التصويت وللإحساس بنوع من الحرية في التعبير عن رأيه اتجاه أي مرشح للرئاسة بدون رؤية العيون الشاخصة نحو ورقة تزيد من حصة هذا أو ذاك!
ضمان سرية الاقتراع في بلد كلبنان مهم جداً، فالاستطلاع الذي قمنا به يؤكد هذا الأمر، ولدى سؤالنا عن ضمان سرية الاقتراع في الانتخابات النيابية، مع أو ضد، ولماذا؟ أدركنا أن الخوف هو سيد الموقف، كيف؟ لا تستغربوا، ففي هذا الوطن لا يمكنكم أن تختاروا من تجدونه بالفعل الشخص المناسب في المكان المناسب، العين عليكم والعسس منتشر في كل مكان. فإذا أردت التفكير، لمجرد التفكير، في شخص معين قادر أن يستلم الدفة ويقود السفينة بطريقة علمية وعلى شاكلة “التكنوقراط”، فاعلم أنك ذاهب إلى الهاوية لا محالة! تحت شعار “عليك بالبقاء داخل القطيع تسير، “فإن خرجت فعليك تحمل ما ستؤول إليه الأمور”.

اقرأ أيضاً: خفض سن الاقتراع حق طبيعي للشباب

كيف نضمن سرية الاقتراع
يشير الأستاذ الجامعي د. طلال وهبي (45 عاماً) أنه مع سرية الاقتراع لكنه تساءل عن كيفية ضمان هذه السرية وخصوصاً في لبنان؟
يوضح وهبي: “لضمان سرية الاقتراع نقاط عدة تبدأ من التشدد في احترام محيط المراكز والأقلام، دخول الناخبين خلف العازل وعدم السماح لأحد بالاقتراب منه، بالإضافة إلى عدم اقتراب أي من المندوبين أو القوى الأمنية من المعزل لأي سبب من الأسباب وتنتهي بالشق الأهم، إعداد وطباعة قسائم اقتراع رسمية تعتمد حصراً في عملية الاقتراع، فرز الأصوات داخل مركز الاقتراع بدلاً من قلم الاقتراع. الأهم من ذلك كله، إلغاء التوزيع الطائفي والجندري لصناديق الاقتراع”.
وتؤكد الصحافية جوزيان رحمة (26 عاماً) إن لضمان سرية الاقتراع نتائج متوخاة منها أن أي مواطن عادي لديه حرية في خياراته، ولا يتم إثبات هذه الخيارات إلا عبر السرية التي تحفظ له خياره الشخصي وتبعده في بعض الأحيان عن تهديدات قد يتعرض لها.
وتضيف زميلتها الصحافية بترا أبو حيدر (21 عاماً): يجب أن تطغى سرية الاقتراع على كل أشكال الانتخابات من نيابية إلى بلدية وغيرها، لأن الانتخابات تعبر عن المستوى الديمقراطي للبلد. وتستفيض أبو حيدر، “أن سرية الاقتراع تضمن حرية الرأي وتحول دون الضغط على المقترعين واحتكار أصواتهم لخط معين ما يتلازم مع حرية تعبيرهم واختيارهم المرشح الذي يجدونه الأفضل.


منع السرية يؤدي للتبعية
وبالتالي فالمعادلة المطروحة بسيطة: منع سرية الاقتراع يؤدي إلى احتكار للأصوات، وبالتالي إلى حجب لحرية الرأي ومن ثم إلى التبعية العمياء. هذه المعادلة لن توصل البلد إلى مكان وسيحول دون وصول الإنسان المناسب إلى المكان المناسب.
ويرى الاستاذ الجامعي جوزيف عساف (46 عاماً) أن سرية الاقتراع تضمن الحرية، وما ينطبق على المواطن العادي يجب أن ينطبق على النائب. ويردف قائلاً: “إن الشعب هو مصدر السلطات وأولى شروطها هو الحرية في الرأي”.

اقرأ أيضاً: «الكوتا» النسائية في لبنان قرار نيابيّ ام حزبيّ؟

فرز الأصوات ضمن السرية
في سياق متصل، تعد عملية فرز الأصوات مهمة وتدخل ضمن إطار ضمان السرية. بعد الانتهاء من التصويت تقوم هيئة القلم بعملية عد الأصوات فقط لا غير، وترفعه إلى رئيس مركز الاقتراع حيث يتم الفرز في مركز الفرز. أما لجهة التوزيع الطائفي والجندري، فهذا الأمر يساهم خلال عملية الاقتراع في معرفة اتجاهات المقترعين. من هنا تأتي أهمية إلغاء هذا التوزيع عن طريق اعتماد سجلات القيد. سمعنا مؤخراً في الانتخابات البلدية عن صناديق مليئة بأوراق التصويت هربت إلى خارج قلم الاقتراع، وكان هناك فيديوهات مسربة تظهر تهريب الصناديق في بعض المناطق. هذا الأمر يدخل في سياق بند أساسي من شروط ضمان سرية الاقتراع، وذلك بقيام القوى الأمنية بضبط إيقاع العملية الانتخابية بعد التصويت ومنع أي عنصر من عناصر الماكينات الانتخابية بالدخول إلى قلم الاقتراع.
نُفاجأ كثيراً بردة فعل أحد أساتذة الجامعة إبراهيم شاكر (56 عاماً) حيث أجاب بطريقة فذة، معتبراً أن السؤال عن سرية الاقتراع غير مفيد، لأن الأخيرة بحسب تعبيره هي من شروط الانتخاب في النظام الديمقراطي ساخراً مما يحيط الانتخابات في لبنان.
ويلخص الدكتور الجامعي جوزيف خليل (60 عاماً) ضمان سرية الاقتراع بأنه ضمانة احترام خصوصية المقترع. في حين يعزو الأستاذ الجامعي جوزيف شريم (45 عاماً) هذا الأمر إلى أهمية احترام الديمقراطية ومتطلباتها.
انطلاقا من مبدأ “المحاسبة في صندوق الانتخابات”، يجب أن يكون هناك سرية في الاقتراع من أجل حماية الفرد وصون حريته الشخصية في تفضيل شخص على آخر. ويبقى التركيز على الدور الرقابي لحسن استخدام هذه الصيغة وتطبيقها في الانتخابات النيابية المقبلة المنتظرة، لعل وعسى.

السابق
حركة شيعية عراقية تعلن تشكيل فيلق لتحرير الجولان!
التالي
ما فات تقرير «العربية» عن حقيقة اغتيال بدر الدين