دراسة علمية: الطبقات المحرومة تميل لتبرير القوانين التي تحكمها

الفقر
يظن الكثير منّا انهم عقلانيون ومنطقيون من خلال مشاركتهم بعملية الانتخاب وكل ما يحيطها بها من اراء وتصرفات، ونعتقد ايضاً أنّ لا مجال للشك بأن خيارنا الانتخابي سيعود بالفائدة على مصلحتنا الشخصية، وان صوتنا سيذهب الى الشخص او المجموعة التي سوف تخدم مصالحنا ومصالح المجموعة التي ننتمي اليها.

يؤمن الاشخاص المنتمون الى المجموعات او الطبقات الأدنى اجتماعياً (أقليّات عرقية، ذوي الدخل المحدود) بمعظمهم بأن النظم الاجتماعية التي لا تتسم بالمساواة هي نظم ضرورية وعادلة. وبالواقع هناك ادلّة من ابحاث علمية تدل على ان هذا الرأي شائع اكثر بين الأشخاص المنتمين الى الفئات الادنى اجتماعياً مقارنةً بالفئات الأعلى والمتفوقة أكثر (الاغنياء، العرق الابيض). تبدو هذه الفكرة في بادئ الامر غريبة ومنافية للمنطق ولكنها تطلعنا على حقيقة راسخة، وهي ان البشر بحاجة للتبرير والدفاع عن الانظمة التي تحكم حياتهم حتى ولو كانت انظمة غير عادلة وتفضل فئة من الناس على أخرى.

اقرأ أيضاً: خبايا عمليات اسرائيلية سرية منها خطف أبو علي الديراني

تحاول نظرية “الميل لتبرير القوانين الحاكمة” شرح هذا السلوك الانساني، فتقول النظرية بأن هنالك حاجة نفسية اجتماعية لدى الاشخاص لاعتبار النظام الموجود عادل شرعي ومرغوب. وتساعد الصور النمطية للمكوّنات الاجتماعية المختلفة (الفقراء كسولين، السود مجرمين، البيض اذكياء) على ترسيخ طريقة التفكير هذه وجعلها طبيعية وارجاع اسباب الفروقات الاجتماعية الى تصرفات الاشخاص والمجموعات لا النظام القائم.
على سبيل المثال، لقد ثبت ان الفقراء لا يسعون الى دعم السياسات التي من شأنها تحسين اوضاعهم، فقد بيّنت استطلاعات رأي نشرت، بأن ذوي الدخل المنخفض لا يختلفون بتأييدهم او رفضهم لبعض السياسات الضريبية عن الفئات ذوي الدخل المرتفع، علماً ان هذه السياسات تأتي لمصلحة الطبقات الادنى اقتصاديا. وهذا ما يثبت بأن اراء الناس وخاصة المنتمين الى الطبقات الادنى اجتماعيا لا تكون متطابقة مع مصالحهم وحقوقهم.
وكشفت دراسات واستطلاعات رأي أخرى، بأنه كلما ما زادت مظلومية المجموعة كلما زاد تبريرها للقوانين الظالمة التي تحكمها ولا تدعم مصالحها. فالأميركيون اللاتينيون ذوو الدخل المنخفض في الولايات المتحدة يثقون بالسلطات الرسمية اكثر من اللاتينيين ذوي الدخل المرتفع.
والاكثر غرابة بالموضوع هو ان كلما زادت الفروقات الاجتماعية زادت ميول الناس لتبرير النظام القائم. فعلى سبي المثال، في البلاد التي تحرم المرأة من حقوقها نجد ان النساء تدعم اكثر النظام مقارنة بالبلاد التي تعطي المرأة حقوقاً اكثر.
ولا يعني عدم ذكر امثلة من مجتمعاتنا العربية على غياب هذا النمط في التفكير، بل هو يدل على قلة وضعف هذا النوع من الابحاث العلمية الاجتماعية والنفسية في محيطنا العربي. وبالعكس تماماً فاذا راجعنا وفكرنا قليلا بتصرفاتنا ونظرتنا للأنظمة السياسية والاجتماعية التي تحكمنا، نجد ان انماط التصرف هذه مترسّخة فينا وخاصة لدى الفئات الادنى اجتماعيا واقتصاديا.

السابق
نشيد لـ«قائد جيش لم يعيّن بعد» استخفاف بقرارات مجلس الوزراء
التالي
«حزب الله» خارج سوريا بنقاط استراتيجية ثابتة