عون رفض توقيع التمديد لـ«المجلس الشيعي» وتفادى رد القانون غير المطابق للمواصفات

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى خضع للتمديد، وعدم توقيع رئيس الجمهورية لم يعطل القرار، فما موقف الشيعة المستقلين؟

جاء في الجريدة الرسمية يوم الجمعة 3 أذار التالي:

“بما أن المادة 56 من الدستور تنص على أن يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي تمت عليها الموافقة النهائية خلال شهر بعد إحالتها على الحكومة ويطلب نشرها. وبما أن المادة 57 من الدستور تنص على أنه في حال انقضاء المهلة من دون اصدار القانون أو اعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره، وبما أن مجلس النواب أقر قانون (تمديد ولاية الهيئتين في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى) وأحاله رئيس المجلس على الحكومة للنشر بتاريخ 26/1/2017، وبما أن مهلة الشهر المنصوص عليها في المادة 57 من الدستور تكون قد انقضت بتاريخ 27/2/2017 من دون أن يصدر رئيس الجمهورية القانون أو يعيده إلى مجلس النواب وتنفيذاً لأحكام المادة 57 من الدستور يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره”.
هذا الإعلان لا يسجل موقفاً للرئيس ميشال عون، إذ أنّ النأي بالنفس وعدم التوقيع وتهميش القرارات لإنقضاء المهلة وبالتالي نفاذها، لا يغيّر بالواقع شيئاً، فالمجلس الشيعي الإسلامي الأعلى الذي لم يشهد انتخابات فعلية منذ تغييب الإمام موسى الصدر، أصبح خاضعاً لمصالح الثنائية الشيعية ولا سيما حركة أمل التي تسيطر على السدّة الأولى فيه، حيث أنّ نائبه سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان والنافذين به هم يتبعون لدولة الرئيس نبيه ولحركة المحرومين.

إذاً، حركة المحرومين تصادر حقوق المحرومين، وهذا ليس بالأمر المستجد، فالمخالفات التي ارتكبها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في السنوات الأخيرة فاح فسادها، لا سيما في مصادرة الأوقاف، والمقابر، وفي تهميش الصوت الشيعي الذي يطالب بانتخابات حقيقية مندداً بالتمديد الذي فرضه الوزراء الشيعة في مجلس النواب.

الصرخة الشيعية التي أطلقت عقب إصدار قرار التمديد في جلسة مجلس النواب التي عقدت بتاريخ 19 كانون الثاني 2017، لم تلقَ صداها، فمطالبة الأطراف الشيعية رئيس الجمهورية بإحقاق الدستور وبتطبيق القوانين، لم تقابل إلاّ بالنأي بالنفس، وبذلك لم يحمّل الرئيس نفسه وزر توقيع قانوناً لا دستورياً، ولم يعارض كذلك حليفه لا حزب الله ولا الحليف الثاني الذي سوف نشهد قريباً ورقة تحالف معه ألا وهو حركة أمل.
في هذا السياق تواصل موقع جنوبية مع الوزير السابق ابراهيم شمس الدين الذي علّق على عدم توقيع رئيس الجمهورية المرسوم، قائلاً “لقد كنا قد توجهنا بكتاب لرئيس الجمهورية لعدم تمرير هذا القانون، وعدم توقيعه من قبل رئيس الجمهورية هو شهادة بعدم صوابية القانون وبعدم مناسبته للوضع وبهذا المعنى أيضاً يعبر عن احترامه لرأي الشيعة المستقلين ولمطلبهم”.

وتابع شمس الدين “القانون هو غير دستوري ولكن من سوف يواجهه فرئيس مجلس النواب هو أحد أقطاب الثنائية الشيعية، والنواب الشيعة المتواجدين في المجلس هم من هذه الثنائية نفسها، أما رئيس الجمهورية فلم يوقع القانون، في حين لا نتوقع من رئيس الحكومة أن يبادر في أي خطوة بهذا الموضوع في المرحلة الراهنة ونحن نتفهم هذا ولنا أمل أن يكون هو أكثر تفهماً وأكثر راحة في المرحلة اللاحقة”.

وعمّا إذا كان عدم ردّ القانون إلى مجلس النواب يعكس ترجمته بالتحالفات إن بين حزب الله والتيار أو ما يحكى عن ورقة تفاهم سوف تنضج قريباً بين حركة أمل والتيار أوضح شمس الدين قائلاً “ليس لدي علم بهذا وطبعاً هناك اعتبارات سياسية لدى رئيس الجمهورية الذي هو نقطة ارتكاز في الدولة اللبنانية وربما يحسب لتحالفات ولكن هذه التحالفات ينبغي ألاّ تمنع إطلاقاً رئيس الجمهورية من أن يفي بقسمه أو يتعهده بشكل صحيح باحترام الدستور وبوضعه فوق الجميع بأي شكل من الأشكال ومع أي طرف من الأطراف”.

 

إبراهيم شمس الدين

 

مضيفاً “ينبغي أن لا يتعارض أي تحالف مع الدستور واحترام الدستور وصون وحدة البلاد والكون على مسافة واحدة من الجميع، رئيس الجمهورية له رأي وله فهم وله قرار ولكنّه ليس محازباً ولا يدخل في تحالفات مع لبنانيين ضد لبنانيين آخرين، فهو بمجرد أن يقسم اليمين على احترام الدستور يصبح محرراً ومحمياً من ضغوطات”.

ولفت شمس الدين إلى أنّ “رئيس الجمهورية بعدم توقيع القانون أعطى الشيعة المستقلين مقداراً وبعدم رده أعطى الطرف الآخر أيضاً مقداراً”، هامساً “حصتهم أكبر من حصتنا لربما قد قسمها الرئيس ثلثين بـ ثلث، وهنا أتوجه بتعبيري إلى فخامته أننا نحن سوف نكون الثلث الضامن إن شاء الله في المستقبل”.

وعمّا إن كان الرئيس يتعرض لضغوطات من جهات حزبية، أكّد شمس الدين “الرئيس لا يخاف ولا ينبغي قطعاً أن يخاف غضب أحد ولا يُضغط عليه، فالرئيس هو رئيس البلاد ورئيس الجميع، وأكرر مقولتي المعروفة دائماً من سنوات أنّ الدولة لها رئيس واحد وليس ثلاثة رؤساء وهذا الرئيس هو رئيس الجمهورية، وبمجرد قسمه هو يصبح في حلّ من أي التزامات، فقسمه لحماية الدستور يحمي الرئيس من التعرض لأية ضغوطات خاصة مخالفة الدستور وبهذا المعنى أيّة تحالفات لا تستطيع أن تجبر الرئيس على مخالفة الدستور ولا يحق لأحد أن يغضب منه لأنّه يطبق الدستور، وعملياً الجهة التي تضغط أو تريد للرئيس أن يخالف قسمه تكون في حالة فضيحة سياسية والرئيس يستطيع أن يفعل هذا”.

هذا وناشد الوزير السابق ابراهيم شمس الدين عبر موقع “جنوبية” رجال الدين المحترمين أن “يستردوا استقلاليتهم ويحفظوها ويحافظوا وعليها وليتذكروا أنّ الشيخ محمد مهدي شمس الدين قد بذل جهداً كبيراً ومكلفاً أيضاً لكي يحمي عنوان رجل الدين ويبقيه محترماً فيما بينه وبين نفسه وفيما بينه وبين الناس، وألا يتبعوا السلطان فاتباع السلطان يأتيهم بالهوان، وألا يخشوا في الإفتاء وفي القضاء فإنّ الله يسوق الرزق، والارتهان إلى أي زعامة سياسية أو سلطة سياسية هو هوان لرجل الدين المحترم ويفقده دوره ويجعله محازباً”.

متابعاً “أكثر الجسم العلمائي يرفض فكرة رجل الدين الحزبي، التي رفضها موقفاً ومنهجاً الشيخ محمد مهدي شمس الدين، أنا أدعو العلماء المحترمين منهم أن يحفظوا مؤسسة المجلس وأن لا يخضعوا للضغوط وأن لا يخافوا الضغوط، وأن لا يكونوا مرتهنين لأحد”.

إقرأ أيضاً: بعد التمديد استباحة لشواغر المجلس الشيعي

وأردف شمس الدين “أذكرهم هم تحديداً أنّ الهيئة الشرعية (باعتبار الهيئة العامة الناخبة تنتخب هيئة شرعية من 12 عضواً) لها سلطات وصلاحيات واسعة باعتبارها هيئة ضمن مؤسسة التي هي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ولهذا يكون الرئيس ونائب الرئيس الأول من هذا الجسم ونائب الرئيس يكون من هذه الهيئة، رجال الدين أو الهيئة الشرعية لها قدرة ولها صلاحيات، ولها نفوذ تستطيع أن تمنع المجلس استلحاقه لأي جهة سياسية، وأن تعيده وهذا دور وموقف مطلوب من رئيس المجلس كما قام به الشيخ شمس الدين، أن يكون المجلس على مسافة واحدة من الجميع وأن لا يكون محاذباً لأحد أو جهة وأن لا يكون قطعاً ويقيناً مستلحقاً لأيّة جهة كما هو الآن عليه الأمر بكل أسف”.
وفيما يتعلق بالخطوات القادمة بعد إعلان القرار في الجريدة الرسمية، شدد شمس الدين أنّ “الأمر لا ينتهي عند القانون وأنّه نشر، هناك أمور قادمة ونحن نتوقع مخالفة مستمرة للقانون للقوانين في إدارة المجلس الشيعي الحالية التي ستمدد لنفسها، وسوف نكون مترقبين ومتيقظين وسوف تتوسع هذه الحركة للتصدي لأي محاولة جديدة لمخالفة القانون وستضم أشخاصاً وفعاليات أخرى حتى يكون الشيعة اللبنانيون أكثر إطلاعاً وأكثر معرفةً و وعياً فيما ينصب لمؤسساتهم المركزية”.

إقرأ أيضاً: المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ضحية النواب الشيعة ومصادراتهم الحزبية

خاتماً “هذا التحرك الذي قمنا به وسوف نستمر في القيام به سيجعل اللبنانيون الشيعة أكثر إدراكاً و وعياً لما يخسرونه ولما يسلب منهم من حق صناعة مؤسساتهم المركزية التي قامت للتعبير عن طموحاتهم وطموحات الشباب فيهم في السبعينات، والتي تمكنهم من تطوير أوضاعهم، هذه المؤسسة التي أسسها السيد موسى الصدر الآن هي أسيرة ومسلوبة وإن كان هناك عجز في الفضاء السياسي العام، عن التعبير عن إرادة سياسية وعن رأي سياسي وعن التنوع السياسي الداخلي في الطائفة الشيعية، هذا الرأي يمكن التعبير عنه عبر انتخابات المجلس الشيعي وعبر جعله مؤسسة مستقلة عن أي تدخل وعن أي استلحاق”.

السابق
القوات العراقية تقبض على إبن عمّ البغدادي في الموصل
التالي
عن منزل زين الذي «عُفش» في حلب… وعن مُعفِّشين آخرين