التوتر السعودي- الإيراني: أسبابه وتأثيره على المنطقة

الصراع الشيعي- السني هو حلقة جديدة من الصراع السعودي-الايراني، والذي يتمظهر في عدد من الدول العربية، أبرزها لبنان والعراق واليمن وسوريا مما يؤكد قدرة ايران على نقل الخلافات بينها وبين السعودية الى اماكن بعيدة عن اراضيها.

نشرت “وكالة الأناضول” تقريراً بُعيد زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد مؤخرا، اعتبرت فيه أن زيارة الجبير تهدف الى مساعدة بغداد للتحرر من السيطرة الإيرانية، وعودته إلى الحاضنة العربية.

وأن المرحلة المقبلة هي من أجل تشذيب جوانح إيران هناك، خاصة أن التوقيت مناسب لأكثر من زاوية، منها ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبّر أكثر من مرة عن امتعاضه من السيطرة الإيرانية في العراق في ظل انحسار “داعش”، حيث تتطلب المواجهة مع ايران مشاركة جهات عربية فاعلة لإيجاد قواسم مشتركة بين مختلف العراقيين لتمهيد الارض لإجراء مصالحة سياسية تقضي على التطرف الديني فيه.

إقرأ أيضا: ماذا تقدّم السعودية وإيران للبنان؟

وكان الجبير قد وصل إلى العراق دون اعلان مسبق، وهي الأولى لوزير خارجية سعودي منذ أكثر من 27 عاما، وهذه الزيارة تعد سابقة، حيث التقى رئيس الوزراء حيدر العبادي، ونظيره إبراهيم الجعفري. وقد جاءت هذه الزيارة موازاة مع زيارة الشيخ حسن روحاني إلى كل من سلطنة عمان والكويت.

ورأت (وكالة الأناضول) ان هذه الزيارة تندرج الزيارة في إطار المسعى الخليجي الأميركي لإبعاد العراق عن إيران وبالعكس. وقد ذكر موقع (أميّة برس) أن وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الاميركية في 20 من كانون الثاني الماضي، اشعل حربا إعلامية بين واشنطن وطهران.

وكان بلغ التوتر السعودي- الإيراني ذروته، حين اعلنت السعودية عن قرارها بقطع العلاقات الديبلوماسية مع طهران، رداً على الهجوم الذي استهدف سفارتها في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد الايرانية مع إحراق العلم السعودي والقنصلية السعودية فيها.

وقد تصاعد الخلاف بين البلدين على خلفية ان الرياض ترى في سياسات طهران العدائية التامة، والتدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وزعزعة الامن في المنطقة، اضافة الى دعم الحوثيين في اليمن.

لكن لم يكن تاريخ العلاقة بهذا السوء، بل انه مرتّ في عهد الشاه الراحل، بحالة من الاستقرار، كون طهران والرياض كانا ضمن حلف واحد تقوده واشنطن ضد موسكو خلال فترة الحرب الباردة.

لكن هذه العلاقات توترت بعد انتصار الثورة الايرانية وإعلان الجمهورية عام 1979، حيث خرجت إيران من صراع القطبين، واعتمدت فلسفة تصدير الثورة الى المنطقة العربية. مقابل دعم السعودية للعراق في حربه ضد إيران والتي امتدت على سنوات ثماني ما بين(1980-1988). اضافة الى احتلال العراق للكويت.

لكن كان لوصول محمد خاتمي إلى سدة الرئاسة في إيران وعملية الانفتاح التي قادها في تحّسن العلاقة السعودية الايرانية التي عادت وتفجرت مع انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2005.

إقرأ أيضا: السعودية بين الخطة الإقتصادية وتمويل التحالف: نجاحٌ أولي وعبءٌ عسكري

من جهة اخرى، ربطت ايران نفسها بجميع الفصائل والقوى المؤيدة للقضية الفلسطينية التي اهملتها الانظمة العربية الرسمية والتي سعت الى توقيع مبادرات سلام  مع اسرائيل. كل ذلك اضافة الى دعم حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان وغزة.. وآخرها دعم النظام السوري بعيد اندلاع الاحداث في سوريا في العام 2011.

وبحسب (المركز العربي للابحاث) جاء اندلاع “الربيع العربي” مظهرا من مظاهر الخلاف السعودي الايراني حيث دعمت كل الثورات ما عدا الثورة السورية، واعتبرتها موجهة ضد المقاومة فانخرطت فيها ضد الشعب السوري.

في حين ان السعودية كانت ضد الربيع العربي في جميع الدول العربية لدرجة انها استقبلت الرئيس التونسي المخلوع ودافعت عن الرئيس المصري والرئيس اليمني، الا انها وقفت ضد الرئيسين السوري والليبي معا نظرا لاختلاف سياستهما معها.

منهنا، كان للمصالح الخاصة لكل من البلدين، اي ايران والسعودية، الدافع نحو دعم هذه الثورة او تلك. وكانت إيران سعت الى فتح قنوات تواصل مع كل الشيعة في البلاد العربية، محاولة ادّعاء تمثيلها والدفاع عن قضاياهم باسم المذهبية. من خلال فرض نظام ولاية الفقيه الديني كممثل لشيعة العالم وقد تبناها حزب الله في لبنان بشكل تام. حيث كان لتأسيس حزب الله في لبنان عام 1885، و”فيلق بدر” عام 1982 في العراق، والحوثيين في اليمن، و”الحشد الشعبي” في العراق، دورا في تمدد السيطرة الايرانية داخل المنطقة العربية.

إقرأ أيضا: التحالف الاسلامي بقيادة السعودية…يقسم اللبنانيين

واليوم يتخذ الصراع السعودي الايراني وجها طائفيا بعد ان كان صراع أحلاف حيث دخلت منطقة الخليج في سياق صراعٍ طائفي بين “معسكرٍ سني” تقوده السعودية، و”معسكرٍ شيعي” تقوده إيران. وعلى الرغم من التوتر في العلاقات بين السعودية وايران، الا أنّ الرياض وطهران لا ترغبان في التصعيد والمواجهة المباشرة. لذا من المرّجح أن تستمر المواجهة في مواقع بعيدة كاليمن وسوريا.

السابق
بالفيديو: نزوح جماعي لأبناء مخيم عين الحلوة
التالي
مجموعة بلال بدر تنفذ عمليات قنص في عين الحلوة