الخطر الداهم في سورية وليس جنوب لبنان

انشغل معظم وسائل الإعلام خلال الأيام الفائتة بنقل ما ورد على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الاحتفالات التي أقيمت في ذكرى "سادة النصر" 16 شباط 2017 حول شروط المواجهة مع العدو الإسرائيلي ردة فعل الاستخبارات الإسرائيلية على ذلك.

رأى البعض في السجال الذي حصل وكأنه فتح الباب أمام حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله. لكن يبدو أن التصعيد هو محاولة من حزب الله لإفهام إسرائيل بأن ما يحصل في سورية لا يعني أن الحزب يمكن أن يصير لقمة سائغة أمام العدو الإسرائيلي، وذلك تطبيقاً لسياسة أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع.

ويبدو أن ردة الفعل الإسرائيلية تأتي لإقناع واشنطن بإعطاء الإذن بتوجيه ضربة إلى حزب الله، بعد أن فشلت في الحصول على الإذن خلال وجود الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

في قراءة متأنية للوضع العام يمكن القول أن الخطر الأساس يكمن في ما يتم تحضيره للتلاعب بالكيان السوري وفق ما يطرح كتسوية الوضع هناك. فالأجواء في استانا – كازاخستان لم تبشر بالخير. وما تطرحه موسكو على من يمثل واشنطن، ونعني أنقرة وتل أبيب، من تسوية في سورية تبدو شروطها غير ناضجة حتى اللحظة الراهنة.

لكن في الخارطة التي يتم رسمها ونقاشها مع الأطراف المعنية يمكن القراءة بالآتي:

أنقرة أعلنت بصراحة إكمالها لمعركة السيطرة على مدينة الباب واستيلائها على مساحة 5000 كلم2 لتشكل منطقة آمنة ممسوكة من الجانب التركي وتستخدم فيها بعض فصائل المعارضة السورية الموالية لها، وإكمال الهجوم على منبج وصولاً إلى الرقة. وتلعب موسكو دور الإطفائي ما بين الجيش التركي وحلفائه والجيش السوري حلفائه. وإلى الجانب الشمال الشرقي يبدو أن جيباً كردياً قيد التأسيس برعاية واشنطن في محاولة لإقامة إقليم كردي في الكيان السوري العام.

اقرأ أيضا:سوريا المفيدة: صراع شيعي – علوي تحت الرماد

أما في الجنوب السوري، لا يجد العدو الإسرائيلي مشكلة في السيطرة على المنطقة وخصوصاً بعد نجاحه في بناء علاقات وطيدة وتقديم خدمات لبعض الفصائل السورية المعارضة وخصوصاً جبهة النصرة والتي تجعل من العدو الإسرائيلي ضامناً وممسكاً بالمنطقة بغض النظر عن المسيطر على الأرض.

أما موسكو فكل همها السيطرة على مناطق سورية غنية بالثروات الطبيعية وعلى الساحل السوري، وهو ما أطلقت موسكو عليها إسم سورية المفيدة وذلك باتفاق مع العلويين في المنطقة، ولا يعني لها شيئاً وجود كانتونات سنية في مناطق مختلفة ولا تهتم موسكو بمن يمسك بها.

كل ذلك في إطار الكيان السوري القانوني، لكن ما يطرأ عليه هو اضمحلال السلطة المركزية وفقدان الأهمية الفعلية لسلطة دمشق. وإبقاء مكونات الكيان في حالة حرب دائمة.

فماذا يبقى لطهران التي قدمت الكثير من أجل النظام السوري، وماذا بقي لحلفائها؟ وماذا سيترك هذا الوضع من أثر سلبي على الكيان اللبناني؟

أليس ذلك مدخلاً لقراءة فعلية في خطاب نصر الله؟ حتماً للحديث تتمة.

السابق
جنبلاط: لا بأس بالخلط بين النسبية والاكثرية
التالي
لوبان: سوريا ليست كلها في حالة حرب وعليها اعادة مواطنيها