معركة «الجديد»: قلوب مليانة بين عون وبري

ما شاهده اللبنانيون وسمعوه في اليومين الماضيين بين مناصري أمل ومحطة الجديد، فتح المشهد على ما هو خفي من صراع القوة والنفوذ داخل الدولة، يقول أحد خصوم الرئيس بري لقد ولّى الزمن الذي كان فيه الرئيس بري يذبح بظفره، الزمن الذي كان فيه زعله يهزّ البلد، ويضيف نحن في عهد ميشال عون في عهد دولة القانون.

لا يبدو أنّ اعوان الرئيس نبيه بري في حركة أمل كانوا موفقين بإدخال الرئيس بري في معمعة هو أكبر من أن يتلوث بها، فما جرى ضد محطة “الجديد” في اليومين الماضيين، كان مؤشراً على أنّ قوة الرئيس بري ونفوذه يتراجع، إذ بدا شبه وحيد في مشهد تفادى الكثير من حلفائه وأصدقائه، إصدار أيّ موقف مساند لما قام به مناصرو أمل ضد “الجديد” الجميع لاذ بالصمت ووقفوا يشاهدون نتيجة المواجهة غير المباشرة بين الرئيس ميشال عون والرئيس بري، حزب الله المنتشي بمواقف الرئيس حيال سلاحه، لن يقبل بمسّ عهده في بدايته، وحليفه النائب وليد جنبلاط يكفيه الحصار السياسي والإنتخابي الذي يعانيه ولا يريد أن يتلقى المزيد من الخسائر، فيما قرار تدفيعه ثمن مواقفه المشرفة مع الثورة السورية يجري ترتيبه وإعداده من قبل حزب الله والرئيس عون. حادثة الجديد شكلت اختباراً جديداً لموقع الرئيس بري وهيبته، التي بدأت عملية تحجيمها مع انتخاب العماد ميشال عون، والذي كان الرئيس بري آخر من يعلم بصفقة الإنتخاب، وكانت المرة الأولى التي يخفي فيها حزب الله عن حليفه ما تمّ الإتفاق عليه خارج الحدود بتسمية عون رئيساً.

معركة “الجديد” هذا ما يصفه أحد المخضرمين في السياسة، المعركة تتجاوز المحطة وما قيل ويقال في العلن، إلى معركة تحديد الاحجام، زعل الرئيس بري كان مكلفا في السابق، أمّا اليوم فيراد له أن يكون كزعل الأخرين من السياسيين لا يهز البلد ولا يوقف عجلة الدستور والقانون، ثمّة رئيس جديد للبلاد يحظى بشبه إجماع مسيحي والأهم ببركة حزب الله، وهذا الرئيس اسمه ميشال عون. وهذا ما كشفته وقائع ليل لأمس الثلاثاء حين تقاطر مناصرون من حركة أمل إلى لأمام مبنى الجديد وسط حضور أمني خجول فما الذي حصل؟

 


لم يكن أيّ من مسؤولي الأجهزة الأمنية ولاسيما العسكرية مساء أمس الثلاثاء، يستجيب لمناشدة محطة الجديد، المطالبة بلجم المحتجين أمام مبناها في وطى المصيطبة، تدفق مناصرو أمل وتخوف العاملون في المحطة من عملية اقتحام يقدم عليها مناصرو حركة أمل الذين تجمعوا أمام المبنى وكالوا الشتائم للمحطة ورئيس مجلس ادارتها تحسين خياط بسبب ما اعتبروه إهانة للإمام الصدر والرئيس نبيه بري صدرت عن أحد برامج المحطة، ورافق الاحتجاج والشتائم عملية رشق الحجارة التي أدّت إلى تكسير زجاج الطوابق السفلى من المبنى.
لحظة هبوط طائرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أرض المطار قادماً من زيارة رسمية قادته إلى القاهرة وعمان، صدرت أوامر من رئيس الجمهورية بتشتيت الجموع من أمام الجديد ووقف التعديات خلال ثلاثين دقيقة، أكثر من ثلاث ساعات فصلت بين بدء الاعتصام وتدخل الجيش، والسبب أنّ احداً لم يجرؤ على إصدار الأمر باستثناء رئيس الجمهورية. لحظة قدوم قوة من الجيش اللبناني كان بعض ضباط شرطة مجلس النواب، يعملون على فضّ الجموع، تفادياً لحصول أيّ مواجهة مع الجيش.

إقرأ أيضاً: حرب «هاشتاغ» في مواقع التواصل بين «أمل» و«الجديد»

فيما شكلت هذه الخطوة إشارة الى أنّ رئيس الجمهورية لن يتهاون لا سيما في بداية عهده، حيال ما يعتبره الكثيرون ضربة لهيبة العهد، وفي هذا السياق أكدت مصادر متابعة، أنّ ردة فعل جمهور حركة أمل، أوقعت الرئيس بري في موقف لا يليق به، فرئيس مجلس النواب لا يمكن أن يقبل أن يُحشر اسمه بهذه الطريقة، ليبدو في موقع الندّ مع محطة تلفزيونية، وكان يمكن اتباع خطوات قانونية للمطالبة بالرد القانوني، على ما اعتبِر إساءة من قبل “الجديد” لقضية الإمام الصدر.
يقول بعض المتابعين لهذه القضية أنّ ما كان يمر من سلوك غير قانوني في الشارع قبل تولي العماد عون مقاليد السلطة، لن يمر بعد رئاسته للجمهورية، وهذا ما قاله بصريح العبارة مخرج البرنامج (محل الاحتجاج) شربل خليل، بأنّ الرئيس ميشال عون هو غير الرئيس ميشال سليمان، وأضاف في تعليق على حسابه في شبكات التواصل الاجتماعي “عم تحلموا إني إعتذر على الحلقة يلي تم بثها بشأن موسى الصدر وإسم النائب حسن يعقوب يستفز مناصري حركة أمل والقصة مش قصة رمانة القصة قصة قلوب مليانة”.

إقرأ أيضاً: يعقوب لـ«جنوبية» : يجب على قيادة امل الاعتذار من الامام واخويه ومنا ومن قناة الجديد

محطة “الجديد” قامت برفع دعوى أمام القضاء ضد حركة أمل ممثلة برئيسها الرئيس نبيه بري، فيما مناصرو أمل يصرّون على تقديم المحطة اعتذاراً علنياً، وهذا ما رفضته نائب مدير الأخبار في المحطة كرمى خياط، معتبرة أنّه ليس من ذنب ارتكبناه ليتطلب اعتذاراً، ويمكن ملاحظة أنّ “الجديد” باتت مطمئنة إلى أنّ رئيس الجمهورية لن يسمح باستباحة مبنى المحطة، بعدما تلقت القيادات العسكرية والأمنية المعنية أوامر بأن تكون حازمة حيال أيّ محاولة تتسم بمخالفة القانون في الشارع ولا سيما تجاه العاملين في المحطة أو مبنى “الجديد”.
مش قصة رمانة القصة قصة قلوب مليانة بين الرئيسين عون وبري، وقانون الإنتخاب في صلبها.

السابق
كتلة المستقبل: نكرر تمسكنا بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها
التالي
رئيس «سي اي ايه» التقى بالرئيس برام الله قبل لقاء نتنياهو ترامب