العالم يسير ببطء نحو حرب عالمية ثالثة

قبل يومين قالت صحيفة "ذي صن" البريطانية أن العالم توهم حين إنتهت الحرب الباردة بأن لا مزيد من الحروب الكبرى.

مع وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى سدة حكم اقوى دولة في العصر الحديث، تضخمت التوترات بين عدد كبير من الدول الإقليمية، وبحسب الصحيفة بات وارد جداً أن تجنح تلك التوترات إلى حرب عالمية جديدة ولكن ميزة هذه الحرب ستكون بأنها اكثر تعقيداً والأكثر دماراً بتاريخ الإنسانية.

وقد تردد في الاونة الاخيرة إسم «الحرب العالمية الثالثة» في صحف غربية مرموقة، وعلى لسان أشخاص إحتلوا لفترة من الزمن مراكز مرموقة في صنع قرارات السلم والحرب حول العالم. في 26 كانون الثاني من العام الحالي، قال اخر رئيس للإتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف “العالم كما وكأنه يستعد لحرب كبرى، إن زعماء العالم في حيرة وتخبط في ظل عالم تسوده مشاكل ضخمة، ولا يوجد خطر يزاحمنا أكبر من سباق التسلح والخطاب السياسي العسكري والذي يجب الوقوف بوجه منعاً للدمار.”

ويضيف غورباتشوف في حديثه لمجلة “تايم” ان الوضع الراهن خطير جداً لأن الناتو وروسيا ينشرون الأسلحة في مناطق متقاربة جداً، وفي الوقت نفسه تسعى الدول للتسلح وتهمل الحاجات الإجتماعية والإقتصادية للناس. ويشدد غورباتشوف على خطورة ومساوئ الأسلحة النووية بعد ازدياد الحديث عنها بسهولة مفرطة بالتوازي مع انحدار العلاقات بين روسيا وأميركا اللذان يمتلكان 90% من القدرة النووية العسكرية حول العالم.

إقرأ أيضاً: وليد فارس اللبناني مستشار دونالد ترامب

وتعد الصين وروسيا إحد العوامل الرئيسية لإندلاع أي نزاع عالمي. بحسب المحلل بول ميلر في مقاله الذي نشر في مجلة “فورن بولسي” فإن روسيا والصين يشعران في الفترة الراهنة بأن أهدافهم لم تتحقق بسبب العراقيل التي تواجههما، ولكنهم في الفترة الاخيرة يكثفان جهودهما لتعطيل مسار النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية وإسقاط النظام الإقتصادي الذي ارسته. كذلك لعبت روسيا دوراً في تقويض الديمقراطيات عبر الدفاع عن الأنظمة الحاكمة المستبدة. ويشير ميلر إلى مساعي الرئيس الروسي فلادمير بوتين إلى احتلال الدول المجاورة لبلده مدفوعاً بشعور قومي وديني غريب يحاول من خلاله محاربة ما يراه في دول اوروبا الغربية من إنحطاط اخلاقي وإنفتاح على العولمة. وقد نجحت موسكو من خلال تحركاتها العسكرية في جورجيا وأوكرانيا بأن تكسر مصداقية حلف الناتو كذلك تتحرك أذرع بوتين بين الحين والاخرى لزعزعة الأوضاع في لوتوانيا ولاتفيا من أجل اهداف قد تتحول في المستقبل إلى سيناريو شبيه بما حل في اوكرانيا وجورجيا.

في مقال اخر في مجلة “فورن بولسي” للكاتب روبرت كاغان يتحدث فيه عن “دعم خيار الحرب العالمية الثالثة” كنتيجة لتغيرات حتمية ومتسارعة تواجه النظام العالمي بعد ظهور تيار قوي يحقق اهداف القوى الرجعية. “ان العالم يخطو سريعاً وبشكل مذهل نحو منظومة تحكمها الفوضى”، ويضيف الكاتب بأن اميركا اثبتت ضعفها في حماية العالم الليبرالي.

إقرأ أيضاً: هكذا طرد ترامب قناة «الجزيرة»: ارحلوا !

وعندما ظن العالم بأنه يتمتع بإستقرار إنجرف مجدداً في دوامة الحرب العالمية الأولى وعندما إنتهت الحرب العالمية الأولى ظنت الدول الأوروبية أنها إستقرت على السلم إلى ان حلّت سنة 1930، فإكتشفت تلك الدول أنها تجهز نفسها لحرب مدمرة اخرى إنفجر بارودها في عام 1939 لذلك ليس معروف برأي كاغان كيف سيتصرف ترامب المبدي ميولاً لمفاقمة الأزمات الراهنة تحتل الصين فيها مركز القوة الرجعية الكلاسيكية المزعزعة لإستقرار الشرق بينما تمثل روسيا القوى الرجعية المقوضة لإستقرار اوروبا الشرقية والغربية. كذلك بعد حروب منطقة الشرق الاوسط الجديدة وإرتدادها على العالم تبدو الدول الديكتاتورية أكثر امناً واماناً وإستقراراً من الدول الليبرالية. وتشكل موسكو رأس الحربة في تغيير نتائج الإنتخابات وأزمة اللاجئين إلى أوروبا الغربية بعد إكتشافها أن ذلك التدفق للاجئين كفيل بأن يبث روح إنعدام الثقة بين الشعوب والحكام في اوروبا الغربية.

وفي السياق نفسه نشر موقع “لومباردي” دراسة للكاتب ألسندرو برونو يتحدث فيها عن أن العالم يضع يده على الزناد لإطلاق رصاصة الحرب العالمية الثالثة ومن أبرز أثارها خسارة هيلاري كلينتون أمام ترامب. فقد تحدث جزء كبير من الأميركيين عن أن ترامب منع وقوع حرب مدمرة مع روسيا، لذلك تشعر الإدارة الجديدة بالامل من إستئناف الحوار مع موسكو لتجنب وقوع نزاع مدمر. ومع ذلك فإن ترامب قد أطلق الحرب رغم عدم شعوره بذلك بعد أن إتخذ إجراءات تعزز سماتها الأولية، ألا وهي الحرب التجارية، وذلك بإقدامه على إلغاء عدد من الإتفاقات التجارية وتصعيده ضد الصين وألمانيا مما يعرض المستشارة الالمانيا أنغيلا ميركيل للإنتكاسة خلال المعركة الإنتخابية المرتقبة. ويقول برونو بـ”أن داعش التي لم يجهز عليها ستشكل إحد العناصر الجديدة للنزاع الدولي”. أما عن الداخل الأميركي فإن ترامب شكل ظاهرة فريدة من نوعها كشفت تصدعات المجتمع الأميركي.

إقرأ أيضاً: تشكيلة ترامب للبيت الأبيض تضاعف الانقسام الأميرك

وفي مقالٍ اخر للكاتب الاميركي جيّسون مورفي نشر بتاريخ 5 شباط 2017، تدور فكرته حول سؤال إلى متى سيستمر السلام؟، وبرأي مورفي فإن إتفاقيات السلام التي وُقع عليها خلال الحرب العالمية الثانية مر عليها فترة طويلة من الزمن.ستتجاوز عتبة الستين عام. ويقول الكاتب إن من الأفضل التفكير بعمق في سؤال هل هنالك فرصة حقيقية لحصول نزاع كارثي؟ وبحسب الكاتب فإن ما جاء على لسان احد قيادات الجيش الصيني مطلع العام الحالي يمثل سابقة خطيرة إذ قال الاخير ان الحرب مع اميركا ليست فقط شعارات. لذلك يختم الكاتب بالإشارة إلى ان التاريخ يقر بأن السلام لا يدوم إلى الأبد.

بالإضافة إلى ذلك وبتاريخ 8 شباط 2017 نشر موقع “زي ناشونال” المتخصص بالدراسات العسكرية والنزاعات؛ مقالاً للباحث ميكا سيفري يتحدث فيه عن شخصية كبير المستشارين في إدارة ترامب ستيفن بانون الذي يتمتع بشخصية فذّة وعدوانية ويُذَكر الباحث بخطاب ألقاه بانون عام 2014 امام الفاتيكان والذي دعا فيه الى الوحدة بوجه ما وصفه بالهجمة البربرية من الإسلام الجهادي على الدول المسيحية وبأنه ينطوي على بذور نزاع عالمي يجب مكافحتها قبل ان يجتاح قيادات الدول الغربية شعور الندم.

 

 

السابق
وهاب يدعو إلى إستدعاء ممثلة الأمم المتحدة بعد حديثها عن قرار 1701
التالي
إشادة الرئيس عون بسلاح حزب الله تهدّد بعودة الانقسام السياسي