ترامب مستمر بالحشد ضد إيران

منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيادة «أعظم امة في العالم» والسؤال يدور في فلك «هل يشن ترامب حرباً على إيران؟». التوتر بين أميركا وإيران يحتدم ورغم التلويح بالحرب إلا ان البعض يرى حديث الطرفين عن نشوب نزاع محط سخرية بسبب التجارب السابقة.

في تصريح جديدة، أنذر الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الرئيس الإيراني حسن روحاني بعبارة «إحذر أفضل لك» واتت عبارة ترامب بعد أن هدد روحاني بأن “الإيرانيين سيجعلون واشنطن تندم على استخدام لغة التهديد تجاه طهران”. وقال الرئيس روحاني هذا في كلمة ألقاها أمام عشرات الآلاف من الإيرانيين المشاركين بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإيرانية في طهران.

وعندما سئل ترامب لاحقا عن تصريحات روحاني، اجاب «من الافضل له ان يبقى حذرا». واضاف أن «على الذين يتوعدون حكومتنا وقواتنا المسلحة ان يعلموا ان شعبنا موحد وسيقاوم حتى النهاية بمواجهة اعدائنا».

بالمقابل، وبعد بضعة أسابيع على وصول الإدارة الأميركية الجديدة، حققت السعودية تقدماً في إعادة موضعة نفسها كجزء أساسي في منطقة الشرق الاوسط وذلك بعد التهميشِ الذي لحق دورها خلال حقبة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما. أما اخر إنجازات السعودية، فهو حصولها ليل البارحة على ميدالية “جورج تينت” من قبل وكالة الإستخبارات الاميركية المركزية “تقديراً لها على جهودها في مكافحة الإرهاب وإسهامها اللامحدود في اعمال بسط الأمن والسلم الدوليين”.

وتسلم الميدالية الأميركية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، الذي لعب دوراً أساسياً في مكافحة تنظيم القاعدة وتنظيمات إرهابية إخرى داخل السعودية، قد ألقى بن نايف كلمة أعقبت ختام الحفل التكريمي قال فيها أن “المعتقدات والأفعال الشيطانية للفئات الإرهابية تتبرأ منها الأديان السماوية”.

وفي الأونة الاخيرة تحدث البنتاغون الأميركي عن جهوزية صفقة الأسلحة بين واشنطن والرياض وتبلغ قيمتها مليار دولار وتأتي الصفقة في إطار تعزيز تعاون البلدين العسكري في الخليج العربي، وعقبت واشنطن على الخطوة بالقول “هذه الصفقة ستعزز أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال تعزيز أمن حليف مهم ما زال قوة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط”.

إقرأ أيضاً: أبرز مخاطر تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية

وفي سياق متصل كان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس قد وصف إيران بأنها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم ولقي تصريحه قبولاً شديداً من قبل العديد من الدول العربية والغربية وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران بسبب تجربتها صاروخا باليستيا، وأثارت قبل يومين الصحف الأميركية نبأ مفاده إقدام طهران على إجراء تجربة صاروخية جديدة، إلا أن الأخيرة علق على الأمر بالأخبار الكاذبة.

ويدرس الكونغرس حالياً قانون لإدراج منظمة الحرس الثوري الإيراني ضمن لائحة الإرهاب الأميركية، وتشير التقارير بأن مثل هكذا خطوة قد تؤدي إلى نتائج خطيرة بعد تحذير مسؤولين أميركيين من أن القيادة الإيرانية قد ترد عبر تحريك الشيعة في العراق. وفي السنوات الخمس الفائتة تمكن الحرس الثوري من تمتين دوره في العراق، وإنشاء كيان عسكري يضم مئات المنظمات الشيعية، ويشرف الحرس الثوري من خلال قوات القدس بقيادة الجنرال قاسم سليماني على الحشد الشعبي، ويتلقى توجيهاته العسكرية من إيران رغم نفي العراق لأكثر من مرة ذلك.

وحذر مسؤولون أميركيون من أن الحرس الثوري في حال طاله قانون التصنيف الإرهابي فإنه لن يتواني عن إستهداف الأميركيين المتواجدين في العراق، مما سيؤدي إلى إنهيار التحالف المبطن بين قوات الحشد الشعبي الممولة من إيران والقوات المسلحة الأميركية اللذين يشاركان سوياً في العمليات العسكرية ضد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في مدينة الموصل.

إقرأ أيضاً: أضخم مناورة برية سعودية وإيران ترد بـ «ولاية 94»

من جهة اخرى أشارت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية عبر مقال نشر اليوم جاء بعنوان “ترامب سيشعل حربا مع إيران وهو ما يخدم تنظيم داعش”، الى ان ترامب لن يردعه أحد من شن حرب على إيران مستلهماً سياسات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل في تعامله مع إيران. وبحسب الصحيفة يطالع ترامب كتبا في الوقت الراهن، كتب تاريخ متخصصة بسرد تفاصيل الحروب القديمة، أكثر من اهتمامه بالأحداث الجارية خلال العصر الحالي، ومن بين تلك الكتتب “معركة غاليبولي” التي تناولت حقبة تشرشل ودوره البارز في رسم سياسة المنطقة. ولفتت الصحيفة إلى أن الشرق الاوسط يتمتع بخاصية في بنيته قابلة لنشوب الحروب بإستمرار، وعلى القيادات البارزة أن تمتنع عن الوقوع في الأخطاء لأنها تؤدي دائماً على نتائج كارثية ولا يمكن إعادة إصلاحها. وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي الجديد يسعى لإصلاح المنطقة بعد ما باءت محاولة الرؤساء اميركا السابقين بالفشل.

ومن بين تلك المحاولات، تجربة الرئيس الاميركي السابق جورج دبليو بوش بإصلاح الشرق الأوسط عبر إحتلال العراق واسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ولكن الإدارة الأميركية الجديدة تتهم ادارة بوش بأن قرار الدخول إلى العراق كان كارثياً. كذلك سعى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى تكرار المحاولة عبر التقرب من إيران وسحب القوات الأميركية من العراق وتجنب الغرق في وحل الحرب السورية، لكن ما لبث ان تحولت إيران إلى حوت إبتلعت من خلاله أجهزة العراق الأمنية والعسكرية والدبلوماسية وبسطت قواتها المقاتلة إلى جانب جيش الأسد سيطرتها على عدد من المدن السورية.

ومن جهة اخرى، يحاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التملص من خوض توريط بلاده بالمزيد من النزاعات الإقليمية خصوصاً وأن جهات عسكرية عراقية شاركت ومازالت تشارك في عدد منها. وفي إتصال هاتفي جرى اليوم بين العبادي والرئيس الاميركي دونالد ترامب، أكد رئيس حكومة العراق على “أن العراق لن يشارك في الصراعات الإقليمية والدولية”.

إقرأ أيضاً: إيران «تعبانة»… والسعودية «تعبانة»!

أما عن روسيا العالقة بين تحالفها مع طهران في سوريا وسعيها للتقارب مع أميركا لحل الصراعات وتوطيد جهود مكافحة الإرهاب، فتشير الباحثة آنا بورشفسكايا عبر دراسة لها في “معهد واشنطن” إلى ان من الممكن لإدارة ترامب إستغلال عدة نقاط لتوسيع الفجوة بين طهران وموسكو ولكن من المستحيل كسر التحالف بينهما لأنه تحول في الأونة الاخيرة إلى حلف إستراتيجي يجني ثماره.

 

وفي مقال لـ”زا اتلنتك” حول إمكانية نشوب حرب أميركية – ايرانية، يشير إلى ان التوتر الاميركي الذي انطلق مع بوش ومر به اوباما وصل إلى ترامب وهو يقف على فوهة بركان، لأن الطرفين يقفان على نقيض كبير في النزاع أكان في سوريا واليمن والعراق وروسيا ولبنان وفلسطين والبحرين.  وبدلاً من نشر الديمقراطية في إيران إنطلاقاً من العراق نشرت إيران ثيوقراطيتها في بغداد، لذلك فإن ترامب على عكس الرئيسين الاميركيين السابقين، لا يميّز بين إيران الشعب وإيران الحكومة بل يعتبرهما كياناً واحداً.

السابق
هذا ما ستقوله أصالة إذا رأت الوسوف
التالي
جديد هيفاء وهبي لمناسبة «الفالنتين»