يا ويلنا من بعدك يا دولة الرئيس (2): هل يمهد برّي لقيادة جديدة لـ«امل» ومن هي؟

تطرح في الاندبة الشيعية اللبنانية مسألة وراثة رئاسة حركة أمل القوة الثانية للطائفة الشيعية حاليا بعد حزب الله، وذلك مع تقدّم زعيمها التاريخي الرئيس نبيه برّي في السنّ،وهو الذي قادها مدة أربعة عقود في احلك الظروف واصعبها حتى طبعها بطابعه وطغت عليها زعامته.

لم يبق من الجيل المؤسس لحركة امل اليوم وفي داخل الجسم القيادي سوى الرئيس نبيه بري، فمنهم من صار في ذمة الله ومنهم من انفصل عن الجسم التنظيمي كرئيس حركة امل الاسلامية النائب حسين الموسوي، ومنهم من استقال كالرئيس حسين الحسيني، ومنهم من أقيل او استقال كالمسؤول العسكري العام السابق عقل حمية، وغيرهم كثر ممن ينطبق عليهم وصف الرعيل الاول الذين رافقوا الامام موسى الصدر وشاركوه خلال تأسيسه حركة امل.

واذا استعرضنا الوجوه القيادية في حركة امل اليوم، يمكن ملاحظة ان معظم القيادات التي تتقدم صفوف حركة امل اليوم، هي من الرعيل الثالث او الرابع من اجيال حركة امل، وبالتالي يقف الرئيس نبيه بري على رأس هرم امل من دون ان ينازعه في الرصيد التنظيمي وفي تاريخ امل اي شخصية اخرى، الى الحدّ الذي يمكن للبعض ان يتحدث عن انه المؤسس الثاني لحركة امل بعد الامام الصدر، والذي استطاع ان يتفوق على المرحلة الصدرية لجهة الانجازات السياسية، والبعض يذهب الى القول ان الرئيس بري بات بسبب رصيده السياسي الخاص اذا صحّ التعبير يعطي حركة امل اكثر مما تعطيه، لاسيما ان زعامة بري تجاوزت الحيّز التنظيمي الى ما هو ابعد واشمل من محازبي “امل” ومناصريها.

وازاء هذا التلاحم بين موقع الرئيس بري وحضوره من جهة ودوره المحوري والحاسم في قيادة امل من جهة ثانية، يمكن القول ان التحدي الابرز الذي يمكن ان يطرح في المستقبل هو في ظل عدم وجود شخصية تقارب قوة وشرعية ورصيد الرئيس بري، فهل تكون حركة امل امام تجربة جديدة تتسم بقيادة جماعية بعد الرئيس بري اطال الله بعمره؟

اقرا ايضًا: حركة أمل: «يا ويلنا من بعدك يا دولة الرئيس»…

لا شك في أن تنظيم كحركة امل يمثل طيفا واسعا وكبيرا داخل الطائفة الشيعية، لا يمكن الاّ أن يكون قد اعطى الاهتمام للاجابة على سؤال الفراغ في حال حصوله في موقع الرئاسة؟ ولا شك ايضا ان الرئيس بري هو اول من يولي اهتماما لمثل هذا الشأن، على ان ذلك لا يقلل من ضرورة النظر الى واقع مراكز القوى داخل تنظيم امل الذي يمكن ان يلعب دورا في مسار الحركة ودورها المستقبلي وفي هذا السياق يبرز اتجاهين في قراءة مراكز القوى الاول، متصل بعائلة الرئيس بري والتي تحظى باحترام وتقدير واسعين داخل تنظيم أمل، ويبرز في هذا السياق نجل الرئيس بري الحاج عبدالله الى جانب زوجة الرئيس السيدة رندا وهي كما هو معروف الزوجة الثانية للرئيس بري، وهي كذلك لها دور ونفوذ واحترام داخل امل ويسجل لها انجازات على المستوى الاجتماعي والانساني، لكن بطبيعة الحال ليست ضمن الجسم التنظيمي للحركة رغم انها صاحبة رأي ووالدة باسل الذي ينظر اليه كشخصية واعدة في حركة امل. اما الاتجاه الثاني ولا يعني ذلك انه منفصل عن الاول الا من الناحية الشكلية، فهي الوجوه القيادية داخل امل، وتكتسب اهميتها انطلاقا مما صرح به الرئيس بري بأن لا وراثة في قيادة امل.

ومن الوجوه التي يشار اليها تلك القريبة من الرئيس بري، وفي مقدمها يبرز اسم الوزير علي حسن خليل، والذي الى منصبه الوزاري والنيابي يتولى مهمة المعاون السياسي للرئيس بري، لكن الوزير خليل بحسب بعض محازبي امل لا يحظى بقوة ونفوذ في الجسم التنظيمي كما قد توحي المهمات التي يتولاها، بخلاف رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، الذي يصفه البعض بأنه من الوجوه النافذة والمؤثرة في الجسم التنظيمي، ويحظى بدائرة واسعة من التأييد داخل امل، والى قبلان يبرز ايضا النائب هاني قبيسي، الذي وان جرى الحد من صلاحياته التنظيمية، الا انه معروف بولائه للرئيس بري وبنفوذ داخل حركة امل اكتسبه من ادواره الامنية التي لعبها في مراحل الحرب وما بعدها. والى قبيسي يبرز احمد بعلبكي وهو الذي يتولى مسؤوليات امنية منها ادارة عمليات التنسيق مع القوى العسكرية والامنية الرسمية فضلا عن التنسيق مع اجهزة حزب الله الامنية.

اقرأ ايضًا: الخراف تُذبح…ونحن كذلك

بالإضافة الى هذه الاسماء يمكن الاشارة الى رئيس الهيئة التنفيذية الحاج محمد نصرالله (ابوجعفر)، الذي يمكن القول انه من الجيل المؤسس والذي عاصر الامام الصدر، ويصفه الكثيرون باعتباره من الشخصيات المنضبطة تنظيميا والتي تحظى باحترام لجهة السلوك التنظيمي الى حدّ اتهامه بالتشدد.

الجامع بين هذه الاسماء القيادية وغيرها ممن سنشير اليها في مقالة مقبلة هو ان هذه الشخصيات لا يمكن ان تشكل كل منها بذاتها الكفاءة او القدرة على قيادة امل كما الرئيس بري اليوم، بل ثمة بون شاسع بين كل شخصية والرئيس بري، وهذا لا جدال فيه، وهذا ما سيجعل السؤال عن دور القوى المؤثرة في مستقبل امل، مع غياب الراعي الاقليمي الذي فقدته الحركة بسبب انكفاء الدور السوري للاسباب المعروفة، وعوضت شخصية الرئيس بري غيابه، ولكن ماذا عن الدور الايراني، وهل يمكن ان تدخل ايران كراع بديل وبنفس القوة التي كانت فيها سوريا؟ ماذا عن دور حزب الله وهل سيعمل حزب الله على حماية امل، ام سوف يحاول ابتلاعها؟

السابق
ترامب: «التوسع الاستيطاني الإسرائيلي لا يخدم عملية السلام»
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم السبت في 11 شباط 2017