هل انتفت الحاجة لوجود المجلس الشيعي(12)

في إطار بحوثنا المتخصصة في الإضاءة على واقع المجلس الشيعي الراهن، و تطلعاتنا لتطويره وتعزيز حضوره على المستوى العام والخاص، فإنه ينبغي علينا الإجابة عن التساؤلات التي باتت تتكاثر حاليا، حيال جدوى استمرار المجلس الشيعي كمؤسسة شيعية أسست لتكون رائدة في المجتمع اللبناني..

في معرض ذكر الأسباب الموجبة لتأسيس المجلس الشيعي ورد في المادة الثانية من قانون تنظيم شؤون الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان: (ينشأ للطائفة الإسلامية الشيعية في الجمهورية اللبنانية مجلس يسمى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، يتولى شؤون الطائفة و يدافع عن حقوقها، ويحافظ على مصالحها، ويسهر على مؤسساتها، ويعمل على رفع مستواها…).

اقرأ أيضاً: إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشيعي (٥): في تركيبة مجلس القضاء الشرعي الأعلى

فالنصوص القانونية تؤكد علة تأسيس المجلس الشيعي كي: (يتولى شؤون الطائفة، ويدافع عن حقوقها، ويحافظ على مصالحها، و يسهر على مؤسساتها، و يعمل على رفع مستواها)، فهل إذا لم يعد يتمكن المجلس الشيعي من لعب دوره الذي أنشئ بسببه، فهل يعد له أي داع! وإذا انتفى دوره الوطني والعربي والإسلامي فلماذا تستمر هذه المؤسسة!!

لا سيما مع تكرار التمديد لهيكليته التي أكل الدهر عليها وشرب، ومع إعطاء صلاحيات استثنائية أكثر من مرة بملء المراكز الشاغرة، التي هي مراكز (ذات صفة تمثيلية) وتاليا فاعتماد آلية التعيين يتعارض مع صفتها التمثيلية!

مع العلم أن تأسيس المجلس الشيعي في لبنان شكل سابقة في مجاله، كون الشيعة لديهم نظامهم الديني الخاص بهم، المتمثل بالمرجعية الدينية، التي يتولاها العالم المجتهد الجامع للشرائط الشرعية، وهذا الموقع التقليدي التاريخي هو المرتكز في وعي وعقول وقلوب الشيعة، بخلاف المجلس الشيعي، الذي جاء تأسيسه خلافا لما ألفه الشيعة ودرجوا عليه..

المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى

ومنه نخلص، لأنه إذا لم يتمكن الشيعة من تفعيل دور المجلس الشيعي وطنيا وإسلاميا، وإذا لم يمارس المجلس دور الأب الحاضن لكل أبنائه الشيعة على اختلاف مشاربهم وتنوعاتهم السياسية والفكرية..، فحينها لا حاجة لبقاء هذه المؤسسة، كونها ظاهرا و عمليا محسوبة على كل الشيعة، وبالواقع تمثل بوقا و صدى لبعض القوى السياسية الشيعية..
وعندها الأفضل العمل بالإقتراح الذي طالب به ذات مرة المؤرخ الراحل السيد حسن محسن الأمين، الذي اعتبر أن مرجعية الشيعة لا تحصل بالانتخاب مثل روما، ولا بالتعيين مثل مفتي مصر، بل بطريقة مميزة جدا، يشترك فيها الرأي العام الشيعي، الذي يقلد شخصا ويرجع إليه، ومع ذلك يبقى في الساحة الشيعية الدينية تعددية، حسبما يقرر الناس.. ويختم الأمين: إذا كان الشيعة في لبنان بحاجة لتسيير بعض معاملاتهم الدينية الرسمية فيمكن لدار الإفتاء الجعفري القيام بهذه المهمات، دون أي ضرورة للمجلس الشيعي الذي يستحسن إلغاؤه!!

وطبعا هذا كلام سليم، لا سيما في أيامنا الراهنة، التي بات المجلس الشيعي أكثر اضمحلالا، وتقزم دوره ليتحول كجزء من بعض القوى الحزبية الشيعية!!

اقرأ أيضاً: إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشيعي (٤): علاقة المجلس الشيعي بالإفتاء الجعفري

وإذا كان البعض يتحسس من المطالبة بإلغاء المجلس الشيعي – هذه الدعوة التي لا بد أن تتعالى الأصوات للمطالبة بها في المرحلة القادمة -، فنقول لهم: أنتم من ألغيتم المجلس ودوره، وإذا كنتم حريصين عليه، فعليكم تفعيل دوره، وجعله الواحة الجامعة لكل تناقضات الشيعة، فهذا هو مبرر وجوده، وانتفاء الأسباب الموجبة لتأسيسه، مع عدم نية إصلاحه، يستدعي المضي قدما في المطالبة بإلغاء هذا المجلس الذي أريد له أن يتحول إلى (مجلس ضرار)!

السابق
هكذا فيفي عبده كادت أن تفقد حياتها
التالي
فيلتمان يحذّر من خطر المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين الى بلادهم