لبنان يرفض طلب عباس رفع الغطاء عن السلاح الفلسطيني

في نظرة موضوعية لم يعد للسلاح الفلسطيني في لبنان اي دور في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، باجماع لبناني وفلسطيني تم منذ الغاء اتفاق القاهرة قبل ثلاثة عقود. السلاح الفلسطيني في العقود الماضية تحول الى مشكلة فلسطينية ولبنانية لكن لبنان الرسمي يرفض الاستجابة لمطلب طرحه رئيس السلطة الفلسطينية الى لبنان خلال الشهر الحالي.

من المرتقب ان يقوم رئيس منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية محمود عباس بزيارة لبنان خلال الشهر الحالي، وتأتي الزيارة في سياق تهنئة الرئيس ميشال عون بموقع رئاسة الجمهورية، الى جانب بحث الملف الفلسطيني بابعاده السياسية والاجتماعية والامنية مع المسؤولين اللبنانيين. لاشك ان الملف الفلسطيني في لبنان معقد، لكن الأهم ان ارادة فك العقد ليست واحدة عند جميع اللبنانيين ولا عند جميع الفلسطينيين، ثمة اتجاه يعتبر ان مدخل حلحلة العقد المتصلة باللاجئين تبدأ بنقل قضيتهم من ملف امني الى ملف حقوقي اجتماعي سياسي، فيما الوجهة الاخرى تريد بقاءهم ملفا امنيا قابلا للاستثمار وان كانت الذريعة الدائمة المقاومة.

اقرأ أيضاً: مشروع تعداد فلسطينيّ لبنان: هواجس أمنية وسياسّية

بداية وبعد الغاء اتفاق القاهرة بقانون في مجلس النواب، صار ممنوعا على الفلسطيني ان يقوم بعمليات عسكرية انطلاقا من الاراضي اللبنانية، وبالتالي فان لا وظيفة للسلاح الفلسطيني في لبنان في مواجهة المحتل، ولم يخرج اي مسؤول لبناني رسمي وغير رسمي ولا من حزب الله تحديدا، يدعو الى العودة الى هذا الاتفاق. عمليا تحول السلاح الفلسطيني الى قنبلة متفجرة داخل المخيمات تحصد من ارواح الفلسطينيين وتهدد في بعض الاحيان محيط المخيمات الفلسطينية، اما السلاح خارج المخيمات فهو قنبلة موقوتة كما هو الحال في الناعمة وقوسايا لا يعرف اللبناني ما هي الغاية من بقاء هذا السلاح وما هي وظيفته الوطنية او الفلسطينية.

المفارقة اللبنانية اليوم، ان السلطة اللبنانية لا تريد من الرئيس الفلسطيني ان يرفع الغطاء عن السلاح الفلسطيني في لبنان، ولا تريد منه ان يطالبها بمباشرة حل معضلة هذا السلاح الذي حصد من ارواح الفلسطينيين المئات بل الالاف خلال العقود الثلاثة الماضية اي منذ الغاء اتفاق القاهرة، ولم تتأذى منه اسرائيل ولم يهدد احتلالها لفلسطين.

المخيمات الفلسطينية

بؤرة تفجير ونبّاعة عنف ومنصة رسائل امنية ومنطقة فقر مدقع، هذا ما خلص اليه حال اكبر مخيم فلسطيني في لبنان، عين الحلوة، عشرات الخطط الامنية لم تنفع، بقي المخيم ينتقل من سيء الى اسوء، والسلطة اللبنانية لا تريد معالجة هذا الملف، وثمة من يريد بخبث الربط بين التوطين ونزع السلاح، واصحاب هذا الربط هم الراغبون بابقاء هذا السلاح في سبيل توجيه رسائل داخلية او اقليمية، لا تعني فلسطين ولا لبنان ولا كرامة الفلسطيني المنتهكة بقوانين مجحفة وتمييز عنصري وبالكذب باسم فلسطين وتحريرها.

السلاح الفلسطيني في لبنان لا يريده الفلسطينيون او معظمهم هذا لسان حال ابناء المخيمات الذين يتلقون هم وحدهم ضريبة وجوده ووظيفته، علما ان الموقف الرسمي الفلسطيني الذي سلم بحق لبنان بالغاء اتفاق القاهرة ولا تناقض لموقف حركة حماس مع الموقف الرسمي على هذا الصعيد، واللبنانيون بمختلف فئاتهم يرفضون ان يكون لهذا السلاح دور في مواجهة اسرائيل، لذا لماذا يرفض لبنان الرسمي بحث الملف الامني والعسكري الفلسطيني، ولماذا لا يتم تشجيع موقف عباس بضرورة معالجة ملف السلاح من جذوره؟

المفارقة الاشد هي في ان الكثير من المسيحيين اللبنانيين الذين خاضوا بحق او بغير حق معركة في مواجهة السلاح الفلسطيني قبل 45 عاما، غير متحمسين لطي ملف السلاح الفلسطيني في لبنان اليوم، هذا ما تشير اليه انطباعات لدى مسؤولين فلسطينيين لم يجدوا اذانا رسمية صاغية لبحث هذا الملف.

اقرأ أيضاً: علي بركة لـ«جنوبية»: حماس لا تتلقى تعليماتها من جهات خارجية

لبنان الرسمي سيستقبل محمود عباس لكن بعيدا عن اي بحث في معالجة جذرية للملف الامني الفلسطيني، الذي بات في جزء كبير منه رهن استخدامات استخبارية ايرانية بالدرجة الاولى وما تبقى بات يوفر بيئة حاضنة للعنف والارهاب، فيما الدائرة الرسمية الفلسطينية تتقلص لصالح تمدد منظمات تتلبس الهوية الدينية وعصابات خارجة عن القانون وتحظى بغطاء حزبي ورسمي.

السابق
ترامب: الإيرانيون أصبحوا لا يهابوننا ويطاردون طائراتنا
التالي
ترامب يبدأ الهجوم السياسي ضد الطغمة الفاسده في العراق