رفيق الحريري…جاءنا في الزمان الخطأ

لعلّ رفيق الحريري جاء في الزمان الخطأ. لعل من الصعب في زمن الطوائف، أن تفهم الطوائف، في بلد الطوائف، كيف أن سنياً يمكن أن يبني بيروت مدينة للجميع، وكيف يعطي المنح للجميع. من الصعب أن يفهم جزءا من اللبنانيين غاية رفيق.

رفيق الحريري قام بتعليم آلاف الشباب اللبناني من مختلف الطوائف والمذاهب والفئات الاجتماعية. كان الرجل يحلم بوطنٍ له وللآخر، يحلم بأن يكون الخريجون، بألوانهم المتعددة، جزءًا من الموزاييك اللبناني. حاول الرجل ان يستثمر بالعقول والعلاقات وليس فقط بالمشاريع والاعمال.

في بلد الطوائف، يصبح وجود المسيحي والشيعي في “تيار المستقبل” تهمة، وليس شاهداً على التنوع. في بلد الطوائف، يجوز لزعيم مسيحي أن يحقد على وسط بيروت وأن يشل حركته وأن يتمنى إحراقه، فقط لأن بانيه اسمه رفيق الحريري. لا يلتفت إلى أن أغلبية الأعمال هناك لمسيحيين يزعم الحفاظ على حقوقهم. لا يلتفت إلى أن الوسط التجاري كسر خطوط التماس والحواجز النفسية بين “الشرقية” و”الغربية”، واجتذب اللبنانيين والسياح الأجانب، وجمع للمصرف المركزي احتياطاً بالعملة الصعبة.

في بلد الطوائف و”الأموال الطاهرة”، صعب على جزء من اللبنانيين أن يصدّقوا أن رجلاً عمل في المملكة العربية السعودية يمكن أن يصنع نهضة اقتصادية تستفيد من خيراتها الطوائف والمذاهب كافة على حد سواء. لعل جناية رفيق الحريري أنه حلم ببلد للجميع، وحلم ببيروت تشبه ما صارت إليه دبي، مركزاً للمال والتجارة والسياحة والأحلام.

كان حراماً عليه أن يحلم بمطارٍ لستة ملايين مسافر، وكان الصغار القاصرون عن الأحلام يتساءلون: “ما الحاجة لمطارٍ كهذا؟”.

كان يظن أن التنمية تجمع اللبنانيين على هدفٍ واحد: أن يعود لبنان لؤلؤة الشرق. لكنه لم يكن زماناً للأحلام.

السابق
الحريري زار برّي في المستشفى للإطمئنان عليه
التالي
التصعيد الأميركي الإيراني: اليونيفيل عادت «رهينة» حزب الله