مشروع تعداد فلسطينيّ لبنان: هواجس أمنية وسياسّية

مشروع التعداد الفلسطيني، هو مشروع مبارك من جميع القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان، لكن من سيستفد منه بالاضافة الى حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله؟

“مشروع التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان“، الذي أطلقته “لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني”، هو خزّان معلومات للسلطتين اللبنانية والفلسطينية، ولكنه يثير الكثير من الأسئلة حول توقيته وإمكانية توظيفه سياسّياً وأمنيّاً، مع مخاوف من عدم امكانية وصول المندوبين الى كل المستهدفين لاسيما في المناطق الأمنية، وامتناع فلسطينيين عن المشاركة فيه في ظل غياب التطمينات.

إقرأ ايضا: علي هويدي لـ«جنوبية»: من يستهدف الاونروا إنما يستهدف اللاجئين

يشمل التعداد كل من يقيم في المخيمات في لبنان، ولا يقتصر على الفلسطينيين، انما يشمل اللبنانيين والسوريين، وفي التجمعات يشمل الفلسطينيين فقط، ويرصد الحركة السكانية فيها. ثمة محاذير كثيرة لهذا التعداد لدى لبنانيين وفلسطينيين منها إمكانية استغلال “الداتا” هذه، وسوء تفسيرها وإدخالها في اللعبة السياسية. ولكن هناك تأكيد من الجهات المؤسسة للمشروع على ان هدف التعداد هو الحفاظ على سرّية المعلومات، فلن تعطى هذه المعلومات الى أيّ جهاز خارج إطار الإدارة الإحصائية، وذلك التزاماً بتوصيات دولية تفرض اعتماد معايير محددة.

ويهدف المشروع الى الوصول للاجئين الذين دخلوا لبنان في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي، ولمن لا يملك أوراقاً ثبوتية. وربما يعود الامر الى الحكومة الفلسطينية في رام الله التي تسعى الى معرفة عدد الفلسطينيين في الشتات، وقد انطلق المشروع في لبنان أولا.

والمشروع، بحسب مطّلعين، هو إنجاز كبير ويخدم القضية الفلسطينية، ويعكس حجم المعاناة الفلسطينية، ويؤكد على أهمية التمسك بحق العودة، ويسلط الضوء على المشكلات التي ستواجهها إسرائيل أمام الرأي العام الدولي. والتعداد ينتقل بالقضية الفلسطيينة من خانة التخمين الى الجداول والوقائع الفعلية، بدلاً من التلاعب بالارقام لأغراض سياسية.

وسيشمل هذا التعداد عدد السكان، وظروف السكن، والملكية، ومشكلاتها، وخدمات البنى التحتية، وخصائص الأسر والقوى العاملة، والبطالة وأسبابها، أي لدرس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي للسكان الفلسطينيين المقيمين في لبنان، مع توفير قاعدة بيانات أساسية تتيح وضع الخطط والإجراءات الملائمة لحاجات هذه البيئة.

علي هويدي

وفي اتصال مع الباحث الفلسطيني علي هويدي رئيس (هيئة 302 لشؤون اللاجئين) حول التعداد الفلسطيني، قال: “الفصائل جميعها وافقت على التعداد، وكلها تمثّلت باللقاء الذي حصل أمس في السرايا الحكومي، وهذا طبيعي”.

وبالنسبة للداتا “بتقديري ان الفصائل مؤيدة لتكوين هذه “الداتا”، وليس هناك أية مشكلة. فموضوع التعداد هو لمعرفة الاحتياجات، ولتعرف الدول المانحة والاونروا  كل ما يلزم”.

وأكد هويدي انه: “يجب ان ننتبه الى موضوع “الداتا” من ان تحاول أية جهة توظيف الأرقام سياسيا، مع الحذر من أية جهة سياسية، وهنا تقع المسؤوليةعلى القيادة السياسية”. ويتابع “وسنُخرج عدد المقيمين الذي سيكون أقل من عدد المسجلين”. “وتم تكليف 600 شاب وشابة سيدخلون الى التجمعات وهم لبنانيون وفلسطينيون. حيث وزعت المهام عليهم، علماً ان المستهدف، كمخيمات، 12 مخيما، اضافة الى 127 تجمعاً فلسطينياً. والمستهدف ليس فقط أرقام هؤلاء، بل الوضع الصحي والاجتماعي والأملاك، ولن يشمل الفلسطينيين فقط بل كل الذين يسكنون المخيم”.

وبحسب هويدي: “ان لاجئي سوريا سيكونون ضمن الاحصاء كونهم يقيمون داخل المخيمات. والفلسطيني الآتي من سوريا سيكون ضمن القوائم، بالاضافة الى الموجودين في المخيمات”.

“وسيُشملون بالتقديمات جميعهم، ونحن نقدم لهم الخدمات الآن عبر الاونروا، واللاجئ الفلسطيني المهجّر من سوريا وموجود هنا في المخيمات نقدم له الخدمات ايضا، لكن ليس على المستوى الذي كان عليه في سوريا، حيث الطبابة والتعليم والعمل وكل شيئ كان مؤّمنا له. وكان يحصل على حقوقه  كاملة في سوريا”.

ويضيف: “هذا التعداد لا دور لنا به كـ(هيئة 302 لشؤون اللاجئين)، كون عملنا دولي واعلامي”.

مخيم فلسطيني

وبحسب هويدي “التمويل لمشروع التعداد أتى من اليابان وسويسرا واليونيسف، وبمبلغ يصل الى حوالي ثلاثة ملايين دولار”.

وتعود الفكرة الى توافق بين مركز الاحصاء الفلسطيني، ومركز الاحصاء اللبناني، باشراف من سفارة فلسطين في بيروت، وهو مشروع انطلق على عهد حكومة الرئيس تمام سلام، واليوم الرئيس سعد الحريري يدعم المشروع.

إقرأ أيضا: خرائط توزيعات اللاجئين: لبنان مخيّم كبير

وردا على سؤال حول البعد الأمني للموضوع، أي قبول الملاحقين المختبئين داخل المخيمات، خاصة مخيم عين الحلوة، بالتعداد كونه يدلل على وجودهم وأماكن سكنهم؟ قال هويدي “أنا لا يمكنني أن أجيب على هذا السؤال”.

و”التعداد، بحسب المشروع، سيشمل الجميع، علما ان حَكَم شهوان مدير عام الاونروا في لبنان يساعد في هذا التعداد، اضافة الى علا عوض رئيسة مركز الاحصاء في رام الله. وسيكون مكمّلا لما هو موجود في سجلات الاونروا”.

وحول الخوف من وصول الملف الى جهات معادية ومنها تسرائيل؟، قال هويدي “الجزء الخطير في الملف هو الموضوع الأمني، وهذا له ناسه، وهم من يجب ان يبحث في خلفيّات هذا المشروع”.

السابق
هل تتحول مخيمات اللجوء السوري في لبنان إلى مناطق آمنة؟
التالي
أخطر عصابة سرقة محترفة في قبضة المعلومات ومضبوطات تفوق المليون دولار اميركي