في ذكرى «تفاهم» عون ونصرالله

كان هناك شيء من التزامن بين قول الرئيس ميشال عون إن على النازحين السوريين العودة الى بلادهم، وبين دعوة وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم اللاجئين “في الدول المجاورة الى العودة الى بلدهم” مع استعداد حكومته “لاستقبالهم وتأمين متطلبات الحياة”. قبل ذلك بساعات كانت الضغوط أجبرت المدافعين عن قراهم في وادي بردى على القبول باتفاق يقضي بخروج المقاتلين، وليس بينهم غرباء، الى ادلب. ولا تعني مغادرة المقاتلين سوى تهجير معظم السكان، فلا أحد يأمن على نفسه في تلك المنطقة تحديداً من بطش “شبّيحة” النظام و”حزب الله”. وبما أن نموذج استيطان “حزب الله” في القُصير لا يزال ماثلاً، فإن عودة اللاجئين في الدول المجاورة (بالأحرى لبنان) لا تنسجم مع الأجندة الايرانية لـ”تشييع” المناطق المحيطة بدمشق وتلك الممتدة جغرافياً الى الحدود والأراضي اللبنانية.
لسوء حظ النازحين، لم يلحظ “تفاهم” 2006 بين “الحزب” و”التيار العوني” أي بند يتعلّق بحالهم التي طرأت لاحقاً، ولا يبدو أن طرفَيه في صدد تعديله بحثاً عن مخرج ملائم من هذا الإشكال الانساني – “الديموغرافي”. فمع حلول كل ذكرى سنوية للتوقيع على “التفاهم” يغمره طرفاه بالمدائح ويكتشفان فيه أبعاداً لم يخمّناها في حينه، ومنها مثلاً قول العماد عون في الذكرى العاشرة: “ما زلنا على الوعد ضد الارهاب”، وفي المناسبة نفسها لفت الرجل الثاني في “الحزب” نعيم قاسم الى “بُعدين مهمّين (في التفاهم) هما البُعد المقاوم وبُعد بناء الدولة”… هل قال “بناء الدولة”؟ نعم، وهذا ما ردّده النائب علي عمّار والوزير جبران باسيل في احتفال بلدية الغبيري بالذكرى الحادية عشرة. ومما قال باسيل إن العنصر الأهم في “التفاهم” أنه “أعاد معنى القوة الى الدولة، لأنه تم بين اقوياء”. ولعله يعتبر السلاح غير الشرعي “العنصر الأهم” في هذه القوة، ولذلك فهو لم يشرْ إليه.

اقرا ايضًا: ميشال عون: ورقة التفاهم «شوكة» وأنا والسيد «واحد»
في أي حال، ربما يبدو مفهوماً الآن حديث العونيين عن “بناء الدولة”، مع وجود زعيمهم على رأس الدولة، لكن هل يعرفون عن أي “دولة” تتحدث جماعة “حزب الله”؟ لا أحد يدعو الطرفَين الى إلغاء تفاهمهما بل الى مساعدة اللبنانيين على نسيان ما ارتكباه طوال أعوام، باسم “التفاهم”، لإضعاف الدولة وتهميش الجيش وتقويض التعايش بين المكوّنات، وهذا يكون فقط بتغيير ملموس للسلوك العدواني الذي تحكّم بخطابهما وأدائهما. نعم، هناك مظاهر، مجرّد مظاهر، لهذا التغيير لكنه لا يزال مفتَقَداً في التعبير والممارسة. فالسكوت المبرمج تحصيناً لسلاح “حزب الله” غير الشرعي ولجرائمه في سوريا، والسعي الى قانون للانتخاب في ظل هذا السلاح وتلك الجرائم، يشيران الى أن العقلية السياسية لم تتأثر بالتوافقات الوطنية التي سهّلت انتخاب الرئيس. والدليل أن الرئيس عون يعتبر بشار الاسد “القوة الوحيدة القادرة على فرض النظام ولمّ شمل الجميع (في سوريا)”. ما عليه سوى اقناع الروس والايرانيين بذلك!

السابق
اعترافات جديدة لانتحاري الكوستا: لهذا السبب تأخّر في تفجير نفسه
التالي
كي لا ينجح «حزب الله» حيث فشل في 2009