هذه عناوين سياسة ترامب تجاه سوريا ولبنان

دونالد ترامب
مع انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، تتغير إستراتيجية الإدارة الأمريكية في التعامل مع الأزمات العالمية والإقليمية، خاصة أن الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، ينتمي للحزب الديمقراطي، وهو ما يجعله يختلف كليًّا عن ترامب، المنتمي للحزب الجمهوري، وهذا الأمر اتضح جليًّا في الشأن السوري، وعلى نحو أقل أهمية في الشأن اللبناني.

إذا كان نَهجُ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تجاه الصراع في سوريا ينطوي على مواقف متناقضة خلال الحملة الانتخابية، إلا أنه بدأ يتضح مع تسلم ترامب لمقاليد السلطة في بلده؛ وهي تقوم على العناوين الآتية:

اقرأ أيضاً: غموض وراء الانتشار الروسي في العاصمة دمشق

1- التوقف عن دعم المعارضة السورية:
ينظر الرئيس ترامب إلى الصراع في سوريا من ناحية مصلحيه، الأمر الذي يميزه عن سياسة سلفه في أمرين:
• ممارسة البراغماتية في السر والعلن خلافاً لسياسة باراك أوباما التي رفعت شعارات خالفها الواقع.
• الحسم في القرارات التي تخدم مصالح الولايات المتحدة و”إسرائيل” بعيداً عن سياسة التردد والتغيب عن الساحة الذي طبعته مرحلة أوباما.

وعليه؛ فليس من مصلحة الإدارة الأمريكية الجديدة دعم أي فصيل من فصائل المعارضة انطلاقاً من أن ترامب لا يؤيد أي فصيل أصلاً، فضلاً عن فشل تجربة دعم “الفصائل المعتدلة” التي أطلقتها إدارة أوباما، واعترفت هي نفسها أنها كانت “خرافة”، وأن هذه الفصائل لم تكن مقبولة من السوريين، وأن بعض المتدربين عاد وانضم إلى فصائل أخرى.

2- تزخيم القتال ضد داعش والقاعدة:
انطلاقاً من حرصها على أمن الولايات المتحدة ؛ ترى إدارة ترامب أن داعش والقاعدة (جبهة النصرة سابقاً وجيش الفتح حالياً) هما:
1. عدوان لأمريكا ومصالحها في المنطقة.
2. قادران على تشكيل خطر عابر للحدود.
3. يتمتعان بموارد مالية وكيانات جغرافية تشكل قواعد انطلاق.
هذه المواصفات الثلاثة تجعل الحرب عليهما قضية محورية في سياسة ترامب، ومن الممكن دعم الجهات التي تقوم بالمهمة أو مقاتلة هذه الفصائل مباشرة عبر قوات التحالف إذا اقتضى الأمر.

3- الرغبة في التعامل مع روسيا:
لا يرى ترامب أي غضاضة في التفاهم مع روسيا في الملف السوري، بما في ذلك ضمان المصالح الروسية في هذا البلد، وتعتبر إدارة ترامب الجديدة أن لا مصلحه لأمريكا في الغرق في المستنقع السوري طالما أن روسيا تقوم بالمهمة وتحفظ مصالح أمريكا، وتتبدى أوجه الاتفاق في:
1. الحرب على داعش وفتح الشام بالدرجة الأولى.
2. مقاتلة الفصائل الإسلامية التي تعتبرها موسكو وواشنطن متشددة.
3. الحفاظ على مصالح “إسرائيل” وحقها في قصف الأهداف التي من شأنها الإخلال بميزان القوى.
4. الحفاظ على التحالف مع الأكراد.
5. ضمان أن أي بديل عن نظام بشار الأسد لن يكون إسلامياً.

غارات اسرائيلية عبى سوريا
وبما أن روسيا تعمل على تحقيق هذه الأهداف أصلاً، فإن تقاطع المصالح يفضي إلى تعامل وثيق مع روسيا وهو ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض في 24 /1 /2017؛ بأن “الولايات المتحدة سوف تتعاون مع روسيا وليس مع نظام الأسد في ما يتعلق بقتال تنظيم الدولة”.

4- إنشاء مناطق آمنة في سوريا:
خلال مؤتمر صحفي له في فلوريدا قال الرئيس ترامب: “سوف ننشئ مناطق آمنة وسنطلب من دول الخليج أن تمول إنشاء تلك المناطق”.

خلافاً لرأي روسيا المنطلق من دعمها لبشار الأسد؛ يرى ترامب أن إنشاء مناطق آمنة هو لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه يوفر ملاذاً يمنع موجات اللجوء إلى الولايات المتحدة وأوروبا ودول الجوار، ويعفي الولايات المتحدة من “المطالبات الإنسانية”، كما من شأن هذه المناطق أن تتحول إلى ورقة رابحة بيد الولايات المتحدة وروسيا، فيما لو رأت في ذلك مصلحة لهما في أي وقت.

ومن شأن هذه المناطق أن ترضي تركيا التي لم يخفِ ترامب رغبته في تحسين العلاقة معها ومراعاة مصالحها في سوريا إضافةً إلى إرضاء دول الخليج، وستفتح هذه المناطق آفاقاً من التعاون الاقتصادي والعسكري بين دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية.

في 27/ 1/ 2017 أعلن ترامب أنه سيوقع قرارات لإنشاء مناطق آمنة في سوريا، وكما كان متوقعاً؛ فقد استقبلت تركيا ودول الخليج الخبر بالترحيب، فيما دعت روسيا ترامب “التبصر في نتائجه”، وعلى ما يبدو فان إنشاء هذه المناطق سيكون قريبا، لكن من غير الواضح دور الأكراد في هذه المناطق، وما إذا كان ترامب سيمنح للأكراد مناطق، وللمعارضة السورية المدعومة من تركيا مناطق أخرى، الأمر الذي سيظهر من خلال ميزان الضغوط الدولية التركية الروسية الأمريكية.

5- احتواء إيران في سوريا ولبنان:
انطلاقا من موقفه المتشدد من الحركات الإسلامية ومن إيران؛ ترى إدارة ترامب أنه لابد من احتواء وتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، حرصاً على مصالح الولايات المتحدة، ومساعدة لها في احتواء الحركات الإسلامية.

وعليه؛ فإن واشنطن تتقاطع مع موسكو في ضرورة تحجيم الدوري الإيراني في سوريا، وهي تدعم توجهات موسكو التي تظهّرت عقب اتفاق حلب نهاية العام الماضي، وتواصلت مع مؤتمر أستانة رغم الانزعاج الإيراني الظاهر.

اقرأ أيضاً: ترامب قَصَدَنا نحن …المسيحيين!

وفي لبنان؛ تدعم إدارة ترامب المؤسسات والجهات التي تقف في مواجهة “حزب الله” باعتباره أحد أذرع إيران في المنطقة، ومن الواضح أنها ستتشدد في تفعيل اعتباره تنظيماً إرهابياً، الأمر الذي من شأنه إعادة الحماوة إلى الانقسامات اللبنانية بفعل التوجه الأمريكي الجديد من جهة والرد الإيراني عليه من جهة أخرى.

من خلال هذه العناوين الرئيسية يمكن تلمس سياسة ترامب، علماً أن شخصية الرجل يمكن أن تترك مجالاً لمفاجآت غير متوقعة.

السابق
إبنة عرسال: انتحارية أم هاربة من زوجها؟
التالي
أكاذيب حول المناصفة في اتفاق الطائف…