إصلاحا للخلل القانوني(11): منعا لطغيان الهيئة التنفيذية على الشرعية

المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى
في المرحلة الجنينية الأولى لتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كان الهاجس الأساس لدى المؤسسين في كيفية إدخال المجلس لأكبر شريحة إسلامية شيعية لبنانية.

و كان الخوف من قيام حركة اعتراض واسعة، وبالرغم من الغطاء الوازن الذي حظي به المجلس الشيعي من قبل رئيس مجلس النواب الأسبق صبري حمادة، إلا أن أطرافا أخرى لم تكن مع فكرة تأسيس مجلس ملي للشيعة، والإكتفاء بدار الإفتاء الجعفري لتسيير بعض المعاملات الرسمية للشيعة، وأما الأوقاف الشيعية فكانت تحت سلطة المحاكم الجعفرية، في حين أن دار الفتوى كانت مرجعية لبنانية لكافة المسلمين في لبنان وقتذاك.

اقرأ أيضاً: إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشّيعيّ(١): لتشكيل هيئة مؤقتة لإدارة المجلس

في تلك الأجواء نشأ توجه يقضي بإشراك كل نواب الشيعة، وجعلهم أعضاء حكميين في الهيئة التنفيذية، بمعنى أن كل نائب شيعي يكون عضوا حكما في الهيئة التنفيذية دون الحاجة لكي يترشح لهذا الموقع.
مع الإبقاء على عضوية إثني عشر شخصا يدخلون للهيئة التنفيذية عن طريق الإنتخاب، و إثني عشر شخصا من رجال الدين يشكلون الهيئة الشرعية يأتون عن طريق الإنتخاب أيضا..

هذا الأمر جعل العنصر المدني يطغى على العنصر الديني، في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المؤسسة ذات صبغة دينية!

حاليا تتشكل الهيئة التنفيذية من 37 عضوا، وأما الهيئة الشرعية فتتكون من 12 عضوا!
والأمر لا يحتاج لمزيد ايضاح الخلل في مكونات المجلس الراهنة، فإذا كان في مرحلة ما حاجة لإدخال عنصر ما، فهذا الأمر لم يعد يشكل ضرورة في وقتنا الراهن.
بل الأمر أبعد من ذلك بكثير، حيث إن وجود نواب الشيعة كأعضاء حكميين في المجلس جعل القرارات داخل المجلس معقدة للغاية، فضلا عن انتفاء أي دور فعلي للمجلس، كون هذا الإجراء مكن القوى السياسية من السيطرة التامة على المجلس، وجعل دور علماء الدين ينحسر لصالح هذه القوى السياسية، وتاليا انتفى الدور الواعد الذي كان يؤمل أن يضطلع به المجلس.

الشيخ محمد علي الحاج
الشيخ محمد علي الحاج

وهذا ما جعل الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين يعتبر في بعض كتاباته أن وجود نواب الشيعة كأعضاء حكميين يعيق دور المجلس، و يمنعه من القيام بأي دور ريادي.. كما أن دولة الرئيس حسين الحسيني – الذي واكب الإمام الصدر – ينقل أن إدخال نواب الطائفة كأعضاء حكميين كان إجراء مؤقتا لريثما يتعزز وضع المجلس في الساحة اللبنانية العامة.

وأفضل مثال على ذلك، الواقع الحالي، حيث انعدام أي حضور أو فاعلية للمجلس في قبال الثنائية الشيعية، وبدلا من أن يكون للمجلس الشيعي شخصيته المستقلة التي تجمع في رحابها كافة التنوعات السياسية والدينية والإجتماعية للشيعية، فقد أصبح المجلس أسيرا لتلك القوى.

اقرأ أيضاً: إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشيعي(٢): نظرة على الإفتاء الجعفري

وعليه، فإذا قرر الشيعة يوما ما قيام مؤسسة مؤثرة و حاضرة فعليهم أن يعيدوا النظر بالمادة الثامنة من قانون تنظيم شؤون الطائفة الشيعية، بما يعزز دور رجال الدين في هذه المؤسسة، والموقع الطبيعي لرجال السياسة في أحزابهم ومجلس النواب والحكومة..

السابق
رحمة في ردّ قويّ على ريفي..
التالي
هل يدخل لبنان والاردن ضمن المناطق الآمنة الأميركية؟