إصلاحا للخلل القانوني في المجلس الشيعي(9): في وظيفة مدرسي الفتوى

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
يستمر العلامة الشيخ محمد علي الحاج في كشفه ملفات المؤسسات التابعة للمجلس الشيعي الاعلى.. واليوم ننشر الحلقة التاسعة..

يتولى مجموعة من علماء الدين وظيفة رسمية في ملاك الإفتاء الجعفري يطلق على من يشغلها (مدرس فتوى)، وهذه الوظيفة تأتي بعد الإفتاء والقضاء، ولكونها تندرج ضمن سياق عمل المجلس الشيعي والإفتاء الجعفري فينبغي علينا الإضاءة السريعة عليها.

إقرأ أيضا: إصلاحا للخلل القانوني في المجلس الشيعي(8): تنظيم عمل الساحة الدينية في لبنان

أولا: إن هذه الوظيفة محصورة بعلماء الدين، وتاليا فيجب أن لا يتولاها إلا علماء الدين، علما أنه تم إسناد أكثر من موقع لغير علماء الدين، في حين أن نص البند الأول من المادة الثانية من نظام مدرسي الفتوى واضح في هذا المقام، فقد جاء (المادة 2 – يشترط في مدرس الفتوى أن يكون: 1- عالما في الدين الإسلامي)، كما يترتب على ذلك أن لا يتم تعيين أي شخص لمجرد تنفيعه!! كما هو المعمول به في وقتنا الراهن، حيث وجود عشرات المواقع الشاغرة، على مستوى أئمة القرى والبلدات، لاسيما النائية منها، مضافا لشغور مواقع تبليغية عديدة.

وتاليا فيجب أن تستثمر هذه الوظيفة لما فيه المصلحة العامة، لا أن تبقى مجرد تنفيعات خاصة لأفراد معدودين !

ثانيا: يتساوى الشيعة والسنة بالوظائف والمواقع في التركيبة اللبنانية، فمثلا حينما يكون للشيعة 6 وزراء، فيكون للسنة مثلهم، وفي المجلس النيابي يتساوى السنة والشيعة بعدد المواقع، وهذا ما يجب أن يكون على مستوى الوظائف الدينية، في الإفتاء والقضاء، وحتى في عدد موظفي مدرسي الفتوى.

الحديث عن المفتين والقضاة له مجاله، وأما على مستوى مدرسي الفتوى الشيعة، فإن عددهم أقل من نصف مدرسي الفتوى السنة!

يظهر من ذلك الركود الذي يصيب المؤسسة، وعدم مواكبتها لحركة التطور السكاني..

ثالثا: خلال سعي الإمام السيد موسى الصدر لتنظيم عمل دوائر الإفتاء الجعفري فقد أصدر قرارا بتاريخ 18 تشرين الأول 1970، يحمل الرقم 65، عين بموجبه النائب الأول لرئيس المجلس الشيعي رئيسا لجهاز دوائر الإفتاء الجعفري، حيث جاء في المادة الأولى منه: (يتولى النائب الأول لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى رئاسة جهاز دوائر الإفتاء الجعفري، و إدارة هذه الدوائر وتنسيق الأعمال فيما بينها).

وبالعودة لواقعنا نلحظ عدم تطبيق هذه المادة إطلاقا، ولعل السبب في ذلك تخلي الشيخ عبد الأمير قبلان عن صلاحياته بالرضاء الحبي لصالح نجله الشيخ أحمد قبلان !!

وطبعا هذا مخالف للقوانين، وبنبغي على النائب الأول لرئيس المجلس الشيعي أن يباشر مهامه بغية ضبط وظيفة مدرسي الفتوى، بل وسواها أيضا.

رابعا: تشهد وظيفة مدرسي الفتوى حالة التسيب ليس على مستوى عدم خلق مهام محددة لهم فحسب، بل حتى إن طريقة تعيينهم تحصل حاليا بصورة مخالفة للقوانين، كون التعيين ينبغي أن يحصل بناء لاقتراح الهيئة الشرعية، وهذا ما لم يتحقق في كثير من مدرسي الفتوى الذين تعينوا من 15 سنة ولحينه!!

إقرأ ايضا: إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشيعي(٢): نظرة على الإفتاء الجعفري

فقد نصت المادة الثالثة من نظام مدرسي الفتوى على ما يلي يعين مدرس الفتوى بالاختيار، بقرار من رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بناء على اقتراح الهيئة الشرعية وبعد موافقة لجنة التنظيم والإدارة، وذلك ضمن العدد المحدد في الملاك). وكي لا يتم الطعن بصحة ذلك، يحسن احترام الأنظمة والقوانين.

خامسا: مع رحيل الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين تعزز حضور القوى السياسية في المؤسسات الدينية الرسمية، علما أن من شروط مدرس الفتوى أن يكون(غير منتسب إلى حزب سياسي) وفقا للنص الوارد في البند السادس من المادة الثانية لنظام مدرسي الفتوى. بل حتى أنه تكرر ذكر هذا القيد في المادة الرابعة التي تحدد ما يتوجب على مدرس الفتوى أن يقوم به، فقالت: (لا ينتمي إلى حزب سياسي) البند الثامن .

وعليه، فكل مدرس فتوى ينتمي إلى أي من القوى السياسية مطعون بشرعية وظيفته..

السابق
التباين الروسي الإيراني يتصدر محادثات استانا
التالي
نشوة الانتصار على الارهاب لم تبدد الشكوك حول تفجير «الحمرا»