عربُ الأطلال

تصحر الوعي العربي، كان و ما زال السبب الرئيس وراء شيخوخته المبكرة، بل وسبب موته الطبيعي سريعاً.

العلّة في تصحر العقل العربي واضحة وبسيطة، هي تتمثل في الفشل الذريع الذي مُني به هذا الوعي أمام آخر موجود في نفس الزمان والمكان إستطاع جراء التبدل الخلقي المصحوب بالإنتخاب الطبيعي أن يحافظ على  نوعه أو بشكل أدق، إستطاع بالإستيلاد الدائم أن يهيّء لوجود مثيله.

في المقابل ترى الكائن العربي بشكل غريب يشعر منذ اللحظة الأولى لوعيه  كأنه مركز الكون والكل في فلكه يسبحون، في حين أن كل سماته إستهلاكية وتصرفاته تحكمها الأنانية الزائدة، هي صفات إذا ما إجتمعت في أمةٍ أخذتها إلى الزوال، وما يُسرع من ذاك الزوالِ ويعجله إلا فكرة الموت وما بعده التي تسيطر على مجمل تفكيره ويُصر على إعتبارها بداية الخير والأبقى. الطبيعة لمن يعرفها ملك صانعها وهي مسخرةٌ له ما دام يحفظها ويبعث من مادتها تكاوين و تراكيب ينتج عنها ما يخدم فكرة وجوده في الحياة.

الإسلام لن ينفع العرب، هو يقيناً لن ينصرهم في صراعهم مع الآخرين، هو في أحسن الأحوال وأفضلها، محيط حيوي سيذيبهم كمثل ملعقةِ الملح ألقيت في البحر الأُجاج، هم عنده كأسنان المشط يسويهم بغيرهم من المسلمين،لا فرق عنده فيهم سواء كانوا سُمر أو بيض، أعراب عجم أم كرد، أحبهم إليه أقواهم، هو على ما ورِثنا وأورثنا وآمنا دين العالمين المنزل، دين الأنبياء والمرسلين الركع، دين الملائكة والجن السجد،  دين الأتراك والأكراد والإيرانيين، دين الأندونسيين والماليزيين، دين المصريين والسودانيين، دين الأوزبكستانيين والتركمانستيين، دين البعض الكثير من المسلمين الأوروبيين والأمريكيين وجزء يسير منهم صينيين ولا يمكن طبعاً أن نستثني ما تيسر منهم في بلاد الإسكندافيين الجرمانيين، وما بقي وركد في جزر القمر والفارو وموريشيوس وفيجي والمالديف والبهاما وجزر سليمان الأوقيانية ومن إستوطن منهم في البلاد الأسترالية .

الساميون والشهادة للتاريخ شيدوا بلاد الرافدين، حضارتهم إمتدت زماناً فكانت مكاناً سكنه الأكاديين والآشوريين والبابليين والكلدانيين، وللعرب منهم كانت مملكة سبأ ومملكة حضرموت ومملكة معين ويقتين، هم من ظهر بينهم نبي الإسلام الذي أباه وأمه وجده من عرب عدن وبعد القحط إلى الجزيرة إنتقلوا، في أرضهم نمت الآديان وآخرها الإسلام ومن سلالتهم كانوا كثر الأنبياء.

بعدما وصلت المنطقة (بالقياس إلى منطق داروين ، البقاء للأقوى) إلى ما وصلت إليه، بات أمام العرب إما الحفاظ على الجيولوجيا الطبيعية ومنها شرايين الماء والغاز والبترول والتمسك بالأركيلوجيا التي تركها الأجداد وأجداد الأجداد مع الإستعانة بشيء من الميثالوجيا التي تعطي لوجودهم بعداً أسطورياً عظيماً، أو فقحطانية وعدنانية وعاربة ومستعربة وقيسية ويمنية، وليُزايد البعض هارباً متبجحاً بأن هم ما تبقى من الفينيقيين والمضحك أنهم باتوا محرجين بعدما تفاجأوا بأن أجداد الفنيقيين حِميرين أتوا من بلاد الحِمير (نسبة إلى البحر الأحمر) في اليمن.

يبقى أن ننتظر من المُنتظر إجابة عن سؤال حول ما إذا كان العرب سيسيرون قدماً قبل أن يأسن تاريخهم أم هم عشاق الأطلال!!.

السابق
الإعلامي رضوان مرتضى مجددا يضرب برمل الغرف السوداء
التالي
من هو الإنتحاري عمر العاصي؟