جريمتان والقاتل واحد :طفلة كفرشيما ونورس الكوستا برافا

ما بين الطفلة القتيلة والنوارس المقتولة صورة واحدة تختصر الجهل والتخلف.

مشهدان مؤذيان بل جارحان حد القتل في لبنان امس السبت في لبنان، الأول لطفلة لم تتخطّ سنتها الأولى وجدت جثة في كيس قمامة في إحدى حاويات كفرشيما، الثاني، لمجموعة من الصيادين يصطادون النوارس المهاجرة حماية لأمن المطار.

طفلة وطير النورس، كلاهما ضعيفان، لا صوت لهما ولا صرخة وقعا في قبضة الأقوياء وتعسف السلطة.
الطفلة، كشف الطبيب الشرعي أنّها تعرضت للخنق، وأشار إلى وجود رضوض بعدة مواضع في جسدها من بينها أعضائها التناسلية. هي ليست الطفلة الأولى التي توجد بمكب، فقد سبقها حوادث مشابهة، لتتحول إلى رقم في قائمة ضحايا لم يكتب لهم الحياة بسبب ذنوب لم يرتكبوها.
ربما الطفلة غير شرعية فأراد أحد الوالدين التخلص منها ليتابع حياته، وربما الوضع الاقتصادي، وربما أيضاً الذكورية “كان بدو صبي”، و ربما قلّة الأخلاق وقلّة الضمير وانعدام الإنسانية وهذا ما يمكن سحبه على كل ما سبق من المسببات.

الطفلة كما كل جريمة قتلت مرتين، فالإعلام تداول صورها دون رحمة، ومواقع التواصل الاجتماعي لم تترك فسحة لـ”حرمة الموت”، ولـ”خصوصية الجسد”، فاستباحها القاتل أولاً واستباحها المتلذذون بمشهد الموت القاتل ثانياً.

إقرأ أيضاً: #كيف_بتكش_النورس؟

أما النورس، أو أكثر دقة النوارس، فهي طيور مهاجرة، حطّها الترحال في وطننا الأبيض، لم تستقبلهم السماء ولم يرضَ بهم حوت المطار، فالمطمر تحت سلطة “العرب” وما من جهاد على الجهاد، ونهر الغدير مستنقع تحوّل لإرث ثقافي، لا مشاكل رأتها الحكومة لا في الأول ولا في الثاني، ولم يكن لدى مدير عام شركة الميدل إيست من هاجس إلاّ طياراته، فأوعز بصيد النوارس ونقطة على السطر.

لبنان اليوم بين هاتين الجريمتين، أقل من وطنٍ وأكثر من غابة، خلل أخلاقي، وخلل بيئي، وعهد جديد لا انضباط فيه ولا إصلاح!

إقرأ أيضاً: صيد النورس: أسلوب بدائي يصدم اللبنانيين ويثير غضبهم

الطفلة رقدت بسلام، النوارس تحوّلت علفاً سوف يستقطب نوعاً أخر من الحيوانات أو الثديات… وتمساح نهر بيروت ما زال بين الحقيقة والخرافة والصور، ونحن منكفئون بالاستنكار بـ”بوست” و “كومنت” و “لايك”.

لنصحوَ غداً، ليوم جديد، لا طفلة كيس القمامة به، ولا نوارس المطار، الاستنكار خلفنا والكوارث أمامنا.. وحيّ على الزعيم.

السابق
جديد قضية الإمام الصدر: هنيبعل يبرئ القذافي ويتهم الرجل الثاني في النظام!
التالي
ريفي: الفوز في الانتخابات الهدف منه مواجهة دويلة السلاح الايراني وبناء الدولة القوية