انهم يسرقون مال ولاية الفقيه.. داخل حزب الله!

ما زالت أخبار السرقات تتوالى في صفوف حزب الله، ولكن ما هي الاسباب التي تدفع مسؤولين من مؤسسي الحزب لأن يتورطوا ويسرقوا أموال الحزب الذي يقاتلون في سبيله؟

لم يكن أحد من المؤيدين لحزب الله، قبل عقدين من الزمن، يتوّقع يوما ان يسمع خبر فساد مسؤوليه الكبار أو الصغار، نظرا للتعبئة الإيمانيّة التي يُطلقها هؤلاء من خلال مظهرهم وأحاديثهم وأعمالهم الجهادية ضد أسرائيل.

اقرأ أيضاً: تقارير دولية: هكذا يجني حزب الله ثروة من المخدرات وتبييض الاموال

ولكن ما بدأنا نراه ونسمعه واقعا -بعيد عام 2000- عام تحرير الجنوب ضرب الفكرة السابقة عن الحزب وعن عناصره بالصميم. فبعد تحرير الجنوب والشعور بالنشوة، والقوة، والإفتخار، كان من نتيجته ان ارتدّ عكسيّاً على ما قام عليه الحزب في ثمانينيات القرن الماضي.

كان التُقى والإيمان سلوك هؤلاء الجُدد حينها، الذين واجهوا بداية رفضا تاما في بيئتهم الشيعية التي كانت مشبّعة بالسلوك اليساري إجتماعيا وثقافيّا، ثمّ من حركة أمل.

وكان دخول حزب الله الى الحياة اليوميّة للبيئة الشيعيّة، وخاصة في الجنوب ضربا من المستحيل، لكن مع انتصارات المقاومة الإسلامية المميّزة، إلتّف الناس حول حزب الله فكبرت هذه البيئة، وتوّسعت، فجمعت كل مؤيد للمقاومة، وكل داعم لها من كافة الجهات تحت غطائها.

في عام 2000 الإنتصار الكبير واندحار الصهاينة، حاز حزب الله على شعبية محلية هائلة وتأييد الشعوب العربية بمجملها، ولكن بسرعة كبيرة بدأت الاوهام تكبر في رؤوس البعض من مسؤوليه، لدرجة ان اكتشاف وجود عملاء داخل صفوف الحزب كان خبرا صادما للجميع ومفاجئا للقريب والبعيد. كون حزب الله كان يتهم معارضيه السياسيين بالعمالة، اما لإسرائيل او لأمريكا. فمنذ سنوات أُكتشف عميل تلو العميل داخل صفوف الحزب. وقد أعتبر بعض المراقبين هذا الأمر طبيعيا كون الحزب ملاحقا من قبل الصهاينة ومعرّض لهذا الأمر. وآخر عميل أُعلن عنه كان عميل من آل شوربا، المسؤول عن العمليات الخارجية في الحزب.

ايران حزب الله

وبعد فترة بدأت الأمور تتكشف عن سرقات واختلاسات من ماليّة الحزب، خاصة انه دخل الى ماليّة الحزب -اضافة الى الاموال من إيران – أموال من الدول العربية التي ساهمت بُعيد التحرير في بناء عدد من القرى المُدمرة.

وبعد عدوان تموز 2006 وما جرى بعد 33 يوم من اعادة إعمار وبناء، تغيّرت سلوكيات عناصر الحزب، ومحازبيه، الصغار والكبار، وأصبح عدد منهم أثرياء وظهرت عليهم النعمة بشكل كبير. فبعد فضائح العمالة والسرقات، اليوم نشهد حالات انتحار، وبالرغم من ذلك يحقق الحزب انتصاراته في سوريا.

فأن نسمع مؤخرا عن سرقات ضخمة لأحد مشايخ الحزب أُودع بعضا من أموال الحزب في الجنوب ليُشرف على ادارتها، فكان ان استغلّها ليعيش كالسلاطين، اضافة الى ملف الحاج (أ.م. ج) المشهور بتُقاه وورعه وإيمانه الشديد، وهو اليوم في قبضة أمن الحزب يقبع في أحد السجون بسبب سرقات ضخمة لمبالغ كانت بين يديه.

وان نسمع عن قتل البعض لأنفسهم جراء اليأس والفقر، لهو أمر غريب بعد 3 عقود على خروج الحزب الى الضوء، وبعد 24 عاما على استشهاد السيد عباس الموسوي الأمين العام لحزب الله الراحل.

حزب الله أصبح صورة متناقضة لبيئة دخل إليها الفكر الدينيّ فجأة، بعد ان كانت بيئة طبيعية هادئة تنمو بشكل متدرج ومتناسق مع محيطها اللبناني. ولم يكن من قيمة او مكان او حيّز لرجال الدين بالقدر الذي صار عليه منذ نهاية السبعينيات.

فكان المقاوم يذهب الى مدرسته، وبعد ان يفرغ من درسه، يهرب لينفّذ عمليته ضد الصهاينة، ولم يكن هذا المقاوم موظفا وعاملا متفرّغا للعمل السياسي او الحزبي او العسكري، الا مع مجيء حزب الله الذي ألغى المهن وجعل القتال مهنة الشباب.

وأصبح المال يتدّفق بالأكياس على البيئة الشيعيّة التي حررت الجنوب، واستفاد الاهالي مادّيا ومعنوّيا من تقديمات إيران الهائلة في كل جانب من الحياة حيث غطت حياة الفقير وعائلة الشهيد والأسير والجريح والأرملة والمقاتل والجامعي والمرأة…

الفساد دخل الى حياة هؤلاء الذين كانوا بسطاء يكدّون لتحسين مستواهم العلميّ، وكان الأغنياء قلّة بينهم. الفساد ضرب الأوصال في البيئة الشيعية مقابل تعميم الثقافة الدينية التي تكرس فكرة التبعية لإيران، الجمهورية الشيعية الأولى في العالم.

شعر الشيعة بالقوة “الهمايونيّة”، لكن الضربات كانت تأتي على شيعة لبنان من اكتشاف بعض الفضائح فيما يتعلق بالفساد الماليّ والأخلاقيّ كثيرة، ولا يزال السيد حسن نصرالله لدى جمهور الحزب انه خط الدفاع الأول عن مجتمع أراده مثاليّا ونموذجيّا يُحاكي صورة موجودة في التراث الإسلامي الشيعي عن مجتمع الإمام المهديّ في آخر الزمان.

اقرأ أيضاً: مخدرات حزب الله تنشط في سوريا وخلافات واقتتال مع النظام حول الحصص

نرى اليوم، مزيدا من الفساد، ومزيدا من اللإخلاقية، ومن اليأس والمحسوبيات والواسطات، اذ يمكن القول ان اللبناني ابن بيئة حزب الله أخذ مال إيران، وتنّعم به، ومثّل الحالة الإيمانية مؤقتا وعاد الى سيرته الأولى، اذ نسمع مؤخرا عن عناصر حزبية شبايبة في الحزب مشهورة بفسادها الأخلاقي، وهذا ما كان من الصعب، بل من المستحيل، السماع به قبل عام 2006.

السابق
أفضل أماكن التزلج لهذا الشتاء في امريكا
التالي
عون: حزب الله منخرط في صراعات المنطقة وجزء من أزمة إقليمية