المخلص اللبناني

يوم السبت، آخر أيام العام الفائت 2016 كان ممطراً وعاصفاً، شهدت شوارع البلد زحمة خانقة. فضّل الكثيرون البقاء في منازلهم، وأنا منهم. بقيت في المنزل وعيني على الجديد، لكني لم أنتظر اتصالاً لأرد بـ”الجديد” وأربح جائزة أذا كانت “الجديد توزع الهدايا يميناً وشمالاً في ذلك اليوم.

اقرأ أيضاً: كفررمان ترفض تقييد حريتها ومنع الخمور فيها من قبل «أمل» و «حزب الله»

لفت نظري حدثان في اليوم نفسه، الأول، أن رئيس الحكومة سعد الحريري ترك أعماله ومتابعات حكومته وجلس أمام التلفاز ينتظر أن تتصل به القناة المذكورة. “سبحان الله” كيف اختار الحظ رقم هاتفه وكيف رد مباشرة على الاتصال، ولم يرد أحد العاملين على موزع هواتفه، لكنه استخدم إسماً آخراً وحظي بهدية من مجوهرات مكرزل.

أما الحدث الثاني، فكان اللقاء مع تلك السيدة التي تتوقع المستقبل وتدعى جمانة وهبي التي طالعتنا بتقرير سياسي ذو بعد أمني استمعت إلى بعض أجزائه، تخيلت نفسي أمام مسؤول جهاز أمني وقد تجمعت على طاولته تقارير أمنية مختلفة، وعليه أن يحللها ويعيد تجميعها ليستنتج ما توقعته وهبي، علّها تصيب في مكان ما.

جمانة وهبي
جمانة وهبي

طغى على توقعاتها واحد مميز يتعلق برئيس الجمهورية ميشال عون، إذ وضعته في إطار كبير وجعلت منه إنساناً قادراً على تحقيق كل ما يريد على الرغم من إشارتها إلى الصعوبات والتحديات التي قد تواجه مسيرته، لكنه سيتغلب عليها، حسب تعبيرها.
إن ما تخبرنا به وهبي وغيرها من قارئي الفنجان والفلك، هو تعبير عن مستوى الانحطاط السياسي الذي وصلنا إليه، ومتابعة الجمهور لآراء توقعات هؤلاء يعني عدم ثقته بالطاقم السياسي الحاكم وبالقوى السياسية المحيطة به.

اقرأ أيضاً: سامي خضرا ينتقد أعياد المسيحيين فينتقده الشيعة المعتدلون

انطلقت وهبي في توقعاتها من نظرية الشخص – المخلص وهي نظرية قديمة جداً، آمنت بها شعوب عديدة من المصريين القدماء إلى الشعوب الهندية والفارسية وصولاً إلى بعض المجموعات الإسلامية، وهي نظرية تقوم على أن تدهور الأوضاع وانتشار الفساد والانحلال الأخلاقي وتدني القيم والإحساس بالعجز عن تقديم الحلول الشافية تكون مقدمة لوصول شخص ما يستطيع أن يقدم الحلول المناسبة. وإذا كانت هذه النظرة قد تجد من يؤمن بها في مجتمعات قبلية عشائرية وطائفية صافية، وأن الشخص قد يكون زعيماً في ذلك المجتمع لكن وهبي نسبت أننا الآن في مجتمع متعدد متنوع له أنظمته وقوانينه السائدة وبالتالي فإن الشخص أيا كان يستطيع أن يشرف على مؤسسة ويدير سياستها ولكنه لا يستطيع أن يقدم حلولاً سحرية. لذا فإن رئيس الجمهورية ميشال عون لا ولن يستطيع أن يكون “المخلص” الذي تشير إليه وهبي فأتت توقعاتها وكأنها لا تعرف الظروف التي أتت بعون إلى هذا الموقع الأساس وما هي شروط النجاح في منصبه، لذلك للحديث تتمة.

السابق
بوحاطوم: حملة #رح_سكّر_خطي نجحت وسيتبعها خطوات مفاجئة
التالي
تعرف على اشياء ستختفي من حياتك بعد ربع قرن