غياب رفسنجاني «داهية ايران» الذي نصّب خامنئي مرشداً فانقلب عليه

اعلن في ايران قبل ساعات عن وفاة آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني، منصبه الأخير "رئيس مصلحة تشخيص النظام" لا يختصر مسيرة الرئيس الإيراني الأسبق "الداهية" الذي طبع العقدين الأولين من عمر الثورة الايرانية بإسمه، كثاني أقوى شخصية في حياة الخميني، والأقوى بعد وفاته بلا منازع لعقد من الزمن.

توفي أمس أحد أعمدة إيران السياسة الرئیس الإیرانی الآسبق ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام حالیا، علي اكبر رفسنجاني اثر ازمة قلبية، عن عمر يناهز الـ83 عاما.

وتولى رفسنجاني منصب رئيس البرلمان أو مجلس الشورى بين عامي 1980 و1989، وبعد وفاة الخميني انتخب رئيسا للجمهورية لدورتين متتاليتين حتى العام 1997، عندما لعب دورا اساسيا بمجيء الرئيس محمد خاتمي خليفة له في منصب الرئاسة، ليطبق بعدها المرشد علي خامنئي على مفاصل السلطات بمعاونة الحرس الثوري مع العلم أنه لولا جهود رفسنجاني وشهادته بان الخميني يرغب بخامنئي خليفة من بعده،  لما وصل الأخير الى منصب مرشد الثورة  ابدا.

كانت تتلاقى شراكة خامنئي ورفسنجاني على منصة واحدة رئيسية هي: تحييد المنافسين المُشترَكين. في السنوات القليلة الأولى من الثورة، قاد الرجلان جهوداً لتهميش وطرد كل من يعترضهما من اسقاط حكومة مهدي بازركان الى طرد الرئيس أبو الحسن بني صدر بعد اتهامه بالليبرالية والعلمانية.

بعد وفاة الخميني في حزيران من العام 1989، وفي جلسة مُسجّلة على شريط فيديو في مجلس الخبراء، إدّعى رفسنجاني أن الخميني قال له “لا تنظر إلى أبعد من خامنئي” في إختيار المرشد الأعلى المقبل، وبالتالي أمّن وضمن المنصب الأعلى في البلاد لخامنئي شريكه الأضعف حينها، ولكنه الذي سوف يتحوّل بعد عقد من الزمن الى شريك أقوى ويعمد الى تحجيمه بفعل انحياز الحرس الثوري المتشدد الى خامنئي بعد استيائه من دعم رفسنجاني لانتخاب الاصلاحي السيد محمد خاتمي لدورتين متتاليتين كرئيس للبلاد.

ولكن رفسنجاني الداهية الذي بقي في منصب رئيس مصلحة تشخيص النظام والذي دافع عن قادة الثورة الخضراء عام 2007 حوّل نفسه الى عرّاب الفصائل الإصلاحية والمعتدلة في الجمهورية الإسلامية. فأخذ يدعو علناً نفسه الداعم الرئيسي للحكومة المعتدلة لحسن روحاني، وكان كثيراً ما يقحم نفسه في معارك ضد معارضي الرئيس المعتدل المتشددين.

وفي العام الماضي ردّ رفسنجاني على قرار أعضاء مجلس صيانة الدستور الذي يفصل في أهلية المرشحين للانتخابات بالقول: «استبعدتم حفيد الإمام الخميني وهو أكثر الأشخاص شبهاً بجده. من قرر أنكم مؤهلون للحكم على الآخرين؟ من أعطاكم حق أخذ كل الأسلحة وكل منابر صلاة الجمعة وإدارة التلفزيون الرسمي؟»

 

خامنئي ورفسنجاني

 

وكتب رفسنجاني بعدها تغريدة عبر موقع تويتر قال فيها إن “الغد هو عالم الحوار، وليس عالمٌ الصواريخ”، ورد خامنئي على ذلك بتصعيد في خطابه اتجاه رفسنجاني وصل إلى حد اتهامه بـ”الخيانة”.وقال خامنئي أمام حشد من المحتفلين بذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء وأكد أن “العدو يقوم بتعزيز قدراته العسكرية والصاروخية بشكل مستمر، فكيف نقول في هذه الظروف إن العصر الحاضر ليس عصر الصواريخ؟”، وأضاف “إذا كان كلام (الغد عالمٌ للحوار وليس عالمٌ للصواريخ) قيل دون دراية فهذا بحث آخر، أما إذا قيل على دراية فتلك خيانة”.

ولم تتوقف انتقادات خامنئي عند رفسنجاني، بل تجاوزته إلى التيار الإصلاحي، وقال خامنئي إن الإصلاحيين يشوهون صورة المرشد في أعين الشعب الإيراني بشكل ممنهج ويظهرونه كأنه يعارض المفاوضات مع الدول الغربية لرفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد

رد مكتب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني على الهجمة الشرسة والممنهجة التي تعرض لها هاشمي رفسنجاني من قبل صحيفة “كيهان” المملوكة للمرشد الإيراني خامنئي والصحف والمواقع المقربة والتابعة للمحافظين والحرس الثوري بإيران.واتهم مكتب رفسنجاني ضمنيا المرشد الأعلى للثورة الإيرانية خامنئي بتدبير مؤامرة ضد رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وتشويه صورته بسبب بعض المواقف التي يتخذها من أجل مصلحة النظام الإيراني.

هذا وطالب رفسنجاني مؤخرا بتقليص ميزانية الجيش والحرس الثوري والتركيز على النمو الاقتصادي للبلاد. وقارن إيران بألمانيا واليابان وقال إن كلا البلدين خرجا من حروب طاحنة ولكن من خلال تركيزهما على التعليم ودعم الصناعات والمشاريع التنموية “استطاعت هذه الدول أن تعوض الدمار الذي حل بها نتيجة الحروب، عكس إيران التي ما زالت تعاني من تبعات الحرب العراقية – الإيرانية”.

إقرأ أيضاً: إيران رفسنجاني ـ روحاني غير إيران خامنئي

وأثار حديث رفسنجاني حفيظة الحرس الثوري فتعرض لهجوم شرس واتهم بأنه يريد إضعاف القوة العسكرية الإيرانية على حساب مشروعه الخاص الداعي للتقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ورفسنجاني كان فعلا من اهم الدعاة لاعادة ايران الى الخارطة الدولية والعلاقات مع اميركا والدول الكبرى ومن اهم الداعمين للاتفاق النووي والرئيس حسن روحاني فقال في شهر تموز من العام الفائت “هناك بعض الجهات لديها سباق على إجهاض وإفشال الاتفاق النووي الإيراني، ألا يعلم هؤلاء بأن تضعيف حكومة روحاني يؤدي إلى إضعاف النظام، وبالتالي يدفع المستثمرين الأجانب لعدم دخول الأسواق الإيرانية بسبب هذه الخلافات التي تجعل المستثمر الأجنبي يفقد الثقة في الاستثمار بإيران؟”.

إقرأ أيضاً: من هو علي أكبر هاشمي رفسنجاني؟

كما قال: “في العالم الذي تحول إلى قرية عالمية صغيرة لابد أن نفهم المتطلبات المرتبطة بالعولمة، وأن قطع العلاقات مع الدول الكبرى ناتج عن عدم فهم وإدراك العلاقات الدولية الحديثة، وسيؤدي ذلك إلى الفشل والتخلف الاقتصادي لأي بلد يقطع علاقاته السياسية والاقتصادية مع العالم”.

السابق
كيف نعى الخامنئي رفسنجاني؟
التالي
جنبلاط: يا ممثل العلوج في الوزارة تاريخي لا يمحى!