هل إنخفض الوجود الروسي أم زاد حجمه في سوريا؟

روسيا تعيد انتشارها في سوريا.. إنسحاب من البحر ونصب صواريخ وإنتشار في البرّ.

“وفقا لقرار القائد الأعلى للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية فلاديمير بوتين تبدأ وزارة الدفاع في تقليص حجم قواتها المسلحة المنتشرة في سوريا”.

بهذه العبارة إستهل رئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف كلامه عن إنسحاب حاملة الطائرات “ادميرال كوزنتسوف” والقطع التي ترافقها من قبالة السواحل السورية وعودتها إلى روسيا.

غير ان عدد من المراقبين يرون ان ما أعلنته موسكو لا يمهد لأي انسحاب من سوريا، اذ ان تحركاتها العسكرية الجديدة تندرج في إطار اعادة ترتيب قواتها المسلحة العاملة هناك، فقبل يومين كشفت الاقمار الاسرائيلية عن نصب الروس لصواريخ أرض – ارض (اسكندر) متطورة في اللاذقية، وهو ما قد يشير إلا ان بوتين لم يستغن عن إنتشاره البري في اللاذقية وطرطوس، بل على العكس فانه سوف يزداد يتقدّم لسبب أن تلك الصواريخ تحتاج لحماية وحراسة ستؤمنها حتما الدبابات الروسية وصواريخ أرض – جو، مع أطقمتها البريّة المقدر عددهم بالمئات.

كذلك فقد نشرت روسيا بحسب معلومات غربية فرقة “كلاب البحر” وهم فرقة عسكرية شاركت في حسم معركة شبه جزيرة القرم وضمها لروسيا عام 2014، وتتواجد تلك الفرقة الخاصة بإسم “الشرطة العسكرية الروسية” في أحياء حلب الشرقية. أما في طرطوس، فقد أعلن بوتين عن توقيع اتفاق لتعزيز تواجده العسكري في القاعدة، كذلك فإن الجيش الروسي سيستمر في تشكيل وتدريب “الفيلق الخامس” الذي يخدم فيه شبان سوريون بقيادة غرفة عمليات روسية.

إقرأ ايضاً: مصطفى بدرالدين وعماد مغنية.. والثأر الروسي

صحافية الـ”LBC” ريما عساف في تقريرها المصور عنوانه “لماذا قررت روسيا الانسحاب من سوريا” تطرقت عساف إلى ان روسيا لم تقدم معلومات اضافية عن انسحابها ولكنه يأتي بعد تحسين موقعها في الشرق الاوسط وطرحها لعدد من المخارج للحرب السورية ستتبلور اكثر في مؤتمر استانة القادمة، وقد عززت علاقاتها مع تركيا، كذلك فإن بوتين لن يتورط في سوريا مستفيداً من تجربة اميركا في العراق. اما عن ايران وعلاقتها مع روسيا فإن الاخيرة تفهم صعوبة تجاوزها لطهران.

أما صحيفة الغارديان البريطانية قالت ان المحللين الغربيين رأوا أن حاملة الطائرات “ادميرال كوزناتسوف” قدمت إلى السواحل السورية كجزء من إستعراض روسيا العسكري. ورغم اتفاق وقف اطلاق النار التي دخلت به سوريا في 30 الشهر المنصرم إلا أن خروقات عدة سجلت للإتفاق المضمون مراقبته لكل من تركيا وروسيا، وفي الوقت الحالي تشهد مدينة وادي بردى المحاذية لدمشق غارات جوية تقودها الطائرات السورية بالاضافة إلى محاولة لإقتحامها من قبل حزب الله، وتحدثت وكالات الاخبار عن رفض حزب الله طلب المراقبين الروس بالدخول إلى بردى للمرة الثالثة. واكتفى المراقبون الروس بالوقوف عند حواجز النظام السوري على اطراف المدينة لمناقشة مبادرة تقضي لإستسلام المسلحين من المدينة واخراجهم والأهالي منها.

وعليه فإن اعادة انتشار روسيا في سوريا وفق الحل السوري ومؤتمر استانة القادم وكرسالة قد يقرأها البعض بأنها حسن نية مع تركيا الشريك الاساسي لبوتين يكرس فكرة رفض الرئيس الروسي للحسم العسكري الشامل خصوصاً وان هنالك عددا من المناطق التابعة للمعارضة لم تحسم إلى الان على غرار ما حصل في احياء حلب الشرقية ولم تظهر موسكو اية نية للمضي بالحسم على غرار حماس نظام الأسد وايران لخوض معركة الحل العسكري ونسف اتفاق وقف النار.

وتدور شكوك حول حقيقة تخفيض روسيا لقواتها بحيث أن اتفاق وقف إطلاق النار ما زال هشاً ويشهد بإستمرار خروقات من قبل النظام السوري والميلشيات الطائفية المقاتلة معه كذلك فقد أكد المستشار العسكري لخامنئي علي اكبر ولايتي على أن حزب الله لن يخرج من سوريا، هذا الخبر عاد فأكد عليه رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني علاء الدين براجوردي على ذلك من الضاحية الجنوبية في بيروت التي زارها بالأمس.

إقرأ ايضاً: كراهية «بشار الأسد» لتاريخ «حافظ الأسد»

ولجهة روسيا فقد إستطاعت تحريك المياه الراكدة بهدف التوجه إلى حل نهائي للصراع السوري، وينتظر بوتين تولي الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب زمام الحكم في اميركا بعد أيام،ليقدم بوتين اتفاقه لحلّ النزاع مع تركيا لترامب، وذلك بهدف اعادة احياء الشراكة بين القوتين العظمتين حول سوريا، إنطلاقاً مما قد يتوصل له الروس في الاستانة مع الأتراك وصولاً إلى التعهد المشترك بين الرئيسين الأميركي والروسي في الحرب على تنظيمي داعش والقاعدة، المنتشرين في أكثر من رقعة فوق الاراضي السورية، وهنا ولا يمكن تجاهل الخلافات بين الرؤية الايرانية والرؤية الروسية في سوريا، فقد إستطاع بوتين فرض وصايته على الايرانيين وحزب الله والنظام السوري عبر سيطرته على الجوّ والبحر ومناطق الساحل السوري. ورغم تعنّت طهران، فإن الاجندة الروسية تتقدّم وهي مصرة على الاسراع في العمل على حلّ سياسي مع أميركا، وعدم الغرق في المستنقع السوري كما كانت تقضي بذلك خطة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، وكما ترجو ذلك ايران الغارقة هي و حليفها حزب الله في هذا المستنقع منذ سنوات.

السابق
رئيس الاركان الاردني يفاجئ جمهور الثورة السورية «لم نكن يوما ضد بشار» !
التالي
نهاية «ويك أند» عاصف والثلوج تقارب علو الألف متر