الإنتحاري دليفري أمّا الإرهاب فموضوع آخر

ان مناقشة اي عملية ارهابية على قاعدة عقيدة المنفذ الفكرية، تشبه مناقشة عامل الدليفري الذي يوصل البيتزا او قارورة الغاز الى منازلنا، سواء كانت عن الخصائص الغذائية للاجبان المستعملة في البيتزا في الحالة الاولى او عن شروط السلامة في اسطوانة الغاز في الحالة الثانية..

لاشك ان استعداد المنفذ للتضحية بنفسه من اجل تنفيذ مهمته يحتاج الى اعداد نفسي وفكري والى ترسيخ قناعة لديه بان ما يفعله هو من اجل قضية عادلة ومقدسة، لكن كل هذه القطعة من العملية الارهابية لا تشكل الا راس جبل الثلج، نسبة الى الحجم الحقيقي للعملية، هذه القطعة لا تشكل الا جانبها الظاهر الثانوي، الارهاب هو اوسع مدى من الجزء الظاهر وهو اكبر من ذلك ، انه عمل منسق واستطلاع و دعم وامداد لوجستي، وتسليح وتذخير، وعبور حدود الدول، وتمويه الهويات ومحو الاثار وتمويهها، وتوقيت دقيق، وجهوزية في المكان المناسب والوقت المناسب، على وقع المفاوضات تارة، وعلى وقع مفاصل الاحداث ومنعطفاتها، هذه الامور هي اعقد من ان يجيدها بمفردهم مشايخ، يعيشون في القرون الوسطى، او بعض المتدينين الذين يعانون ظروفا صعبة داخل المجتمعات الذين يعيشون فيها، الارهاب لا يمكن ان ينجح ويستمر الا في احضان دول ترعاه ومخابرات تدير عملياته.

إقرأ أيضاً: الإسلام والإرهاب والعلمانية: كم نحن حمقى!

قد تجد في اسطنبول قبل كل راس سنة اكثر من الف متدين اسلامي متشدد، مستعد للقيام بعمل عنفي لمنع احتفالات راس السنة، لكن واحدا فقط لا غير يستطيع، ولهذه السنة حصرا لاقبلها وربما ليس بعدها، تحديد هدف معولم موجود في اهم منطقة سياحية، ويمكن استطلاعه ومعرفة طبقاته وعادات رجال الامن فيه، وكيفية الدخول اليه واقتحامه واطلاق اكثر من 300 طلقة خارقة حارقة متفجرة، خلال دقائق على الراقصين، وحساب وقت وصول الامن التركي والانسحاب قبل ذلك، ثم الاختفاء داخل المدينة. هذا الفرد هو الذي أمنت له مخابرات دولة ما، كل ما ينقص ال 999 شخصا الاخرين.
عليه لم يثبت وجود بيئات راعية للارهاب محددة، بل دول ترعى الارهاب وهذا ماتحدده لوائح وزارة الخارجية الاميركية علنا، فيما تتصرف سرا على اساسه بقية المخابرات العالمية.

إقرأ أيضاً: الإرهاب دين وليس أعمالاً فردية

في آخر الاخبار عن ارهابي اسطنبول أنه من الاقلية الايغورية في الصين، هذه الاقلية المسلمة على عداوة مع حكومة بكين الشيوعية وتعاني اضطهادا اثنيا من مليار ونصف مليار نسمة من اتباع كونفشيوس او ملاحدة ماوتسي تونغ واذا توسعت معارفها فستكتشف مليار ونصف اخر من البوذيين في الهند والجوار، الاحتمال الأكبر ان راس سنته غير راس السنة الميلادية وقد لا يكون اصلا على علم بالديانة المسيحية، او على الاقل انه لم”يضرب في الاشرفية”عن سابق قصد. لهذا فان جماعة استحضار المؤامرة على المسيحيين في كل وقت قد خاب ظنهم وطاش سهم مقاصدهم؛ أما نظرية البيئة الحاضنة فقد تاهت تيه قوم موسى ولم يعثر عليها الا في الصين.

السابق
قتيل وجرحى في إطلاق نار في فلوريدا
التالي
فراس بو حاطوم: حملة #رح_سكر_خطّي لا علاقة لها بحزب الله ورسالة الى الوزير الجديد