سفّاح «رينا»: لاعب «بوكيمون غو» أم «سوبرمان»؟!

في انتظار أن تحدّد التحقيقات في مجزرة مقهى «رينا» الاسطنبولي هوية منفّذها ووقائع ما حصل وعما إذا كانت عملية فردية أو أنّ جماعة نفّذتها، ستبقى هناك سيناريوهات مطروحة لم يقاربها بعد المحققون ولا مخرجو أفلام الرعب الأميركية التي تمثل بها مجرمون كثر في العالم. لكنّ هناك خبراء لبنانيين متخصّصين في مكافحة الإرهاب لهم رأي في سيناريوهات متداوَلة وهذه نماذج منها.بات واضحاً أنّ التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن التركية الخارجية والداخلية لم تتوصل بعد الى تحديد السيناريو الذي اعتمد في «مجزرة» رينا في اسطنبول.

ومردّ ذلك الى شكل ومضمون الشهادات المتعدّدة التي اطلقها الناجون والمصابون وموظفو الملهى من أتراك وأجانب استمعت هذه الأجهزة الى إفاداتهم ومشاهداتهم.

وبالعودة الى بعض ما نشر منها في وسائل متعددة ظهر حجم التناقضات في عدد من الروايات ومنها على سبيل المثال لا الحصر إثنتان:

• مجموعة من الشهادات قالت إنه كان للمجرم الرئيس شركاء داخل الملهى وخارجه، وإنّ بعضهم سبقوه الى الداخل قبل ساعة ونصف ساعة وتبادلوا معه وفي ما بينهم المعلومات والمشاهدات قبل الجريمة وأثناء تنفيذها الى أن تمكّنوا من الفرار جميعاً.

• مجموعة أُخرى قالت إنّ القاتل كان وحيداً لم يشاركه احد في المجزرة، بدليل انه كان الوحيد الذي أطلق النار. فلم يكن هناك سوى مصدر واحد للنار، بالإضافة الى إشارة البعض حول طريقة تغيير المجرم مماشط رشاشه أكثر من مرة وفي توقيت مختلف اشار اليه أصحاب الإفادات على مدى الدقائق السبع أو التسع التي استغرقتها العملية.

وأمام هاتين الروايتين يتوقف الخبراء العسكريون المتخصّصون في مكافحة الإرهاب ممَّن تدرّبوا أو قادوا التحقيقات في جرائم مشابهة عند خصائص كلّ منهما فكانت لهم الملاحظات الآتية:

• يبدو للوهلة الأولى أنّ أصحاب الرواية الأولى قد يكونون أصدق من غيرهم، فالعملية في شكلها ومضمونها ووقائعها لا يمكن أن تكون نتيجة عمل فردي على الإطلاق مهما تعدّدت خبرات هذا المجرم.

ولذلك فإنّ الإشارات المختلفة التي قادت اليها التحقيقات الأوّلية توحي بأنّ رجل «البابا نويل» الذي جال بين الساهرين له دور في العملية وقد يكون «العين السابقة» للمنفّذ الرئيس وخصوصاً إذا صحّت النظرية التي قالت إنه استخدم زوايا المطبخ والبار والصالات حيث أخفى مماشط الرشاش الستة التي استخدمها مطلق النيران إذا صحّ أنه استخدم 180 رصاصة، أو أكثر إذا صحّ القول إنّ من بين الضحايا والمصابين مَن قُتل أو جُرح بما بين رصاصة واحدة في الرأس وثلاث رصاصات على الأكثر وهو ما يوحي باستخدام عشرة مماشط على الأقل تحمل 300 رصاصة.

• أما أصحاب النظرية التي تقول بعمل فردي فهم يمتلكون رواية ناقصة لم تشر الى مكان إخفاء سلاح الجريمة أثناء انتقال المجرم في سيارة الأجرة الى مكان ما بعيداً من مدخل الملهى واضطراره الى السير نحو 300 متر بسبب زحمة السير.

فهو لم يكن قادراً على حمل رشاش كلاشينكوف ومماشطه بنحو ظاهر إلّا إذا صحّت الرواية التي قالت إنّ السلاح كان في محفظة وضعت في مكان قريب من مدخل المقهى ما سمح باستخدامه فور بدء الهجوم ومقتل حارسه الخارجي قبل الإجهاز على زملائه المنتشرين على مدخله وصولاً الى صالة الزبائن.

وما بين القراءتين، وبمعزل عن المعلومات التي أفادت أنّ أصحاب الملهى تبلّغوا مسبقاً باحتمال استهدافه ولم يتّخذوا أيّ تدابير استباقية في الخارج قبل الداخل، ثمّة مَن يتوقع أن يكون هناك متواطئون بين موظفي الملهى والعمال سهّلوا مهمة المجرم لوجستياً على الأقل.

إقرأ ايضًا: مجزرة اسطنبول شكوك وأسئلة لم تلقَ أجوبة!

فعدة الهجوم من سلاح ومماشط رصاص لا يمكن إخفاؤها بسهولة عن عيون رجال الأمن، وأنّ توزيع المماشط في أرجاء الملهى قد يكون امراً منطقياً بدليل أنّ بعض الإفادات قال إنّ مطلق النار تبادل الكلام أكثر من مرة باللغة التركية مع آخرين متعاونين معه وهو أمر يستحق التوقف عنده وعدم تجاهله في أيّ تحقيق يجري بحثاً عن حقيقة ما حصل.

ولذلك كله يبدو للخبراء أنّ ما توافر من معلومات ليس كافياً للكشف عن كلّ الحقائق المتصلة بهذه العملية، وأنّ الإطّلاع على كثير من التحقيقات التي اجراها المسؤولون الأتراك أمر واجب ولازم.

فلم تقدّم السلطات المعنية بعد أيّ سيناريو متكامل ومقنع عن العملية، وأنّ احتفاظ المسؤولين المشرفين على سير التحقيق ببعض الوقائع قد يكون امراً مشروعاً ولكن لفترة من الزمن ولا بدّ من الكشف عنها قبل الحكم النهائي على العملية بكاملها.

وعلى هامش هذه الروايات، يصرّ أحد الخبراء عند قراءته رواية «العملية الفردية» أنّ منفّذ الجريمة وفي حال صحتها قد يكون ممَّن أتقنوا لعبة «بو كيمون غو» عند ملاحقته ضحاياه بين مدخل الملهى وصالاته وحمّاماته وزواياه لإستحالة وجود «سوبرمان» بهذه المواصفات.

فالعمليات المشابهة في شكلها وحصيلتها الدموية التي شهدتها مسارح في تونس وباريس وقبلهما في موسكو نُفّذت على ايدي مجموعة من الإرهابيين ولم تكن فعل عمل فردياً.

السابق
غياب #سفير_الكلمه_الحره.. وهزيمة الصحافة اللبنانيّة
التالي
من أوباما إلى ترامب