خَطَفَ 6 طائرات وشُبِّه بـ«غيفارا».. مقاتل من «أمل» يخرج عن صمته!

عقل حمية، شغل الناس على الأرض وفي السماء، اشتهر بجرأته وجاذبيته، هو الذي خطف 6 طائرات ليلفت انتباه العالم إلى اختطاف قائده الإمام موسى الصدر، محققاً بذلك رقماً قياسياً لم يجرؤ أحد على تحطيمه حتى يومنا هذا. كان في شبابه أسطورة في الشرق الأوسط، فشبههه كثيرون بتشي غيفارا، أمّا بالنسبة إلى الصحافية في “نيويوركر”، روبين رايت، فإنّه نسخة عن الممثل آل باتشينو في فيلم “سيربكو”، وإن كان أطول منه بسنتيمترات قليلة.

إقرأ أيضا: إخراج هاني قبيسي من قيادة حركة «أمل»: هل تبدأ الانشقاقات؟

رايت التي سبق لها أن اجتمعت بحمية في بيروت في أوائل الثمانينيات، عادت والتقت به بعد مرور أكثر من 4 عقود على اختطافه 6 طائرات، في الفترة التي تراوحت بين العامين 1979 و1982، من دون أن يؤذي أحداً أو أن يلاحق قانونياً، مستفيداً من عفو عام أصدر في العام 1991، بداية مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.

ماضي حمية المولود في العام 1954 ليس كغيره من مقاتلي “أمل”، إذ رافق آية الله الخميني في رحلته من فرنسا إلى بلاده في العام 1979 وقاتل في أفغانستان ضد السوفييت وشارك في الحرب الإيرانية-العراقية في مواجهة الرئيس العراقي صدام حسين، وأصبح في العشرينيات من عمره قائداً للحركة التي أنشأها الصدر لنصرة المحرومين.

رايت روت تفاصيل لقائها الثاني مع حمية، موضحةً أنّ الاجتماع الأول بينهما تم في الضاحية الجنوبية لبيروت، أمّا الثاني ففي منزله في البقاع، حيث كان يتعافى من عملية جراحية خضع لها لإزالة ورم من دماغه.

في مقابلتها، عادت رايت إلى واقع أبناء الطائفة الشيعية قبيل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، ناقلةً عن مقاتل سابق في صفوف “أمل” قوله إنّ هؤلاء مارسوا الأعمال الحقيرة قبل تلك الفترة، وعن الخبير في شؤون التطرف في كلية لندن للاقتصاد، فواز جرجس، اعتباره أنّ الصدر كان بمثابة مارتن لوثر كينغ لهم، إذ أعطاهم أملاً وتشيجعاً سياسيين لطلب حصة متساوية كمواطنيهم في العمليتين الاجتماعية والسياسية في لبنان.

في السياق نفسه، أوضحت رايت أنّ عقل حمية أو حمزة، كما سمّاه رفاقه نسبة إلى عم الرسول المعروف بشراسته في المعارك، أصبح مقاتلاً في صفوف “أمل” إبان الحرب الأهلية بعدما كان مساعداً للصدر أيام المراهقة، لافتةً إلى أنّ عشيرة آل حمية تُعتبر من بين الأقوى تاريخياً في لبنان.

وفيما تحدّثت رايت عن احتكاك حمية بالأسلحة منذ الصغر، أشارت إلى أنّه يعشق القاذفات الصاروخية التشيكية الصنع، وإلى أنّه تلقى تدريباً على يد مصطفى شمران، الذي أصبح وزيراً للدفاع الإيراني والذي سمى عقل ابنه تيمناً به.

إلى ذلك، تطرّقت رايت إلى المطالب التي وجهها حمية خلال تنفيذه آخر عملية خطف في العام 1982، مذكرةً بأنّه دعا الحكومة اللبنانية إلى قطع العلاقات الديبلوماسية مع ليبيا، وتصنيف الأمم المتحدة اختطاف الإمام الصدر قضية طارئة، وبإرسال بعثة دولية إلى طرابلس للتحقيق، متوعداً بالبقاء في الطائرة لحين عودة الصدر بخير وسلامة. وآنذاك، وفيما كان العالم الخارجي يعمل على إقناع حمية بتحرير الركاب، حوّل شركاؤه الخاطفون مقصورة القيادة إلى صف، فحاضروا بالمسافرين الـ505 عبر مكبرات الصوت عن الصدر، وفقاً لرايت.

العام 1992 شكّل نقلة نوعية بالنسبة إلى حمية، إذ غادر صفوف “أمل”، بحسب رايت التي نقلت عن مقاتل سابق في الحركة تأكيده أنّه خاض جدالاً مع رئيسها الحالي، نبيه بري. أمّا اليوم، فيعمل حمية مستشاراً عسكرياً لعدد من العناصر المسلحة في المنطقة بما فيها “البيشمركة” التي تقاتل “داعش”.

إقرأ ايضا: حزب الله وحركة أمل: «مجموعين لأ»

حمية الذي شبّه معاناة أبناء الطائفة الشيعية بما قاساه أبناء البشرة السمراء في أفريقيا الجنوبية خلال الفصل العنصري في مقابلته الأولى مع رايت، أكّد لها أنّ لا خيار أمامه إلاّ البقاء مقاتلاً، مستطرداً بالقول إنّه يكره أن يرى ابنه يعيش كعبد، إذ يحق لأولاده عيش حياة لائقة وارتياد الجامعات والتساوي بغيرهم من اللبنانيين.

ختاماً، كان لا بد لرايت من سؤال ابن حمية الأصغر، علي، عما إذا كان والده قد تغيّر، فما كان منه إلا أن أجاب قائلاً: “أبي لم يتغيّر، ما زال ينتظر موسى الصدر”.

(ترجمة فاطمة معطي)

 

السابق
الطغاة في لبنان
التالي
كراهية «بشار الأسد» لتاريخ «حافظ الأسد»