الشيخ الحاج: من قتل ظُلماً له أجر الشهيد وإن كان في ملهى

لم يحمل هجوم إسطنبول معه الحزن والأسى على مصاب اللبنانيين الذين قضوا جراء الحادثة الدموية داخل النادي الليلي "رينا" ليلة رأس السنة فحسب، إنما حمل معه صورة مأساوية عن الواقع اللبناني.

اظهرت جريمة اسطنبول الارهابية التي كان من بين ضحاياها الأربعين، ثلاثة مواطنين لبنانيين، حجم التشرذم الحاصل بين أبناء الوطن. ففيما لم تجف بعد دماء الشهداء ودموع الأهالي إشتعل جدلا مخزيا حول إعتبار ضحايا الليلة المشؤومة شهداء أو لا.

فبدلا من التعاطف مع الفاجعة الأليمة التي تعرض لها من ذهب بحثا عن الفرح والبهجة لاستقبال العام الجديد وتفاجئ بمصير مأساوي كتبته يد الإرهاب لمن أراد الحياة، ذهب البعض للتنظير ومحاسبة الآخرين على أعمالهم وكأنهم يمتلكون سلطة الله على الارض.

إقرأ ايضًا: مجزرة اسطنبول وحّدت اللبنانيين: الإرهاب يستهدفنا جميعا

هذه المعمعة وصلت إلى حد الإساءة  وشتم ولعن الضحايا اللبنانيين، وكان من بين هؤلاء المدعو رمزي القاضي الذي غرّد عبر “تويتر” أنّ الضحايا لقوا المصير الذي يستحقّونه، لافتاً الى أنّهم “ماتوا في خمارة بعد ممارسة العربدة والسكر الشديد” داعياً الى “إنزال لعنة الله على الضحايا، قائلاً “الى جهنم وبئس المصير، الله يلعنهم ويخزيهم”. إلا أنه جرى التدخل من قبل قوى الأمن الداخلي وتمّ توقيفه. وغيره من هذه الفئة التي وظفت تطرفهم الطائفي للنيل والاساءة للضحايا بفكرٍ لا يختلف عن تفكير “داعش” الارهابي الذي سمح له تطرفه قتل أبرياء لأنهم بنظره مذنبون لشربهم الكحول وتواجدهم في مكان للرقص والاحتفال.

إلى ذلك رأى البعض بهذا الهجوم الارهابي نافذة للعودة إلى الماضي في غاية واحدة لا تفسّر في هذا الظرف بالذات إلا أنها لدس الفتن والحقد. فكل جهة وظفت الحادثة بما يناسب خطها وأفكارها السياسية، فبعض الناشطين شغل نفسه بإجراء المقارنة مع من يسقط من “حزب الله” في سوريا على خلفية عدم الإطلاق عليهم صفة “شهداء”. فكتب الصحافي حسين مرتضى الممانع منددا بمن ينعت من قضى بمجزرة اسطنبول بالشهيد ولا يطلق هذا الوصف المبارك على من يسقط من مقاتلي حزب الله في سوريا

هذا الجدال أجبرنا على الدخول في هذا السجال لإيضاح هذا اللغط الحاصل الذي يوحي وكأن الحرب الاهلية لا تزال على الأبواب ولم ينته معها التمييز والمفاضلة بين شهيد وآخر متناسين أنهم جميعا لبنانيين وينتمون للعنصر البشري وأن موتهم خسارة للوطن.

إقرأ ايضًا: لكم أديانكم واتركوا لنا انسانيتنا

وفي حديث لـ “جنوبية” مع رئيس المجمع الثقافي الجعفري الشيخ محمد حسين الحاج حول ما إذا كان من سقط في إسطنبول شهداء أو ضحايا مظلومين على المستوى الفقهي أوضح أنهم “مظلومون بإعتبار أن الشهادة من الناحية الشرعية تختلف ولها شروطها”. مشيرا إلى أن “مسمى المظلوم لا يعني تقليل من أهمية موت صاحبه بل على العكس مرتبتها عند الله قريية من الشهادة”. مستشهدا بالنص القرآني “من قتل مظلوما فأجره عند الله”.

وفي الاشارة إلى الجدل القائم عبر وسائل التواصل واعتبار هؤلاء الضحايا انهم غير شهداء وسيدخلون النار وذلك بسبب تواجدهم داخل ملهى ليلي، قال الشيخ الحاج إن “الموت وكيفيته شيئ والمعصية شيئ أخر، كما أن حساب الانسان شيئ مختلف”. وأضاف “ليست الجنّة للشهداء فقط، فقد لا يكون من قتل شهيدا، ويكون من أصحاب الجنة”.
ولفت إلى أن “هناك جماعة حزبية لا تقبل حتّى الاطلاق على هؤلاء صفة المظلومين لأنهم كانوا في الملهى، لكن المعصية لا تمحي الحسنات عند الشخص”. وأضاف “لا يجب قتل من يرتكب معصية”.

وعن الفرق بين الشهداء والضحايا المظلومين قال إن “الشهيد هو من يقتل في ساحة الحرب أو دفاعا عن عرضه أو ماله أو دمه بأمر من الامام أو المرجعية العليا”. وأضاف “أما غير ذلك، فكل من مات في انفجار وأينما كان فهو مظلوم”. لافتا إلى أن “الإمام الحسين هو الشهيد المظلوم”.
وخلص الشيخ الحاج على التأكيد أن “الذين قتلوا في الملهى قتلوا ظلما وعدوانا، والمعصية ليست لها علاقة بنوع الموت”.

السابق
وزير الخارجية التركي يؤكد تحديد هوية منفذ هجوم اسطنبول
التالي
كيف ترد إيران على روسيا وتركيا…