لا نريد زعيماً بل رئيس دولة

يبدو أنّ المؤشرات الإقتصادية والمالية في لبنان لا تدفع نحو توقع أوضاع افضل مما نحن فيه، الارجح ان الأزمات التي تحيط بنا وفي دول الخليج، تشير الى ان لبنان الى مزيد من خسارة موارد اقتصادية ومالية كان يوفرها نشاط اقتصادي مع المحيط العربي في عقود سابقة لم يعد على حاله اليوم.

ونحن ندخل عتبة العام الجديد، يحسن ان نصنع الأمل ليس بالامنيات فحسب، بل بمحاولة وعي امكانياتنا كلبنانيين عموما، ورصد مكامن القوة والضعف في بنية الدولة، والسعي نحو تحسين احوالنا الوطنية. ولأن العهد الجديد يحتاج الى فرصة ليثبت انه قادر على فعل شيىء ايجابي، فلا بد ان نؤكد في سياق دعم خيار بناء الدولة، وتعزيز دولة القانون، على ترسيخ مفهوم الثواب والعقاب، عبر تفعيل دورالسلطة القضائية. وهذا على اهميته الذي لا تقوم الدول القوية من دونه، فثمة ما يوازيه في الاهمية ونحن نغرق في وحول الأزمات التي تراكمت علينا من كل الاتجاهات، هي رسالة الثقة الى الشعب اللبناني، ثمة في لبنان لبنانيين، وليس رعايا طوائف ومذاهب فحسب، فكما نعلم ان اللبنانيين يتحولون الى طوائفهم ويحتمون بخنادقهم المذهبية، عندما تضعف الدولة، وتتراجع الوطنية اللبنانية.

مطلوب صدمة ايجابية، ترفع من منسوب الوطنية اللبنانية في تفكير كل فرد لبناني. صدمة على طريق بناء الثقة، تلك التي هي ابعد بكثير من تفاهم بين الاحزاب الكبرى في لبنان على تقاسم المغانم بالرضى فيما بينها. الثقة التي يحتاجها البلد مطلوبة من قبل السلطة الحاكمة والمواطنين بالدولة. نحن شعب لا يثق بدولته، والانكى ان المتشبثين بمواقع السلطة في هذا البلد هم الاقل ثقة بالدولة. هذا ما اكدته تجارب السنوات الماضية وثبته انزياح غير مسبوق للمواطنين اللبنانيين نحو كهوف الطوائف.

حتى اليوم ومهما قيل في خطاب القسم وفي البيان الوزاري عن نوايا ايجابية تجاه الدولة، غير ان المطلوب لكي نتأمل بمعالجة للازمات الاقتصادية والاجتماعية، رسالة ثقة، لا نقول انتقامية او استعراضية، رسالة تشعر كل لبناني مهما كان موغلا في خيار فئوي، ان لبنانيته مجال اعتزاز بل مصلحة ومنفعة وحاجة بقاء ووجود.

العهد مطالب بهذه الرسالة، ومن شروطها ان تجعل اللبنانيين منخرطين في انجازها وتحقيقها، رسالة الثقة هي نتاج معادلة بين السلطة والمواطنين. لذا ليس المطلوب ان يكون ميشال عون زعيما لبنانيا كما هو اليوم زعيم المسيحيين ما يحتاجه اللبنانيون ان يكون رئيسا لدولة ولشعب ولمواطنين وهذا واجب قبل ان يكون شرف لصاحبه.

السابق
ملاحظات أساسية حول اتفاق وقف إطلاق النار في سورية
التالي
مدارس الجنوب وكتاتيبه: مدرسة المرحوم السيد يونس حسن زلزلي في ديرقانون النّهر نموذجًا