وقف إطلاق النار.. استبدال حزب الله بشيشانيين

هل سيدفع إتفاق وقف إطلاق النار في سوريا حزب الله إلى العودة إلى لبنان؟ وما مصير المناطق التي يسيطر عليها بعد دخول الإتفاق حيز التنفيذ؟ لا موقف نهائياً أو رسمياً حيال هذه الأسئلة، ولا حتى صيغة الإتفاق واضحة بالنسبة إلى الجميع، لكن، يُرجح أن حزب الله لن ينسحب من كامل المناطق السورية، بل سيحصر وجوده في مناطق معينة على الحدود السورية اللبنانية. وفي السياق، يتوقع كثيرون أن يتيح وقف إطلاق النار الفرصة لخروج تظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام وانسحاب إيران وحلفائها.

حتى ما بعد تسوية حلب، كانت إيران وحزب الله يصران على استمرار العمليات العسكرية، فيما غلبت وجهة النظر السورية بضرورة وقف القتال وإطلاق عجلة الحلّ السياسي. لذلك، هناك من يقرأ ضرراً إيرانياً من الإتفاق، فيما هناك قراءة أخرى تقول إنه “طالما كانت إيران مشاركة في المفاوضات التي سبقت إعلان وقف إطلاق النار، فهذا يعني أنها شريكة بهذا القرار، وبالتالي ستلتزم به”.

اقرأ أيضاً : الضاحية الجنوبية «كبش محرقة» خصوم حزب الله

ثمة من يعتبر أن تركيا حليف أفضل من إيران بالنسبة إلى روسيا. ليس لتركيا طموحات توسعية، كما حال إيران التي تريد السيطرة على المنطقة، عبر الهلال الشيعي أو توزع أذرعها في المنطقة ككل. بينما دور تركيا وطموحها محدودان، لا يتعارضان مع الأهداف الروسية، والهم الرئيس لأنقرة هو حلب وحماية حدودها ومواجهة أي احتمال لقيام دولة كردية. وفيما يتوقع البعض اتساع الخلاف بين إيران وروسيا، تنفي مصادر أخرى ذلك.

وبعد الإلتزام بهذا الإتفاق، ستسمر المفاوضات السياسية بين المعارضة والفصائل، برعاية روسيا وتركيا. وهذا كان قد حصل في إتفاق حلب، من خلال توجه جزء من الفصائل إلى إدلب، والجزء الآخر إلى غرب حلب. والأمر نفسه سيحصل في إدلب، مع محاولات لمأسسة المعارضة المسلحة ضمن قوات جيش سوري حر مجدداً. وسيتم العمل على سحب العناصر السورية من جبهة فتح الشام وضمها إلى هذا الجيش الجديد وذلك بهدف عزل القاعدة.

في الاجتماع الذي عقد بين وزراء خارجية الدول الثلاث، أصر وزير الخارجية التركي على استثناء المليشيات التابعة لإيران من الحماية ووقف إطلاق النار. وتقول مصادر إن الإتفاق ثنائي روسي تركي بشكل خاص، وإيران غير شريكة فيه، ومن يريد خرق الإتفاق فعلى هاتين الدولتين أن تحجّمه وترد عليه: تركيا تتكفل بالمعارضة، وروسيا تتكفل بحلفاء إيران والنظام. وهذا ما حصل سابقاً حين تعرضت قوة عسكرية تركية في مناطق درع الفرات للقصف بطائرة بدون طيار، فقصف الطيران الروسي مناطق في نبل والزهراء، مستهدفاً قوى عسكرية تابعة لإيران في تلك المنطقتين، كانت قد استهدفت الأتراك.

لن يكون الإتفاق في مصلحة حزب الله وإيران، وفق المصادر، إذ سقطت الذرائع الأمنية بمنع إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وسقطت قاعدة “الأرض مقابل الغذاء والطعام”. بالتالي، سقوط إتفاق مضايا الزبداني مقابل كفريا والفوعة. كما أن قوة شيشانية سنية هي التي ستنتشر في مناطق حلب الشرقية. وقد يتعمم هذا النموذج في أكثر من منطقة سورية، باعتبار أن هؤلاء الأشخاص سيكونون مقبولين من الناس، ويطمئنهم بعدم حصول مجازر طائفية ومذهبية من قبل القوى العسكرية الموالية لإيران. كذلك، تعمل روسيا على تشكيل قوة عسكرية يطلق عليها إسم الفيلق الخامس. وقد طلبت نحو 150 ألف عنصر، عوضاً عن الميليشيات الشيعية وقوات الدفاع الوطني. وينص الإتفاق على وجوب انسحاب 42 مجموعة شيعية، منها حزب الله، تقاتل إلى جانب النظام، من سوريا.

اقرأ أيضاً : شارة «حزب الله» على ساعد جندي روسي في حلب (فيديو)

لن ينسحب حزب الله من سوريا حالياً، لكن في حال بدأ الإتفاق بالتنفيذ فقد يصدر بيان رسمي سوري برعاية إقليمية ودولية يطالب بخروج كل المقاتلين الأجانب من سوريا، بما فيهم حزب الله. ولعل ذلك يكون مادة خلاف بين إيران وروسيا، خصوصاً إذا أصر الحزب على البقاء في المنطقة التي يسيطر عليها بين لبنان وسوريا.

لكن حزب الله يعتبر أن الحلّ السياسي يأتي تكريساً للانتصار الذي حققه في حلب. بالتالي، هذا جزء مما دعا إليه في السابق، باعتباره من أوائل دعاة الحل السياسي في سوريا. وتلفت مصادر قريبة من الحزب لـ”المدن” إلى أن وقف إطلاق النار لن ينعكس سلباً عليه، بل سيريحه أكثر، لأن لديه 35 ألف مقاتل في سوريا، سيرتاحون قليلاً، ولاسيما أن المعركة لم تنتهِ مع الإرهاب، ولحزب الله دور أساسي فيها. أما عن إمكانية إنعكاس هذا الإتفاق على الداخل اللبناني، فتشير المصادر إلى أن لا شيء سيتغير، والحزب سيبقى على تواضعه مع الجميع وسيحرص على العلاقة الجيدة بالقوى الداخلية كافة.

السابق
لكم أديانكم واتركوا لنا انسانيتنا
التالي
بلقيس الحوماني، وداعاً…