إنتخابات تساوي ألفاً من سابقاتها

يبدو أن التسليم حاصل هذه المرة بالرضى و التوفيق من دون مواجهة و لاحتى أفأفة أو تنتيع، و يبدو أيضاً أن ذلك حاصل بعكس التجربة الأيارية التي لم تفضي إلا إلى إرساء قواعد التحذير من العقاب الوخيم في حال الإعتراض على الصيروة لبلوغ الصير.

مع تقدير بالتوازي كبير للمتنوريين اللذين و منذ البداية أكدوا أن هنالك من يخلق في كل بلد من بلاد الهلال شخصية ملحمية على غرار شخصية رستم الأسطورية الذي يسمى بالفارسية (رستم بسر زال) تتسنن بأقواله و تقلد أفعال الولي الفقيه.

المسؤولية اليوم تقع على عاتق من تبقى من وطنيين أو ما تبقى منهم ، تقع على عاتق من توارى في الظل منذ ما يقارب الأربعة عقود أو يزيد ، عليهم مهمة وقف الإنقلاب الختامي الذي ستشرف عليه حكومة من أرسى قواعد الحل الأخير وفق شروطه، فالغلبة واضحة له في التمثيل، إنتخابات التتويج هذه ستشكل سقوط ما تبقى من حبل السرة المصدر الرئيسي لغذاء جمهورية 1943.

لبنان دائرة انتخابية واحدة كانت دوماً مطلب الرئيس الشهيد ، حتى أن النسبية الكاملة كانت بالنسبة له خاتمة التمثيل الصحيح، رفيق الحريري لم يكن مناوراً يقصد من طرحه كما يفعل البعض اليوم التضليل. النسبية أيضاً لأيوب الجمهورية سعد رفيق الحريري لا تشكل عقدة و هو الوارث لمشروع لبنان الكبير، لبنان أولا و فوق الجميع، لكن الجميع يدرك و يعلم علم اليقين أن نسبيتهم مبنية على أساس وطني جامع متين و هي ليست مستندة إلى نسبة وحجم الكارهين للبنان و المضحين به لأجل مشروع إقليمي مبهم لا يفقهه إلا المنخرط به و الوحيد منه مستفيد ، و لا إلى نسبية مذهبية طائفية متقوقعة في بئر الذاتية العميق، و لا هو مع نسبية الصدقة و العطية، و لا السلاح على حساب التسلح بالوطنية. فالمسألة خطيرة تستلزم الإبتعاد عن الدروشة الغيبية و الغيبوبة الدرواشية، لا بد من التدقيق في منمنمات و فسيفساء الإعتقاد الجازم للحالمين بأنهم حزب الجبار المتكبر المهيمن الواهب قدراته و بركاته لهم حصرا دون غيرهم من عباده القدريين.

إقرأ أيضاً: الانتخابات النيابية في لبنان: كل الخيارات مفتوحة

إنتخابات تساوي الف من سابقاتها، نادرة في تاريخ لبنان الكبير،خارجة على القاعدة و على المألوف، تسيطر عليها منظومة التفوق و منطق الفرض ، تعتبر الوطنية عورة يجب أن تستتر، هي للمسيطر مجرد متاع، المسألة إذاً من الأساس مسألة نهج فالعنوان يدل بوضوح على مدى الثقة بتكريس منهج التبخيس بالوطنية لصالح التبعية و الإلتحاق.

إقرأ أيضاً: قانون الانتخابات.. فشل موصوف!

إن ما اقدم عليه البعض لهو الحل الملتوي الملتف الهارب من السؤال الحقيقي حول حجم الخيانة الوطنية للتاريخ. هي من دون شك عقلية الدونية و القزمية و التكاسل التي آن لها إما ان تستعيد نشاطها أو أن تستريح، فالعظمة ليست كما يوحي البعض هي فقط للجن و العفاريت يعجز عن القيام بها إنسان مخلوق من تراب لا يعرف التوحد في وحدات سياسية كبرى تقوم بإنجازات هائلة كبيرة ضخمة.

السابق
زوجان يصوران شريط فيديو قبل لحظات من سقوطهم ضحية الإرهاب في اسطنبول
التالي
إصلاحا للخلل القانوني في المجلس الشيعي (7): تجاوزات في القضاء الشرعي