الهدنة الروسية تغضب النظام السوري وايران

الهدنة الروسية

في مفاوضات انقرة اعلنت روسيا عمليا ان صفة الارهاب اليوم ليست الا دمغة تطلقها الدول على من يعاديها. لا ينحصر هذا الامر بالروس الذين صنفوا فيلق الشام وجيش الاسلام وثوار الشام والجبهة الشامية وجيش ادلب وغيرهم ارهابيين، وقصفوهم على هذا الاساس، ثم تفاوضوا معهم بصفتهم “معارضة مسلحة” ونقلوا المؤتمر الصحفي للمتحدث باسمهم على قنواتهم الرسمية ووقعوا معهم اتفاقا، وانما يسري ايضا على اميركا ودول كثيرة اخرى (تركيا تصنف pkk منظمة ارهابية فيما تعتبرها اميركا حليفا في مواجهة الارهاب على سبيل المثال).

اقرأ أيضاً: حزب الله… إمّا الخروج من سوريا أو تصنيفه إرهابياً مثل داعش

في هدنة انقرة لم تحظ هذه الفصائل بضمان وقف اطلاق النار فحسب، وانما ايضا حماية المناطق التي يتواجدون فيها، ولو كان فيها من لم يوقع الاتفاق كأحرار الشام وجيش الفتح وغيرهما، وهي حظيت، فوق الاعتراف العلني بها، بانخراطها في مفاوضات سياسية تستند لاعلان جنيف -1- الذي يسعى بشار الاسد بما اوتي من قوة لنسفه.

حاجة “المعارضة المسلحة” لالتقاط الانفاس وترتيب الصفوف بعد سقوط حلب، ووقف اندفاعة النظام والتغييرات الدمغرافية التي يقوم بها؛ جعلت الهدنة في مصلحتها، خلافا لمصلحة ورغبة السيد خامنئي والسيد نصر الله وبشار الاسد، فما الذي جعل الروس يقبلون بهذه “التضحيات” في وقت تحقيقهم اهم الانجازات (حلب)؟!

النظام السوري

يسعى الروس لتحضير وجبة جاهزة وقابلة للهضم لتقديمها الى الرئيس الاميركي القادم باعتبارها الحل الذي يحفظ مصالح الجميع وعلى رأسهم روسيا، وهي تدرك بحكم تجاربها السابقة في افغانستان والشيشان ان الانتصارات المطلقة لاي فريق متعذرة وممنوعة، وان الحسابات الايرانية تعني حروبا بلا نهاية، وان الغرق الطويل في الوحل السوري كارثة لروسيا، وان اي حل لا بد فيه من اشراك ممثلين عن الفصائل المقاتلة الكبرى والقوى الاقليمية الداعمة لها – وهم بعشرات الالوف- وان اي حل لا يراعي المصالح التركية على وجه التحديد لن يتحقق… وفي وقت لاحق فإن ضم السعودية وقطر وايران ومصر وغيرها الى مائدة المقايضات في الاستانة سيعزز من مكانة ومكاسب روسيا.

اتفاق انقرة شكل الدليل الاول بعد المليون على ان بشار الاسد لم يعد اكثر من مجرد بيدق؛ لدرجة ان اي ممثل عنه لم يوقع الاتفاق او يشارك فيه، بل وقع عنه الروس وضمنوه، ثم اعلنوا من موسكو وقف اطلاق النار وابلغوه ضرورة الالتزام.

في اتفاق انقرة استبعدت ايران وميليشياتها تماما، بل نص الاتفاق على ضرورة انسحاب الميليشيات الاجنبية من سوريا، ما يثبت ان الحسابات الروسية مختلفة عن الحسابات الايرانية ولو تقاطعت مصلحيا في معركة حلب، وهذا يعني ان “المزعوجين” من الهدنة الروسية؛ سوف يسعون لتخريبها بما أوتوا من قوة…

ستقلل الهدنة الروسية من غزارة الدم السوري اسابيع قليلة قبل ان تتوضح وجهة المفاوضات وتوجهات ادارة ترامب، رغم الخروقات المتوقعة، ما يعني انها وما ستفضي اليه منعرج جديد في مسار القضية السورية الطويل.

السابق
الأحزاب اللبنانية وسياسة التجويع: جريمة الضاحية «نموذجاً»
التالي
«حزب الله» وصناعة الحرب من فيتنام إلى حلب