من «نقشت» إلى «بلا تشفير»: برامج تُسَوِّقْ باللحم الحي!

أثارت حلقة بلا تشفير التي بثتها قناة الجديد يوم أمس الخميس 28 كانون الأول ضجّة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك على خلفية استضافة تمام بليق لمتحول جنسي.

لنتفق أولاً أنّ المشكلة ليست في حلقة اليوم من “بلا تشفير” ولا في استقبال “متحول جنسي”، ولنبدأ من النقطة الثانية فإنّ استضافة متحول جنسي كان يمكن لها أن تقدم للمشاهد فقرات ذات قيمة لو أعدّ للحلقة علمياً واجتماعياً ونفسياً لا جنسياً من باب الدعارة والجنس وخطف الرجال.

أما بالعودة لإعلامنا المرئي والمسموع وحتى المكتوب، فإنّ المشكلة الحقيقية هي في “هوس الأرقام” لدى المؤسسات أو ما يسمى بالرايتينغ، وفي مقابلها تماماً تنعكس مشكلة أخرى وهي، ثقافة شعب لا يمنح من وقته للتوقف عند معلومة ثقافية فيما يسخر كلّ حواسه لمعلومة جنسية.

الضجّة التي رافقت حلقة “بلا تشفير” اليوم، محقة، وإن كان ما عرضته الجديد ليس بصدمة، ولا البرنامج الأوّل الذي يدخل بيوتنا ضارباً عرض الحائط كلّ مقومات المهنة وكل القيم الأخلاقية.

استضافة تمام بليق لـ”هيفاء مجك”، هو نموذج من تسليع الجسد، وقد شهدنا قبله في برنامج نقشت الذي يعرض على المؤسسة اللبنانية للإرسال تسليعاً للأنثى وتحويلها لمنصة العرض والطلب.

 

الاعلام

 

هذا الابتذال موجود أيضاً في المساحات الإعلامية الكوميدية من شخصية ماريوكا التي يؤدي الكوميديان “ماريو باسيل” في سهرات كوميدي نايت، والتي تعكس كل ما هو مادي وجنسي بشكل فاضح، وصولاً إلى شخصيتي مجدي و وجدي من برنامج “ما في متلو” وتحويل اللواط إلى سكيتش ضاحك يمتلئ بالتلميحات الحسية و التي أكثر ما يتابعها الأطفال والمراهقين.

وفي السياق نفسه والأكثر تفوقاً في الإباحية الكوميدية “كتير سلبي شو”.

جميعها برامج تدخل البيوت عبر مؤسسات إعلامية لها تاريخها وثقلها اللبناني، إلا انّ الرقابة لا تتوقف عند الإعلام المرئي الذي أصبح يتكئ ليستمر على عنصرين، أولهما التسليع وتعرية المرأة من عقلها والإكتفاء بـ”لحمها”، والثاني الكلمة الجنسية الخادشة للحياء والأخلاق، لتتحوّل هذه الظاهرة الشاذة إلى قانون إعلامي “رقمي” يملك مفتاح الإستمرارية في وجه ما يعانيه هذا المجال من نقص في التمويل ومن قلّة المعلنين.

إقرأ أيضاً: «بلا تشفير» برنامج الإهانات المدفوعة سلفا!

والرقابة نفسها لا تمارس دورها فيما يتعلق بالإعلام الالكتروني والصور الجنسية والقصص الإباحية، فالديار تحوّلت لما يشبه مواقع البورنو، والكثير من الصحف العريقة اتخذت ذات الخط بحثاً عن الثبات في وجه أزمة مالية ألمت بها.

إذاً، الرقابة ضرورية، لا لفرض قيود على الإعلام وإنّما لتثقيفه أولاً ولتحريره ثانياً من قيود التبعية، فالشاشة المرتهنة لمصادر التمويل أصبحت على وشك فتح الهواء للعراة علّهم يجلبون ارقاماً تحافظ على دفتر شيكات الممول، والصحيفة التي باتت لا تبيع أعداداً، شرعت موقعها الالكتروني لكل ما هو حسّي طمعاً بالكليكات.

إقرأ ايضاً: سوق النخاسة التلفزيونية: بنات للبيع والايجار!

باختصار، مشكلتنا ليست “بلا تشفير” ولا حتى “نقشت” ولا فيما تتضمنه صحيفة الديار، مشكلتنا في سلطة رابعة باتت تشبه كل شيء إلا “السلطة الرابعة”.

السابق
صورٌ لعدد من الإيرانيين دفعهم الفقر والتشرد للعيش في المقابر
التالي
اسرار الصحف المحلية الصادرة ليوم الخميس الواقع في 29 كانون الاول 2016