الثقة النيابية نالتها لحكومة…وثقة الشعب مؤجلة حتى حلّ الأزمات الحياتية!

اكتملت دورة الاستحقاق الحكومي بسرعة البرق الذي لاح.. وبأكثرية وازنة بلغت 87 صوتاً من أصل 92 نائباً شاركوا في جلسة التصويت، منح مجلس النواب أمس ثقته لحكومة "استعادة الثقة".

نالت حكومة الرئيس سعد الحريري من مجلس النواب ثقة مريحة، خرجت بها مذخّرة بقوة دفع نيابية في اتجاه التصدي لرزمة الملفات المتراكمة والصعبة، ويأتي في مقدمتها الملف الأكثر صعوبة المتعلق بالقانون الجديد للانتخابات، والذي أعطى الحريري تعهداً جديداً بالأمس، بحتمية الوصول اليه في الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، ولكن من دون ان يحدد ماهيّة الصيغة الاكثرية او النسبية او التقسيمات التي سيرتكز عليها هذا القانون.
وقال مصدر وزاري بارز لـ “النهار” ان القول بإن أكثرية الاصوات التي نالتها الحكومة جاءت دون المتوقع لا ينفي في الواقع أن الحكومة نالت أكثر من ثلثي الاصوات. كما أنه غير صحيح القول أن الرئيس الحريري قد تخلّى عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بل أن النص الذي جرى إعتماده في البيان الوزاري هو النص ذاته الذي ورد أيام حكومة الرئيس تمام سلام، في حين اعتبرت “الأخبار” “دفاع” الحريري عن بند المحكمة الدولية جاء ضعيفاً، خاصة لدى توضيحه لسبب ورود كلمة “مبدئياً” عند الحديث عن المحكمة. وأوضح المصدر لـ”النهار” ان من المؤشرات المهمة في مداخلة الرئيس الحريري الختامية امس كان حديثه عن “وثائق الاتصال” التي لا يزال العمل بها قائما وهي في واقع الحال “وثائق إعتقال”. ولفت الى ان الرئيس الحريري أبقى النقاش ضمن التوافق القائم من باب الحرص على عدم هزّ هذا التوافق.

إقرأ ايضًا: حكومة الحريري نالت الثقة المريحة استعدادا لبحث قانون الانتخاب
إلى ذلك، اعتبرت “السفير” ان ما ورد في البيان الوزاري وكلمة الحريري يحتاج لتسييله الى حكومة منسجمة غير هذه الحكومة المزدحمة بالتناقضات الصارخة، والى مجلس نيابي غير هذا المجلس الذي عطلته الصراعات السياسية، والى رأي عام غير الرأي العام الحالي (..).
اعتبرت “الجمهورية” أن العلامة الفارقة تَبدّت في غياب 34 نائباً عن جلسة الثقة. والأكيد انّ هذا الغياب، وتحديداً غياب نواب الكتل المنضوية في الحكومة، ليس ذا قيمة سياسية كما ليست له أبعاد إعتراضية او مطلبية، بل هو يطرح علامات استفهام حول سرّ هذا الغياب الذي لا يبدو مبرّراً، والذي رأت “السفير” أنه إما من باب الاطمئنان الى النتيجة وإما من باب الاعتراض المموه!.
وبرز غياب: فؤاد السنيورة وبهية الحريري وبدر ونوس وسيبوه كالباكيان من كتلة “المستقبل”، ووليد جنبلاط وغازي العريضي وفؤاد السعد ونعمة طعمة من كتلة “اللقاء الديموقراطي”، وسليمان فرنجية وسليم كرم من كتلة “المردة”، وطوني ابو خاطر وستريدا جعجع من كتلة “القوات اللبنانية”، وأسعد حردان من كتلة الحزب “السوري القومي”، وقاسم هاشم وانور الخليل من كتلة “التنمية والتحرير”، وزياد اسود ويوسف خليل وادغار معلوف من تكتل “الاصلاح والتغيير”، وحسين الموسوي والوليد سكرية من كتلة “الوفاء للمقاومة”.
خلصت “النهار” إلى أن ملائكة قرار سياسي داخلي – خارجي كبير هبطت على الواقع اللبناني وتدفع تباعا نحو ترسيخ معالم التسوية. ومع ذلك فان ما بعد الموجة الاولى بفصولها المنجزة الناجزة لن يكون كما قبلها، أقله بالاستناد الى معالم تعقيدات كبيرة ومتراكمة في واقع موروث من حقبة الفراغ الرئاسي تحديدا ترك وراءه مجموعات من الازمات المنتشرة على رقعة مترامية من القطاعات المنهكة في كل المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والحياتية والخدماتية بلوغا الى أم الاستحقاقات الداهمة أي العد العكسي للانتخابات النيابية وانطلاق “الجهاد الأكبر ” في البحث في قانون الانتخاب الجديد.

إقرا ايضًا: المقاومة والإرهاب والصراعات الخارجية..إشكالات البيان الوزاري

قال مرجع سياسي لـ”الجمهورية”: “تجاوزت الحكومة امتحان الثقة وحازت عليها من النواب الذين منحوها “الفيزا” للدخول الى حقل العمل والانتاج، إلّا انّ الامتحان الاكبر لها يكمن في نيلها ثقة الناس التي تنتظر منها الكثير”.

في المقابل، ترى مصادر وزارية لـ”الجمهورية” ضرورة اعتماد الموضوعية والواقعية اذ انّ مهمة الحكومة الاساسية هي الشروع أولاً في مَنهَجة ملفاتها وترتيب أولوياتها، بحيث يفترض ان تتوزّع على شقين متزامنين: الاول يتعلق بالقانون الانتخابي وتحديد آلية مقاربته والمدى الزمني الذي يفترض أن تستغرقه في توليده الذي قد لا يكون مُستعصياً في ظل النقاش الجدي الذي يدور حوله بين القوى السياسية، وفي ظل روحية المهادنة السائدة والارادة الملحوظة بالابتعاد عن حلبات المواجهة والاشتباك. والشق الثاني يتعلق بسائر الملفات ومحاولة تحقيق إنجاز سريع فيها خصوصاً تلك المُلحّة ويتصدّرها وضع الادارة والتعيينات والنفايات والكهرباء.

وكشف مصدر وزاري لـ”اللواء” أن التركيز ينصب على تحضير جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المفترض أن تعقد بدءاً من الاربعاء المقبل، نافياً أن تتمكن الحكومة من عقد جلسة قبل رأس السنة، مع الإشارة إلى أن الدستور ينص على توزيع جدول الأعمال على الوزراء قبل 48 ساعة من انعقاد المجلس، وأن التحضير لجدول الاعمال يتم بالتنسيق بين رئيسي الجمهورية والحكومة.

السابق
«لم يحدث انفجار» على متن الطائرة الروسية التي تحطمت في البحر الأسود
التالي
الحزب الشيوعي يشيّع شهيده الحوري في «العين»