عين لبنان ومخرز نصرالله

هل كانت إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عشية إعداد البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري مصادفة؟ ربما يكون الجواب بأن هناك رابطا أكثر رجحانا، ولا سيما أن نصرالله أطل قبل أسبوع ليتحدث عن تأليف الحكومة التي أبصرت النور بعد يومين من إطلالته الاحد الماضي.
ليس خافيا على أحد أن الملف الداخلي اللبناني بكل أبعاده الرئيسية يندرج في إطار الرعاية المباشرة لنصرالله، الذي يجد من يعاونه في تفاصيله سواء داخل الحزب أو خارجه، تاركا ما هو غير أساسي لمن يعنيه الأمر على كل المستويات السياسية في لبنان. لذا لم يترك نصرالله الكرة التي سددها الرئيس الحريري قبل أسابيع في مرمى الاستحقاق الرئاسي في مسارها العادي، فخرج ليتلقفها بيديه ويضعها في مسار محدد، جاعلا من انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية خطوة على طريق لبنان الذي يريده الحزب ومَن وراءه.

اقرأ أيضاً  : تحقيقات أميركية: هذه شبكة حزب الله لتجارة السيارات
في قراءة لما قاله نصرالله أمس، يمكن تلمس ما يريده من الحكومة التي تستعد لنيل ثقة مجلس النواب. فقد شدد على ضرورة التوافق على البيان الوزاري وأن “لا يكون هناك أي مشاكل”. ومن المؤكد أن كلمة “مشاكل” تعني عند الاخير أي خوض في موضوع يشير من قريب أو بعيد الى الحرب في سوريا، لا سيما بالإشارة الى أن لبنان يعتمد سياسة “النأي بالنفس” وبالتالي فهو بريء من تورط أي طرف داخلي في هذه الحرب. كيف ولا يعتبر نصرالله مثل هذا التبرؤ بمثابة “مشاكل” وهو الذي خرج بالامس ليحتفل بـ”معركة حلب” التي وصفها بأنها “إحدى الهزائم الكبرى للمشروع الآخر؟”

اقرأ أيضاً : حزب الله يعايد المسيحيين بصورة لـ«شهيد»
كثيرون هم الذين رافقوا تجربة الرئيس رفيق الحريري منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي الى استشهاده عام 2005. في تلك التجربة الحافلة كانت المعادلة الرئيسية التي أدارها نظام الوصاية السورية تقوم على حصر اهتمام الحريري بالاقتصاد ووضع ملف ربط لبنان بالنزاع مع إسرائيل بيد دمشق التي أدارت “حزب الله” على إيقاع حساباتها. أما بعد الانسحاب السوري من لبنان عام 2005 وغرق النظام في بحر الدماء السورية التي سفكها ولا يزال مع أعوانه منذ عام 2011، فقد أصبحت الوصاية على لبنان بيد “حزب الله” الوكيل الحصري للمشروع الايراني في المنطقة. وبموجب الوصاية الجديدة، ما هو مسموح فقط للسلطتين التنفيذية والتشريعية هو الاهتمام بشؤون لبنان الحياتية، على أن يبقى تورط “حزب الله” في الدماء السورية بعيدا عن أي مساءلة.
لبنان اليوم فعليا هو متراس بسبب سياسة “الحفاظ على انتصار حلب” وفق تعبير نصرالله. وهذا ما يفسّر قول نصرالله انه “يحب أن نكون على حذر مما قد تقوم به الجماعات الارهابية نتيجة الخسائر التي تلحق بها”. كم تستطيع عين لبنان أن تقاوم مخرز نصرالله؟ كان الله بعون لبنان.

السابق
جورج مايكل «ساحر البوب» توفي فجأة…والأسباب غامضة
التالي
فيديو لإحتراق الشجرة الميلادية في جبيل