المعارضة السورية ترسم معالم «ما بعد حلب» عسكرياً وسياسياً

تستعد المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري لمواجهة المرحلة الأصعب التي صار يرمز إليها بمرحلة “ما بعد حلب”، بعد خروجها من ثاني أكبر المدن السورية، في ظل مؤشرات على نية النظام وحلفائه الانقضاض على محافظة إدلب، أهم معاقل المعارضة لإخضاعها، وفرض تسوية تُبقي النظام وتنهي مفاعيل الثورة بوصفة جديدة باتت تسمى “مسار موسكو”. أما عناوينها فتتجلى في تهميش المعارضة السورية ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات عن أي جلسات مفاوضات سياسية، وإنهاء دور الأمم المتحدة والدول العربية الصديقة للمعارضة، وكذلك الدول الغربية التي تسمي نفسها “أصدقاء الشعب السوري” عن هذا المسار. والنتيجة المرجوة تتمثل في استفراد موسكو برسم هوية من هو المعارض ومن هو “الإرهابي”، في جلسات ينتظر أن تكون العاصمة الكازاخستانية، أستانة، مقراً لها بدءاً من منتصف الشهر المقبل.

اقرأ أيضاً : المعارضة السورية: روسيا تستغل حلب ومعاناتها

وضعٌ صعبٌ فَرَضَ على المعارضة مباشرة القيام بـ”مراجعات” سياسية وعسكرية لمواجهة التحديات الكبرى التي تنتظرها في العام المقبل. وتجهد المعارضة لإفشال العديد من السيناريوهات التي يحاول الروس والإيرانيون فرضها على السوريين، في مسعى لتعزيز وتثبيت مكاسب استراتيجية حققوها من وراء دعم لا محدود لنظام بشار الأسد.

وتحاول موسكو قطع الطريق أمام الهيئة العليا للمفاوضات التي باتت العنوان الأهم للمعارضة. وهذه “الهيئة” ترفض بالمطلق المشروع الروسي القائم على بقاء الأسد، من خلال المضي في خطوات عقد مباحثات بين النظام و”معارضات” صُنعت في موسكو، أو طهران، ولدى الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، في أستانة. والهدف الروسي يتمثل في بلورة حل يُبقي الأسد في السلطة، في تحايل مكشوف على إرادة المجتمع الدولي التي تجلت في قرارات صدرت عن مجلس الأمن الدولي، آخرها القرار 2254، ومحاولة لفرض “إرادة محتل” على السوريين.

اقرأ أيضاً : هزيمة حلب.. هل إنتهت المعارضة السورية؟

وتعمل الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، أحد العناوين السياسية للثورة السورية، على إعداد تصور لخطة استراتيجية لعام 2017، ستُعرض على الهيئة العامة للائتلاف للحصول على موافقتها عليها. وأشار رئيس الدائرة الإعلامية في “الائتلاف”، أحمد رمضان، إلى أن التطورات الراهنة في سورية، والتي تلت ما سماه بـ”غزو روسيا” لسورية في سبتمبر/أيلول 2015، إضافة إلى “تزايد التدخل الإيراني المباشر عبر مليشيات طائفية، وما فرضه ذلك من تغيرات في الواقعين السياسي والعسكري”، أوجب على الائتلاف، كـ”مظلة شرعية سياسية”، التحرك بالتعاون مع مختلف المكونات والفصائل للعمل “على وضع استراتيجية عمل جديدة للثورة السورية، تعمل على تقوية البنيان السياسي وتنسيق الخطاب الإعلامي وتوحيد الجسم العسكري ضمن جيش وطني واحد”، وفق رمضان.

وأوضح في حديث مع “العربي الجديد” أن الاستراتيجية الجديدة “تركز على إعادة النظر في الأهداف العامة بما يساعد على تعميق البعد الوطني، والعمل على إعادة بناء الهوية الوطنية الجامعة للسوريين من خلال عقد وطني”.

السابق
فيديو لطفلة سورية من إدلب واجهت حروقها وتحت إبرة الموت
التالي
مقتل 30 مدنياً في مدينة الباب السورية