فلتان إعلامي يتسبب بفتن طائفية… ولا قوانين تلجمه!

يواكب لبنان ثورة الاتصالات في العالم بقوة وها هو انتقل من الاعلام التقليدي إلى الإعلام الإلكتروني، وفي بلد لا تتجاوز مساحته الـ10452 كيلومتراً مربعاً بلغ عدد المواقع الإلكترونية الـ300 موقع بين وطني ومحلي ومناطقي.

إلا أن العالم الإفتراضي ايضًا له مشاكله، ففي ظل العشوائية حيث تنبت مواقع مثل حبات الفطر، كل منها يغني على ليلاها، باستثناء قلة قليلة منها ملتزمة بالمعايير الصحافية، والأخلاقية. هذا الفلتان في العنكبوتية فرض على الاعلام واقع جديد يتسم بفوضى التعاطي مع الاخبار ونشرها بإنتظار قانون إعلامي جديد ينظم عملها ضمن مجموعة من التشريعات الاعلامية تحاكي الواقع الجديد للعالم الافتراضي.

اقرأ أيضاً: #الجبهة_المجازية.. سلاح حزب الله في العالم الافتراضي

هذه الحريّة المطلقة جعله من إعلاماً إستهلاكيّاً واسع الإنتشار والمقبوليّة. وهذه الصفة، أي سرعة قبوله وتصديقه، ضاعفت من الاخطار المهنية لجهة التسرّع الذي يطغى على مفهوم (السَبْق الإعلامي) خلال تصنيع المواد الإخباريّة والرغبة بتحقيقِ (نصرٍ) مهنيّ، على حساب الإحترافية المطلقة.
هذا الواقع لم ينعكس فقط على الاعلام من الناحية المهنية بل ايضًا على المجتمع ككل، فهذه السرعة بالانتشار والضجة الناجمة عنه تجعل من المواضيع المطروحة والقضايا الخلافية قابلة لاشعال جبهات قتالية على مواقع التواصل تؤدي بالأغلب إلى خلق بلبلة وتوتر كبير بين ابناء المجتمع الواحد.

وهناك العديد من الأمثال تطرح في هذا الشأن وكان آخرها قضية قناة الجديد وطرحها لموضوع الترض للاسلام والنبي محمد على قناة الحياة المصرية وهو ما تسبب ببلبلة كبيرة كانت شرارة انطلاقتها على وسائل التواصل حتى اتهمت القناة بأنها أساءة هي للنبي بدلا من معالجة القضية. وغيرها من المسائل التي تسببت بتوتر كبير وضجة أكبر من حجمها، بسبب هذا الانتشار الواسع والعشوائية في الطرح. وهو ما يطرح تساؤل محق لو كانت هذه القضايا والمسائل طرحت قبل الثورة العنكبوتية هل كانت ستسفر عن نفس النتائج وهل كانت ستحقق كل هذا الرواج والاهتمام؟

وفي حديث مع رئيس المجلس الوطني للاعلام عبدالهادي محفوظ لموقع “جنوبية” إستبشر أنه “الأن هناك إمكانية مع العهد الجديد إقرار قانون لتنظيم الاعلام الإلكتروني الذي يعطي للمجلس الوطني للإعلام صلاحية بإصدار القرارات المصيرية، إذ يقتصر دوره الآن على اعطاء القرارات الاستشارية وبالتالي لا يستطيع حسم المشاكل”.

عبد الهادي محفوظ

ورأى أن هذه الفوضى القائمة “يعود إلى أن هذه القنوات لا تخضع لقانون وسائل المرئي والمسموع، والقانون الجديد يمكن إلى وضع يده على هذه الوسائل من خلال إعطاء التراخيص ويطبق عليها القوانين مثل المرئي والمسموع”. مشيرا إلى أن “حتى وضع الكابلات غير قانوني وهو الذي يسمح لها من الانتشار والبث على كافة الاراضي اللبنانية”.

ولفت محفوظ إلى أن الوضع السائد “بسبب الافتقار إلى وحدة القرار والإراداة”. متأملا “أن يكون العهد الجديد مع الرئيس عون الذي يطمح لإعادة لبنان بلد قوي ارتكازا من فكرة الرئيس القوي”.

إلا أن محفوظ شدّد أن “إخضاع الإعلام الإلكتوروني إلى القانون لا يعني التعرض للحريات، بل على العكس حمايتها وأن تسير على قواعد إحترام القوانين النافذة وعدم التعرض للشعائر الدينية والإساءة للمفاهيم الوطنية وبث النعرات السياسية”.

كذلك لفت “أعتقد أن الأمر يحتاج إلى لضبط هذا الفلتان الحاصل”. مشيرا إلى أنه “التوتر الحاصل في المنطقة يشكل ثغرة يستغله البعض كفرصة لتهديد بنيان العالم العربي والإسلامي “.

اقرأ أيضاً: الجديد تعتذر من دار الفتوى أما المجلس الشيعي فلا اعتذار

وخلص محفوظ إلى أن “الاعلام اللبناني لا ينبغي أن ينجر إلى هذا المستوى”. لافتا إلى أن “يجدر الانتباه واعتماد الحكمة في العمل الاعلامي عند طرح موضوع يتعلق بالاديان كما يجب أن يكون هذا الطرح مقنعا لتجنب الوقوع في متاهات”.

السابق
الحكومة «تسوية مؤقتة» بانتظار التسويات الكبرى بعد تسلّم ترامب
التالي
عقصة لـ«نصرالله»: وين هيلاقي مشكلة أنه يوقّع هو على كتاب الإله؟