بوتين ونظام الأسد.. إلى إدلب دُر

إدلب ومصيرها الشبيه بحلب.

تقف مدينة إدلب في قلب دوامة التهديدات المتصاعدة من بشار الأسد وحلفاءه بتوجيه ضربة عسكرية للمدينة على غرار ما جرى في حلب. عملية القضاء على اخر معارض للأسد تسير على أكمل وجه، يضاف إليها مسيرة ترحيل المقاتلين من مدنهم الأصلية وإرسالهم إلى إدلب، وهو ما يضع الفصائل المعارضة بمواجهة خيار الإستسلام قبل فوات الآوان أو القتال إلى النفس الاخير.

لقد بدأ بوتين قطف ثمار تدخله العسكري في سوريا. فبعد توقيع وزير خارجيته إتفاق الغاز مع تركيا كواحد من أهم مشاريع الغاز بين آسيا وأوروبا، يعلن بوتين اليوم عن توقيع إتفاقية “روسية – سورية” تهدف إلى توسيع قاعدة جيشه في مدينة طرطوس السورية. بوتين رسم الخطوط العريضة لمسار الحل الشامل لسوريا وبقي على الاطراف الدولية القبول بـ”بيان موسكو” والتأسيس عليه أو مراقبة الحل العسكري الدموي في حقبة تتصف بضعف الإرادة الدولية عن مواجهة بوتين المتصاعد نجمه العسكري في المنطقة.

إن الحديث عن معركة أدلب في الإعلام الروسي والمقربين من الكرملين أقل وهجاً إذا ما تمت مقارنته بطبول الحرب التي يقرعها إعلام النظام ومعه إيران المؤيدتان لقرار الحسم العسكري لمدينة إدلب. بحيث يبدو أن معركة إدلب ورقة ستلوح بها روسيا في الأسابيع المقبلة رغم أصرارها على حل النزاع من خلال التسوية الشامل “السياسية”، إلا ان موسكو لن ترفض أي فرصة لركوب موجة إدلب في حال بقيت المعارضة السورية على قرارها الرافضة كلياً المشاركة في المبادرة “الروسية – التركية – الإيرانية” للقاء النظام السوري في مؤتمر أستانة في كازخستان.

إلى إدلب

يدور الحديث في الصحف الإيرانية عن جهوزية قوات الحرس الثوري الإيراني للمشاركة في معركة إدلب المرتقبة. وفي مقالٍ للباحث فرزين نديمي في معهد واشنطن عنوانه “قوات “الباسيج” الإيرانية تدرس احتمال اضطلاعها بدور أكبر محلياً وإقليمياً” يشير الباحث إلى اكتمال مرحلة نسخ نموذج الباسيج الإيراني في سوريا ودفع الحرس الثوري الإيراني بمزيد من الشبان الإيرانيين للمشاركة في معارك سوريا المرتقبة، بحيث أن اغلب الترجيحات العسكرية تتحدث عن أن إدلب هي وجهة الأسد وحلفائه. ومن المرجح أن عملية إجلاء المدنيين من بلدتي كفريا والفوعا في إدلب يصب في صالح الحملة العسكرية التي يشنها الجبش السوري وحلفاءه على ما تبقى من أراضٍ سورية خاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة. وبحسب المرصد السوري باتت عملية إجلاء المدنيين في “كفريا والفوعا” البلدتين الشيعيتين شبه مكتملة.

إقرأ ايضاً: معركة حلب قلبت الموازين: صفعة لروسيا وتحرير مؤتمر جنيف

وبالتالي فإن الوضع الراهن يمنح الأسد ضوء أخضر للإقدام بأي خطوة عسكرية ضد ادلب بعد أن أرجئت المعركة لأكثر من مرة بسبب تخوف إيران وحزب الله من إنتقام الفصائل المسلحة عبر إستهداف التجمعات الشيعية السورية في المدينة.

ويعول النظام السوري على إمكانية إستغناء الاطراف الدولية والاقليمية عن ما تبقى من المعارضة المسلحة في ادلب تماماً كما حصل مع فصائل حلب، ويستبعد النظام السوري حصول المعارضة على الدعم العسكري اللازم للدفاع عن معاقلهم في إدلب خصوصاً وأن تلك الفصائل وقعت في فخ التعاون مع منظمات ارهابية كجبهة النصرة بالإضافة إلى انه قبل أيام قليلة أعلنت فصائل إدلب حل كياناتها العسكرية وتشكيل كيان عسكري واحد يُرجح ان يكون قائده العسكري أبو محمد الجولاني قائد “فتح الشام” الإرهابية. وفي السياق نفسه أشار الخبير الإستراتيجي السوري اللواء محمد عباس في حديث له مع “سبونتيك” الروسية إلى قدرة روسية على حسم معركة إدلب.

الجيش السوري يهدد

وفي بيان له، هدد الجيش السوري من أسماهم بـ”الإرهابيين” بأنهم سيلقون المصير نفسه الذي لقاه سكان مدينة حلب ومسلحيها، ودعا كل من يحمل السلاح بوجه “الجيش السوري والقوات الرديفة” إلى إلقاءه لأن “الإنجاز الكبير” في حلب يأخذ صداه داخل عزيمة الجنود السوريين المندفعين للإنتقام من الإرهاب على كافة مساحة سوريا.

إقرأ أيضاً: حزب الله والنظام يتبادلان الاتهامات.. من بطل هزيمة حلب؟

أما عن تأييد الحل العسكري، وصف امام مسجد طهران كاظم صديقي انتصار حلب بـ”مذلة” أزهقها الله بالتكفيريين والاميركيين والصهيونية” وأضاف صديقي أن النصر كتب على يد رجال اندفعوا لإنقاذ مراقد الشيعة. من جهته حذر المبعوث الدولي إلى سوريا استيفان دي مستورا من “تحويل مدينة إدلب إلى حلب ثانية”، ودعا إلى العودة إلى التسوية السياسية بمسارها الدولي المعتاد في رسالة واضحة لبيان موسكو الهادف لإيجاد تسوية شامل خارج إتفاقيات جنيف. وقال ديمستورا أن اليوم اكثر من اي وقت مضى تحتاج سوريا إلى تسوية. أما بوتين فوصف مشهد إخلاء المدنيين في حلب بأنه أهم إنجاز إنساني في الوقت الحالي.

مفاضلة في جرائم الحرب

العملية العنيفة التي شهدتها مدينة حلب القديمة واحياء حلب الشرقية دفعت عشرات الآلاف من الأهالي إلى إخلاء بيوتهم المدمرة نتيجة الضربات الجوية الكثيفة التي نفذت على يد التحالف الجوي الروسي – السوري. وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان ومراصد دولية اخرى مقتل المئات من المدنيين في الفترة الاخيرة من المعركة. وكانت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس وتش قد حذرتا من تداعيات التهجير القسري في حلب، ورغم الإنذارات الدولية من السلبيات المترتبة عن حملة التطهير العرقي على مستقبل سوريا ودول الجوار وأوروبا، إلا ان العملية لم تتوقف حتى أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغي إنتهاء حملة إجلاء ابناء حلب الشرقية بالكامل. ودعا شويغي إلى الإستفادة من إنجاز حلب والسعي إلى تحقيق إتفاق وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية. من جهتها ندبت وكالة فارس الإيرانية ووكالة سانا السورية الضحايا المدنيين الذين قتلوا خلال الغارات الجوية للطائرات التركية على مدينة الباب شمال حلب. كذلك نشرت صفحة الإعلام الحربي الموالية لحزب الله فيديوهات تظهر عملية المسح العسكري التي يقوم بها الجيش السوري والميليشات التابعة له في احياء حلب بعد إفراغها من سكانها ووصفت الصفحة المشهد بـ”حملة تطهير حلب من الإرهابيين”.

استراتيجية روسيا في سوريا

رفع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغي نخب نجاح إستراتيجية روسيا في سوريا معتبراً ان ما حققته القوات الروسية الجوية هنالك منع تفكك الدولة السورية، وكشف شويغي عن ارقام الاهداف التي دمرتها قواته العسكرية في سوريا منذ إنطلاق العملية العسكرية الروسية عام 2015، وبحسب الارقام فقد إستعاد الجيش السوري سيطرته على ما يقارب 13000 ألف كيلو من مساحة سوريا وقتل السلاح الجوي الروسي 35 ألف مسلح. من جهة اخرى تحدث سفير بريطانيا السابق في روسيا أندرو وود لقناة “سي أن أن” الأميركية عن فشل الاستراتيجية الروسية في سوريا، وقال وود للقناة الاميركية أن بوتين نصب فخ له في سوريا ويحاول وضع يده على سوريا غير المزدهرة والمنكوبة.

 

 

السابق
الشيعة لم ينتفضوا لنبيهم: محمد ليس «السيد» ولا «النبيه»
التالي
الأوقاف الشيعية تدين الاعلام الذي يتهكم على الأديان