عن العسكريين المخطوفين: كيف وقع اللبنانيون في فخ « داعش»؟

فجأة ودون سابق إنذار، خرج الى العلن ملف العسكريين المخطوفين لدى"داعش"، علما ان الجيش اللبناني، الذي هو الوحيد المعنيّ بالملف، لم يكن بالصورة كما نقل. فمن جرّ الإعلام الى الإساءة للأهالي دون أن يدري؟ ومن المستفيد؟   

مشهد حزين يعود هذا الشتاء أيضا. وتغيب الفرحة عن وجوه أهالي عسكريين يدفعون ثمن تخاذل المعنيين في تحريرهم. فكما العام الماضي يجلس الأهالي والزوجات والأولاد يترّقبون خبرا مفرحا من جهة الخاطفين الذين يقبضون على مصيره ابنائهم منذ سنتين وأربعة أشهر تقريبا.

إقرأ أيضا: حسين يوسف لـ«جنوبية»: الإعلام لم يرحمنا وننتظر نتائج الفحوصات

فمنذ أيام لعب البعض لعبة خبيثة من خلال تسريب خبر مفاده ان صياديين وجدوا عددا من الجثث المقتولة في جرود “قارة”، وان الجيش يجري فحوص الحمض النووي للتأكد من هوية هذه الجثث.

وهنا إلتهبت النفوس والعقول، واختلجت القلوب متمنيّة الا تعود هذه الجثث لجنودنا. وحاول الاعلام المساهمة بالموضوع، فمنه من أساء ومنه من أحسن. ولم تخفّت الأقاويل التي تفصّل المعلومات، منها العثورعلى ثمانية جثث بلباس الإعدام الداعشيّ الأزرق، في مغارة في بلدة “قارّة” في جبال القلمون السورية، وأن إحدى الجثث مقطوعة الرأس، فيما سائر الجثث مصابة برصاصة في مؤخرة الرأس.

في هذا الخصوص، كتبت الزميلة ربى منذر في الجمهورية حول الملف فقالت “إن آخر المعلومات تقول انه عرض أحد الموقوفين المهمين والأساسيين في السجون اللبنانية، الاتصال بقيادة «داعش»، إذ إنّ أحد أقربائه مسؤول كبير في التنظيم في الرقّة، بهدف تسهيل ملفه، علماً أنّ اسم هذا السجين مرتبط بهجوم على الجيش، وقد تمّ الاتصال عن طريق طرف لبناني”.

وطلبت قيادة الجيش من الوسيط التأكيد على وجود العسكريين لدى «داعش»، إمّا عبر إرسال فيلم قصير لهم أو صوَر أو بعض المتعلقات الخاصة فيهم، إضافة الى التأكيد على ما إذا ما كانوا أحياء أو شهداء.

ورغم تراجع هذا الوسيط مرات عدة، ورغم تقديم الجيش التسهيلات لإنجاح هذه المبادرة، الا ان العمليات العسكرية ضد «داعش» في العراق وسوريا، التي لم تتوقف، عقّدت المفاوضات.

فالتسريبات تقول انه لا معلومة مؤكدة لدى قيادة الجيش من ان العسكريين اللبنانيين موجودون في الجرود، ولا أدلّة تشير الى أنهم نقلوا الى الرقة.

وحول ما أثير مؤخرا عن اكتشاف جثث تعود للعسكريين، يؤكد المصدر أنّ «علامات استفهام عديدة تطرح خاصة ان التسريبات التي نُشرت لاستثمار ملف الأسرى في الموضوع السياسي، بغية التعرّض لقيادة الجيش ولتوجيه ضربة لرئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة.

والسؤال هو كيف استطاع اثنان من آل جعفر الوصول الى منطقة “قارّة”؟، فوجودهما في المنطقة لم يكن بهدف الصيد، فربما كانوا من جماعة التهريب واكتشفوا الأمر صدفة.

فالمعلومات تقول ان تاريخ وفاة الجثث تعود الى ستة أشهر خلت، مما يعني انه لا يمكن ان تكون هذه الجثث للجنود المخطوفين، لأنّ هذه المنطقة لم تشهد وجودا لـ«داعش» منذ أشهر، ولم تشهد اشتباكات بين الطرفين، بل انه انسحب منها.

و في حال صحت المعلومات، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم يفاوض “داعش” على المخطوفين؟ ولماذ أعدم «داعش» العسكريين من دون التفاوض عليهم أو على جثثهم أو على أفلام تعود إليهم، ليحققوا المكاسب من خلالها؟”.

واللافت أنّ الجثث كانت ترتدي لباس الإعدام الأزرق الذي يعتمده «داعش»، فيما يبرز في الإعدامات السابقة للعسكريين أنهم كانوا يُعدمون في ثيابهم. وبحسب مصدر مطلع فأنّ أية قوة للجيش لم تدخل الى المغارة المذكورة.

وعلى عكس كل ما نشر، فإن الموقوف القيادي في «داعش» أحمد أموّن لم يقدّم أية معلومة حول مكان وجود العسكريين، فالتحقيق معه لم يوصل الى أية نتيجة. اضافة الى أنه لا وجود لأيّة جثث في المستشفى العسكري، والجيش لم يأخذ أيّة عيّنات من الحمض النووي لفحصها ولا علاقة له بكل ما يحصل الآن، فالموضوع بمجمله مرتبط بالمديرية العامة للأمن العام، التي استدعت عائلة أحد العسكريين وأطلعتها على أمر لازال مجهولا، والعائلة لازالت تتكتم حول الموضوع رغم أنّ أربعة جثث لم تتطابق مع الحمض النووي المأخوذ من العائلات اللبنانية.

إقرأ أيضا: حسين يوسف: المفاوضات بشأن اطلاق العسكريين تسير في منحى ايجابي

وبحسب المعلومات، تبيّن أنّ هناك صراعا داخل قيادة «داعش»، فلا تعيين لجهة محددة تسيّر عملية التفاوض، احيانا يزعمون أنهم ينتظرون موافقة أبي بكر البغدادي، وطورا يقولون إنّ أبا السوس في القلمون هو المسؤول عن التفاوض، فثمة تضارب حاد داخل فريقهم.

من هنا، يمكن الإستخلاص ان «داعش» حقق جزءاً ممّا أراده في هذا الملف، وبمساعدة بعض وسائل الإعلام اللبنانية دون أن تدري، فهذه الوسائل انجرّت وأساءت لمشاعر عائلات العسكريين.

 

السابق
ما حقيقة زواج عبد الرحمن الراشد من مذيعة العربية ريما مكتبي؟
التالي
حكومة الحريري: للمستقبل إدارتها ولحزب الله قرارها!