حكومة الحريري: للمستقبل إدارتها ولحزب الله قرارها!

ولدت حكومة الرئيس سعد الحريري والمحاصصة فيها "على السكين" كما هو العادة، غير ان كلمة السرّ كانت للوزراء المستقلين أو حصة رئيس الجمهورية، الذين أتوا كلهم حلفاء لحزب الله مما كسر التوازن السياسي فيها وجعله يميل بشكل كبير لصالح الحزب وحلفائه.

لم تتأخر الحكومة كثيراً، وجاءت ولادتها القيصرية على رغم العثرات والعقبات التي اعترضت ولادتها، والتي اعتبرت احياناً مقصودة من فريق معين لتطويع العهد، وممارسة الضغط على رئيس الوزراء المكلف، ولترجمة “انتصار حلب” في الداخل اللبناني.
وفيما يُنتظر ان تعقد الحكومة جلستها الاولى برئاسة عون في قصر بعبدا الأربعاء المقبل، حيث ستُلتقط لها الصورة التذكارية، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ “السفير” ان صياغة البيان الوزاري لن تكون صعبة ولن يستغرق إنجازها وقتا طويلا”.

اقرأ أيضاً: وزير شؤون المرأة .. رجلٌ: زمن العجائب!

وقد توقف مصدر اطّلع على الاتصالات التي سبقت تأليف الحكومة عند التشكيلة الوزارية، فقال لـ”الجمهورية”: “لقد استطاع بري و”حزب الله” فرض رأيهما بتأليف حكومة ثلاثينية، وتمكنا من انتزاع مواقع اساسية فيها كحقيبتي “الدفاع” و”العدل”، وهناك اكثر من “ثلث معطّل” لفريق 8 آذار فيها. وفي المقلب الآخر، تقاسم رئيس الجمهورية و”القوات” الحصة المسيحية واستطاعت “القوات” إبعاد حزب الكتائب فيما لم ينجح عون في إبعاد تيار “المردة”.

واعتبر المصدر “انّ الحكومة مؤشر الى انّ قانون الانتخاب الجديد سيكون مبنياً على النظام النسبي، وقد سبق ان اعطى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الضوء الاخضر في شأنه”.

من جهة ثانية، اعتبرت “السفير” انه في الانطباعات الاولى التي تكونت لدى أوساط سياسية متابعة، أن التركيبة الحكومية تضم مزيجا من الصقور والحمائم والتكنوقراط والثوابت، في خلطة غير متجانسة، توحي بأن التعايش بين مكوّنات مجلس الوزراء لن يكون سهلا، لا سيما إزاء القضايا الخلافية.
في “تشريح” الاسماء، ظهر لـ”السفير” ان الخط الاستراتيجي لـ8 آذار أوصل الى الحكومة “قوة ضاربة”، تكاد تكون على يمين “حزب الله”، وتضم على الاقل اربعة وزراء هم:
سليم جريصاتي المعروف بمعارضته الشديدة للمحكمة الدولية ومسارها. وهو حصل على وزارة العدل، مع ما تحمله هذه الحقيبة من دلالات قياسا الى طبيعة موقفه من “المحكمة”.

السراي الحكومي
يعقوب الصراف الذي كان أحد الوزراء المحسوبين على الرئيس اميل لحود في عهده، واستقال تضامنا مع المكون الشيعي في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، احتجاجا على تجاوز البعد المحلي للمحكمة الدولية والذهاب مباشرة الى مجلس الأمن، فإذا به يعود اليوم الى الحكم وزيرا للدفاع.
يوسف فنيانوس المصنف من بين صقور “تيار المردة” والمتخصص في التنسيق مع “أمل” و “حزب الله” والقيادة السورية، وقد نال حقيبة “الاشغال” التي كانت “القوات” قد حاولت انتزاعها، وهو الذي برز اسمه أكثر من مرة في ملفات متصلة بالمحكمة الدولية.
رئيس “الحزب السوري القومي الاجتماعي” علي قانصو المعروف بخياراته الحاسمة وتحالفه مع المقاومة ودمشق.
وعلى عكس “السفير” التي لاحظت أن الرئيس سعد الحريري نال “حصة الأسد” في الحكومة، رأت “الأخبار” أن الحريري توج مسلسل هزائمه السياسية، ومن خلفه المحور الإقليمي الداعم له، بترؤس الحكومة الاولى في عهد عون. حكومة لا يملك فيها الحريري الثلث المعطّل، وتضمّ أكثرية خصومه، وأسماء لطالما رأى فيها استفزازاً له ولإرث والده الرئيس رفيق الحريري
واعتبرت “الأخبار” أن تباكي الحريري بعد إعلان مراسيم تشكيل الحكومة أمس، على مدينة حلب، سوى الوجه الآخر للخسارة المدويّة التي مني بها وفريق 14 آذار، بعد تشكيل الحكومة.
وأضافت :”هي سخرية القدر، أو سخرية الأخطاء المستمرّة في الحسابات والرهانات على تحوّلات الإقليم والارتهان للخارج منذ شباط 2005، ما أوصل الحريري إلى هذه النهاية: حكومة يرأسها الحريري صاحب أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني، ولا يملك فيها ثلثاً ضامناً من دون اضطراره إلى مراضاة حزب القوات اللبنانية المتحالف مع رئيس الجمهورية.
في المقابل، ليست القوات اللبنانية بأفضل حالاً، بحسب “الأخبار”، مع أنها حازت حصة تفوق حجمها، لكنّ مسار التنازلات القواتية لا يقلّ “انهزاماً” عن مسار الحريري. في البدء، كانت كلمة القوّات، بناءً على اتفاقها مع التيار الوطني الحرّ، أن تنال بالتساوي ما يناله التيار، ومن ضمنه طبعاً حقيبة سيادية من الحقائب الأربع. فشلت في انتزاع الحقيبة السيادية، وتنازلت عنها لمصلحة وعدٍ آخر من الحريري بالحصول على حقيبة الأشغال. ومن قال إن الرئيس نبيه برّي في وارد التنازل عن هذه الحقيبة؟ ولمصلحة القوات؟ على عكس الحريري، ترجم برّي وحزب الله التزامهما الصادق مع حليفهما فرنجية بتمثيله بحقيبة ترضيه.

اقرأ أيضاً: الديمقراطية وحاكمية الله

وخلصت “الأخبار” في مزاعمها إلى ان الحريري تنازل لثلاثة عوامل: الاول، الوضع الإقليمي الذي لا يسير لمصلحته، والثاني، وضعه المالي الذي يزداد سوءاً بعدما صدر أمر تنفيذي عن محكمة في الرياض، قد يمكّن رافع الدعوى عليه من الحجز على طائرته الخاصة إذا حطّت في أحد مطارات السعودية. أما الثالث، فهو تصلّب الرئيس ميشال عون الذي أوصل إلى الجميع رسالة مفادها أنه لن يمانع أن تُشرف حكومة تصريف الاعمال على الانتخابات النيابية المقبلة، إذا فكّر أحد في فرض شروط عليه.

السابق
عن العسكريين المخطوفين: كيف وقع اللبنانيون في فخ « داعش»؟
التالي
300 ألف مطلوب لخدمة الإحتياط في الجيش السوري